مجلة البعث الأسبوعية

ريشتنا الطائرة تبحث عن ذاتها والعودة للأجواء العربية تحققت!

“البعث الأسبوعية” ــ عماد درويش

من منا لا يتذكر الأبطال الذين مروا على لعبة الريشة الطائرة التي كانت “بيضة القبان” في أي مشاركة خارجية لرياضتنا، إذ سيطرت “اللعبة” على البطولات العربية والمتوسطية كافة لثلاثة عقود من الزمن بواسطة مجموعة كبيرة من اللاعبين واللاعبات، لكن لم يكن أحد يتوقع أن تشهد ريشتنا هذا التراجع المخيف منذ عشر سنوات حتى الآن لتصل إلى حال يرثى لها، ما دعا الكثيرين من الأبطال والبطلات لـ “هجرها”.

وإذا أردنا أن نسرد أسباب هذه الحالة الكارثية نجد أن بعضها يعود لظروف خارجة عن الإرادة، بينما أسهمت الإدارة غير الصحيحة في بقية الأسباب.

 

غياب تام

بعض كوادر اللعبة أرجع التدهور الذي طالها إلى ظروف الأزمة التي أدت إلى عدم المشاركة في البطولات الخارجية، إضافة لرفض المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام – السابق – المشاركة في الكثير من البطولات؛ وحتى البطولات المحلية لم يستطع الاتحاد إنجازها بسبب التوجيهات غير المدروسة التي تلقاها، ما ساهم في إضعاف اللعبة وتراجع مستواها، ونتيجة لتلك الظروف لم يتح للاتحاد فرصة تحقيق رؤيته لتطوير اللعبة؛ أما البعض الأخر فرأى أن الإدارة السيئة من أسماء مرت وظلت لزمن طويل في أجواء اللعبة، سواء ضمن اللجان الفنية بالاتحاد أم من يقوم بتدريب المنتخبات الوطنية، في حين هناك لاعبون مثلوا منتخبنا الوطني، لكنهم لم يأخذوا فرصتهم في الإدارة والتدريب رغم امتلاكهم للفكر المتطور.

 

أصداء مفرحة

اتحاد اللعبة الحالي أدرك “متأخراً” أهمية العودة بريشتنا لسابق عهدها، فوضع خطة متكاملة تتضمن دورات لصقل وتأهيل مدربين قادرين على صناعة أبطال بدلاً من تخريج دورات تعلم المبادئ الاولية، إلى جانب إقامة دورات صقل للحكام للوصول بهم إلى مرتبة الحكام الدوليين، كما عمد إلى إقامة معسكرات لمنتخباتنا الوطنية من الأعمار الصغيرة في المحافظات كافة، استعداداً للمشاركة في بطولات الاتحاد العربي بعد انقطاع لسنوات طويلة، فالمشاركة في البطولات التي تنضوي تحت مظلة الاتحاد العربي أعطت أصداء مفرحة وإيجابية، كونه – أي “القرار” – كان تأكيداً على المكانة التي تحظى بها ريشتنا، والتي ساهمت في انتشار اللعبة واتساع رقعتها في الوطن العربي ودورها الكبير في إغناء الريشة العربية بالكثير من الخبرات التدريبية والإدارية واللاعبين، وحتى هذه الأيام ما يزال عدد جيد من المدربين الوطنيين يسجلون نتائج جيدة للدول العربية التي أوصلوها إلى مستوى المنافسة.

 

تطور ‏ملحوظ

وفي هذا السياق، يرى مدرب منتخبنا الوطني أحمد السواس أن تراجع المستوى العام للعبة له أسباب عدة، منها – على سبيل المثال – الهجرة الكبيرة للمدربين واللاعبين، وعزوف بعض اللاعبين واللاعبات عن ممارسة اللعبة، مبيناً أن الاتحاد يحاول العمل على عودة اللعبة لمكانها الطبيعي، ومن أجل ذلك تمت دعوة أبرز لاعبي ولاعبات الفئات العمرية لمعسكرات مغلقة، وهم المصنفون ببطولات الجمهورية للعام الماضي والحالي، والغرض من المعسكر الإعداد البدني العام وتنمية وتطوير الخصائص والصفات البدنية العامة بهدف الإعداد البدني الخاص والمهاري باللعبة وبرمجة وتحسين تقنية الحركة وتقنية التوافق بين الحركة والضربات وتطور مهارات اللاعبين عبر تمارين خاصة ومركبة.

مضيفاً: شهد المعسكر تطوراً كبيراً بمستوى اللاعبين، وتم في نهاية المعسكر إجراء مباريات تصنيف اللاعبين واللاعبات كل حسب فئته، ثم مباريات مفتوحة لكل اللاعبين دون تحديد الفئة؛ ومن خلال التدريبات بات جميع اللاعبين بسوية واحدة مع أفضلية لفئة تحت 13 عاماً الذين تميزوا وحققوا أكثر من حدود التوقعات ونعتبرهم أمل ومستقبل اللعبة في البطولات القادمة.‏

 

خطة جديدة

أما أمين سر الاتحاد إياد محمود فأشار إلى أن تراجع اللعبة يعود بسبب الأوضاع العامة التي كانت سائدة في ظل مكتب تنفيذي “سابق” غير متعاون مع اللعبة من كافة النواحي “مستلزمات اللعبة وإقامة معسكرات خارجية وداخلية”، ووضع العراقيل في وجه تطور اللعبة.

وأضاف محمود: حالياً، بدأنا مرحلة مختلفة مع قيادة رياضية جديدة، وتم وضع خطة من أجل النهوض باللعبة وتطويرها وعودتها للمشاركة في المحافل العربية والدولية، ولكي نصل إلى تلك البطولات عمدنا إلى إقامة البطولات المحلية ليتم انتقاء عناصر المنتخب الوطني، لكن فيروس كورونا زاد “الطين بلة”، وأوقف كل تلك النشاطات والبطولات المحلية؛ ورغم ذلك استغلينا فترة التوقف بشكل إيجابي عبر إرسال تعليمات لكافة اللاعبين واللاعبات ليتدربوا في منازلهم ضمن خطط وبرامج محددة، ومن ثم عمدنا لدعوة المميزين لإعادة تأهيلهم فنياً وبدنياً عبر معسكر مركزي أقيم في دمشق لمدة شهرين، ولأعمار 13 و15 و17 سنة؛ ولم يقتصر الأمر عند ذلك، بل أقمنا دورات صقل وترقية للكوادر التحكيمية والتدريبية، فلدينا مدربون على مستوى عال لكن التحكيم لدينا متراجع بسبب هجرة الحكام القدامى والمخضرمين والأوضاع السيئة وعدم وجود بطولات محلية، والاتحاد بصدد وضع خطة جديدة بمنهاج جديد ومواكبة كل جديد طرأ على قانون اللعبة دولياً.

وختم محمود حديثه قائلاً: كل هذه الأمور وغيرها من إنشاء جيل من الشباب يصب في مصلحة اللعبة، ومن شأنه أن يعيدها لسكتها الصحيحة كلعبة متطورة بأسلوب عصري حديث ومواكب للتطورات العالمية بهمة وتعاون الجميع.