تحقيقاتصحيفة البعث

بعد توقف لسنوات.. فرع طرطوس للري الحديث يستهدف إرواء أكثر من 100 هكتار

بعد عشر سنوات من التوقف لأسباب مختلفة، منها الحرب والحصار الاقتصادي الظالم، وبعد سلسلة من الاجتماعات والقرارات المركزية التي تصبّ في إعادة النظر بالسياسة الزراعية ومنحها الدعم اللازم، وإيلاء الري الحديث العناية والرعاية والاهتمام اللازم، يستعد فرع الري الحديث بطرطوس لإطلاق خطة برنامجه للعام ٢٠٢١ الذي يستهدف إرواء أكثر من 100 هكتار.
وبحسب المهندس ياسر محمود مدير الفرع فإن خطة البرنامج أتت انسجاماً مع تعليمات الوزارة للاستثمار الأمثل لكل قطرة مياه، وعدم الاستنزاف الزائد للموارد المائية الناجم عن زيادة الطلب على المياه وتوسّع رقعة الأراضي المروية ومحدودية الموارد المائية وتكرار سنوات الجفاف، الأمر الذي أدى إلى تناقص كبير في كميات المياه المتاحة.

تمويل ذاتي
تستند عملية التحوّل للري الحديث إلى عدد من القوانين والمراسيم، منها المرسوم  \91\ لعام 2005 المتضمن إحداث صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول للري الحديث في وزارة الزراعة، إضافة للقانون رقم \20\ لعام 2010 المتضمن قانون إلزامية التحول للري الحديث.
وبخصوص المساحة المروية في المحافظة قال محمود: إن المساحة المروية سابقاً حوالي \29064\ هكتاراً والمساحة المحولة حديثاً \10250\ هكتاراً بتمويل ذاتي من الفلاحين ومن فرع الري الحديث، في حين تبلغ المساحة المتبقية حوالي \18804\ هكتارات وتحتاج للتحول للري الحديث على مختلف أنواع المصادر المائية من ينابيع وأنهار وآبار ارتوازية مرخصة، حيث بلغت المساحات المحولة للري على الأنهار والينابيع \1616\ هكتاراً وعلى شبكات الري الحكومية المضغوطة \6366\ هكتاراً والمرفوعة /7100 /هكتار.

جداول اسمية
وبالنسبة لخطة العام القادم أشار محمود إلى أن المساحة المستهدفة تبلغ \100\ هكتار من الري التقليدي إلى الري الحديث، ويتمّ حالياً التنسيق مع مديرية الزراعة وذلك بعد صدور تعليمات اللجنة العليا للتحول للري الحديث وموافقة الوزارة بإعادة العمل لتنفيذ خطة 2021، وقد تمّ إعداد جداول اسمية من قبل المرشدين المائيين في الوحدات الارشادية وتوزيعها حسب نوع الزراعة وطريقة الري والمصدر المائي والمساحة المروية ليتمّ التحول للري الحديث بوضع خطة زمنية للتنفيذ وفق المزايا الجديدة، وهي نسبة الدعم 50% في حال كانت الشبكة نقداً ونسبة الدعم 40% في حال كانت الشبكة قرضاً من المصرف، على أن تدفع نسبة 60% من قبل المزارع على خمس سنوات، منها سنتا سماح في البداية، إضافة لذلك يقوم الفرع من خلال المهندس الدارس في الفرع بإعداد الدراسة الفنية مجاناً، ومن ثم الإشراف على التركيب والتحقق من جودة المواد (مستلزمات الشبكة من أنابيب وإكسسوارات.. وغيرها)، وشرح طريقة الري. ويتمّ حالياً استقبال طلبات المزارعين للحصول على شبكات الري الحديث بعد إنجاز دراسة \14\ طلباً سابقاً، ووصول لائحة الأسعار من قبل الوزارة والتواصل مع الشركات الوطنية التي سيتمّ التعاقد معها من أجل عمليات التوريد والتركيب.

وبخصوص الإجراءات والأوراق المطلوبة، أوضح مدير الفرع أن الأوراق المطلوبة تتضمن بيان المساحة ومستند الحيازة: (بيان قيد– حصة سهمية– وضعية يد- بيان انتفاع– عقد إيجار) إضافة لرخصة المصدر المائي من قبل الموارد المائية وتنظيم زراعي من الوحدة الإرشادية. ويأمل محمود أن يتمّ إقبال المزارعين على ضوء المزايا التي يقدمها المشروع الوطني والتسهيلات المقدمة من قبل اللجنة الفرعية وسرعة إنجاز الطلبات المقدمة، حيث يعتمد نجاح المشروع على ثلاثة أسس: الدراسة الأولية من زراعية ومناخية وهندسية، والتصميم والتنفيذ، وإدارة المشروع بشكل جيد، لافتاً إلى أن سقوف التمويل مفتوحة بغض النظر عن المساحة المحققة وغيرها من الكلف المالية.

التحدي الحقيقي
بكل الأحوال، فإن سياسة التحول للري الحديث تعتبر تحدياً حقيقياً للقائمين على السياسة الزراعية في محافظة طرطوس، نظراً لجملة من المعوقات والصعوبات التي تعترض تنفيذها وتحتاج لإعادة النظر بالكثير من الإجراءات والبلاغات التي تحكمها التعليمات والأنظمة المركزية، ومنها ما يخصّ آليات منح التراخيص للآبار وضرورة ترخيصها من قبل مديرية الموارد المائية، ولاسيما إذا ما علمنا بوجود العديد من الآبار غير المرخصة وهي لأسباب عديدة لم يتمّ منحها التراخيص المطلوبة وباتت تشكل عائقاً أمام التحول للري الحديث، لذا فإن المطلوب إعادة النظر بها ومنحها التراخيص النظامية لكي يستفيد أصحابها من مزايا المشروع الوطني للتحول للري الحديث، كونها تسبّب هدراً في المياه وأمراً واقعاً غير معالج، كما أنه من المفيد التوسّع في تغطية المساحات المستهدفة جغرافياً بحيث تشمل كافة المناطق ومنها منطقة القدموس التي تنعدم فيها مصادر المياه، ويعتمد فيها الفلاحون على خزانات تجميع المياه وتنتشر فيها زراعات التبغ والقمح بالدرجة الأولى، وهما يشكلان المصدر الوحيد لاستمرار مقومات الحياة في هذه المنطقة التي كانت تُسمّى سابقاً بالقرى العطشى رغم أنها تنام فوق الغيوم المشبعة بالمطر الذي يضيع بين أوديتها السحيقة!.

لؤي تفاحة