رأيصحيفة البعث

على لسان جيفري

محمد كنايسي

هل كان الرئيس ترامب يريد حقاً سحب القوات الأمريكية المحتلة من سورية؟، سؤال لا بد من طرحه بعد أن أورد موقع “ديفنس وان” قول جيمس جيفري المبعوث الأمريكي السابق إلى سورية في عهد ترامب إنه “في المرتين التي قرر  الرئيس فيهما (2018-2019) الانسحاب جئناه بأفضل الحجج لإبقاء القوات ونجحنا في المرتين”، ويؤكد الموقع أن ترامب وافق رسمياً السنة الماضية على إبقاء عدة مئات حوالي 200 إلى 400 جندي أمريكي كانوا متموقعين شمال شرق سورية للسيطرة على النفط ، لكن الموقع يؤكد أن العدد المرجح هو 900 مع إقراره بعدم معرفة الرقم الدقيق. والمهم حول هذا الموضوع هو إقرار جيفري بأن فريقه ظلل كبار القادة العسكريين بشأن حجم القوات الأمريكية في سورية، ونفيه وجود قرار بالانسحاب منها، بل واعترافه بأن واشنطن تبحث  عن الذرائع والمبررات للبقاء. فهل يعقل أن يتبجح ترامب بهزيمة “داعش” ويعلن الانسحاب مرتين ليتم إقناعه هكذا وبكل سهولة بالتراجع؟!. وهل كان  السبب الحقيقي للتدخل العسكري الأمريكي هو محاربة “داعش” كما كان ترامب يردد،  بينما كانت قواته تقوم على العكس بحماية الإرهابيين ومساعدتهم على محاربة الجيش العربي السوري وحلفائه؟!، وبماذا نفسّر توجه إدارة ترامب إلى اعتبار أن  التنظيمات التي تقاتل الجيش وحلفائه لا تمثل خطراً إرهابياً رغم أنها تنظيمات ارهابية وفق التصنيف الدولي؟!…

مهما كانت الأجوبة، فإن جيفري لا يخفي ارتياحه الكبير لسياسة ترامب في المنطقة، فهي التي، في رأيه، أبقت على الهدوء خلافاً للسياسات المتغيّرة التي مارسها سلفاه، وهو لا يتردد في القول: إن إدارة ترامب نظرت إلى الشرق الأوسط بعدسة جيواستراتيحية، وإن ترامب حقق مأزقاً في الصراعات المختلفة الساخنة والباردة مما أنتج حالة هي أفضل شيء متوقع لأي قيادة، في منطقة مليئة بالفوضى والتقلّب، وخصوصاً سورية”، وهذا يعني أن جيفري يرى في واقع التقسيم والتناحر والصراع على المستويين المحلي والإقليمي، فضلاً عن احتلال الأرض،  ونهب الثروات وتجويع الشعوب، واقعاً مثالياً ينبغي المحافظة عليه، والمضي قدماً في استخدام القوى الارهابية التكفيرية والانفصالية في تحقيق المصالح الجيوسياسية والاستراتيجية الأمريكية.

فهل سيقيم الرئيس الجديد بايدن وزناً لدعوة جيفري له إلى السير على طريق سلفه.. وما المتوقّع من ترامب المنكوب بخسارة الانتخابات أن يفعل في الفترة المتبقية من ولايته؟. صحيح أن بايدن ما زال يعيش نشوة الانتصار، لكن في انتظاره تركة سياسية داخلية وخارحية ملغومة خلفها له سلفه،  ولن يكون من السهل عليه التغلب عليها وعلى آثارها.. أما ترامب المهزوم فهو كما يبدو مستعد لفعل أي شيء يبعد عنه شبح الهزيمة!