ثقافةصحيفة البعث

“الهيبة– الرد”.. فيلم هندي طويل جداً

يعود جبل شيخ الجبل، قاطع الطريق “الكيوت”، إلى سيرته النمطية ومتابعة مسيرته الحافلة بالخواء، كبطل لعمل بدأ الجزء الأول منه معقولاً قياساً للأجزاء الثلاثة اللاحقة والتي يُعرض رابعها هذه الأيام، فبعد النهاية المأساوية –كما يُفترض- له ولعائلته في الجزء الثالث، يكتشف الجمهور أن جبل عصيّ حتى على الموت، أما لماذا؟ فهذا بقي في سرّ الكاتب والمخرج والشركة المنتجة؛ تموت زوجته وطفله أما هو فيبقى حيّاً رغم أنه كان كما ظهر في الحلقة الأخيرة من الجزء الثالث، يحاول أن يحمي عائلته بجسده من الرصاص، لكن يبدو أن الرصاص يخترقه ولا يقتله بل يقتل من يحاول أن يحميهم بجسده، كيف لا وهو “جبل”! ثم تنقذه طفلة ترعى الماشية مع والدها، سمعت صوته ورأته يلوح بيده من السيارة الفخمة التي كان من المفترض أن تكون تابوته، بعد أن هطلت عليها كمية رصاص كفيلة أن تفجّر دبابة، لكنها –أي السيارة- بقيت على حالها خلا من بعض الثقوب، تنادي الطفلة والدها فيأتي ليساعد الشخص المحتاج للمساعدة، وهكذا نرى بالفلاش باك كيف نجا جبل وتمّ إسعافه، ثم كيف تمّت محاكمته وخروجه من السجن رغم أنه مطلوب لجرائم عديدة، خلال مدة زمنية غير معلومة الدلالة إلا بالنسبة لصنّاع العمل، الذي يظهر وبعد متابعة الحلقة الأولى منه وما تلاها، يرهقه التخبّط بالأحداث المفكّكة، والتي تعتمد بمجملها على انفعالات جبل ونواياه الخفيّة، دون أن يستطيع المشاهد أن يعرف كيف نجا جبل من المقتلة التي حيكت له بعناية بارعة، فإما أن العصابة التي نفّذت عملية الاغتيال هاوية ولا تعرف ما تفعل، أو أن القدر–شركة الإنتاج- هو من يريد لجبل أن يستمر في الحياة كما فعل في جزء سابق عندما تعرّض مع أخيه صخر لمحاولة اغتيال ينجوان منها أيضاً، واستثمار تلك المعجزات الركيكة الحبكة لنجاته من الموت المحتّم، من أجل بناء أجزاء جديدة من العمل لا معنى لها إلا في كونها معرضاً لظهورات النجم المحبوب جماهيرياً، تغيب عنها الحكاية، ويحضر فيها كما في باقي الأجزاء المطمطة والتهويم غير معروف السبب، تحت وطأة التشويق الخلبي والذي لا يفضي إلى شيء، (تشويق ع الفاضي)، حلقات عدة تمرّ و”جبل” يركض خلف كلبه في الجبال، بين البراري بشيء من الغموض الذي يُراد له أن يوحي بالعمق، وهو في الواقع لا عمق له لا في الحوار ولا في الأداء ولا في منطق الحكاية نفسها.

فالجزء الرابع “الهيبة الرد” ومن عنوانه يشير إلى طبيعة الحكاية، وهي محاولة جبل معرفة من خطّط لقتله وأسرته والانتقام، وتمضي الحلقات وجبل يركض خلف الكلب في كوادر جميلة لعين المشاهد لكنها لا تعني الحكاية ولا تخدمها–في حال وجدت- بأي شكل، ثم نراه وقد تآلف مع بعض قُطاع الطرق الآخرين الذين يتكلمون اللهجة البدوية، والذين صاروا من أزلامه من غامض علمه!، كيف لا وخير المعلم جبل على الجميع، خير لا نعرف عنه شيئاً إلا بالإشارات والرموز والألغاز والأدعية، التي تخرج من الناس له، الذين يتجمّعون حوله ما أن يظهر باعتباره كبير الهيبة، حتى يطلبون إلى الله أن يوفقه في مهامه كزعيم عصابة له مبادئه التي لا يحيد عنها في هذه المهنة “الشريفة”، ثم وبعد عدة حلقات من طخطخة الرصاص في الساحة العامة من قبل شاهين -ابن عم جبل- والذي بدوره مات وعاش في أجزاء سابقة، ثم تزوّج من أخت جبل وأنجب منها.

وبعد ظهورات للكبير الذي تغيّرت هيئته قليلاً، بعد أن طال شعر لحيته وصار يضع غطاء على رأسه لكنه بقي وسيماً، خصوصاً وأن مرحلة العلاج من الإصابة بالرصاص لم تترك فيه ندبة واحدة، ولم تغيّر محاولة الاغتيال في شخصيته وطبيعتها التي تتعمّد إظهار الهدوء المبالغ فيه، وهو يحوم حول بيت العائلة التي تحيا في ضياع وانتظار في غيابه المفترض، رغم وجود الأم صاحبة الشخصيّة القوية والأخ الطائش صخر، والذي يبدو أنه لم ينضج رغم كل المآسي التي تعرّض لها، ويده والمسدس كما يقال في أي شأن مهما كان تافهاً، أو حتى تتغيّر مواصفاته الشكلية، وجبل يراقب من بعيد ماذا يجري دون أن يشعر به أحد، رغم أن بيت العائلة مطوّق بالحراس وكاميرات المراقبة من كل حدب وصوب، لكنه جبل وهكذا يريد المخرج.

وبعد عدة حلقات تمهيدية لعودة جبل الأسطورية كما يفترض، يظهر “نمر” –أدى دوره الممثل الكوميدي ومقدّم البرامج الساخرة “عادل كرم”-، ليجعل من الهيبة مقراً لصناعة الحبوب المخدّرة، ويبدأ بالعمل على أن يكسب أبناء الهيبة لمصلحته، من خلال مشاريع تنموية يعد بها أهل الهيبة، بينما يسعى في الكواليس مع الوجه النسائي الرابع، الذي يجب أن يظهر حيث يكون جبل، للتخلّص منه لتحقيق مشروعه، وهذه المرة وقع الاختيار على الفنانة ديمة قندلفت، بعد كلّ من نادين نسيب نجيم، ونيكول سابا، وسيرين عبد النور، ولكن لا لتكون حبيبة لشيخ الجبل، بل هي ابنة خاله التي جاءت لتنتقم منه بعد قتله والدها. وهنا لا بد من الحديث عن “الكاستينغ” وعدم صوابية خيار انتقاء ممثل كوميدي ليكون نداً لزعيم الهيبة الجريح والمطعون، فلا صوته المستعار ولا الأداء الذي قدّمه على مستوى الأفعال وردودها، يجعله مؤهلاً للعب الدور الضعيف أساساً، عدا عن شخصيته الهزلية المطبوعة في ذهن الجمهور، حتى أنه عندما يتحدّث بعصبية يظهر وكأنه يبتسم، إلا أن محاولاته في استمالة الناس لمصلحته تبوء بالفشل، بعد أن يقرّر جبل الظهور للعلن بعد طول اختباء خلف الأشجار والجدران والركض خلف الكلب، فيستقبله أهل القرية التي خسرت العديد من أبنائها بسبب “خير” جبل عليها، بحفاوة كبيرة، كيف لا وقد عاد زعيم الهيبة، الذي تتجلّى زعامته من جديد، في قدرته على تهريب قاتل من سجن شديد الحراسة، بعملية سمجة أسهل من شربة ماء.

هذه الأحداث التي يتابعها الجمهور حتى الآن في الجزء الرابع من مسلسل الهيبة، المسلسل الذي لا حكاية له ينهض عليها، فالاعتماد هنا هو على نجومية “تيم حسن” التي تمّ استهلاكها تماماً، وعلى أحداث المفترض أنها تشويقية باعتبار أن العمل من نوع “دراما رومانس- أكشن”، لكنها لا تمّت للتشويق بصلة!.

تمّام علي بركات