مجلة البعث الأسبوعية

الكاراتيه بين مقترحات ومشروعات التطوير المستقبلية وصعوبات الواقع المزمنة

“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر

إن كانت كرة القدم هي اللعبة الشعبية الأولى في سورية والعالم، فبالتأكيد تمثل الكاراتيه اللعبة الجماهيرية الأولى في بلدنا، أو بتعبير أكثر وضوحاً الأكثر ممارسةً، وربما يرجع ذلك لأنها أقدم الألعاب القتالية التي دخلت سورية، وبدرجة ثانية لأن التسويق لها كان أفضل بدرجات عن شقيقاتها، ولكن لم لم نلحظ تحقيق إنجازات كبيرة في هذه اللعبة؟ ولم اقتصرت على أزمنة متباعدة وطفرات من اللاعبين؟ ولم لم يستطع اتحاد اللعبة وضع آلية تكفل تذليل العقبات التي تقف في وجه ذلك؟

 

الهيكلية التنظيمية

تعتبر الهيكلية التنظيمية العمود الفقري لنجاح أي اتحاد في عمله، ويمكن لأي زائر لاتحاد اللعبة الاطلاع على التفاصيل التنظيمية والأرشيفية الدقيقة التي جهد القائمون على اللعبة خلال السنوات العشر الماضية لصياغتها وحفظها، فأين هي الحلقة الناقصة في هذه المعادلة؟

يجيب رئيس اتحاد اللعبة جهاد ميّا: الخلل ليس في المركز وإنما في الفروع، فبعد أن قمنا بجولات ميدانية للاطلاع على الحالة الفنية لكوادرنا في المحافظات، وخلصنا إلى أن الهيكلية التنظيمية التي تمّ ترسيخها في اتحاد اللعبة خلال السنوات الخمس الماضية لم تكن متواجدة، واللجان المنبثقة عن اتحاد اللعبة بعيدة كل البعد عن واقع اختصاصها، كما أنها لم تضع اتحادها بحقيقة وواقع كوادرها، ونسبة كبيرة من هذا الترهل يعود للظروف التي مرت بها هذه المحافظات، وفور عودتنا قمنا بعقد عدة اجتماعات لوضع حلّ مناسب من شأنه مع مرور الوقت وإلزام المسؤولين تقليل الفجوة مع باقي المحافظات، حيث سنقوم بإعادة دراسة اللجان الرئيسة ووضع أهداف لها وتكليف أعضاء الاتحاد المشرفين على المحافظات بمتابعة تنفيذ هذه الخطة لتستقر الأمور تنظيمياً وإدارياً.

 

الكم ثمّ النوع

وبحسب ميا فإن من الطبيعي أن تتأخر النتائج إذا كان الاتحاد قد بدأ عمله من نقطة الصفر، فمنذ قدومنا إلى الاتحاد وبعد تقييمنا لوضعه كان الهدف الأول هو زيادة كم الكوادر، أما الآن فنحن نركز على النوع لقطف ثمار ما نجحنا في تأسيسه، حيث اتبعنا مراحل بناء وتأهيل الكوادر البشرية من مدربين وحكام ولاعبين ولجان ومسابقات بطولات، تنظيمياً وإدارياً وفنياً، وهذا الأمر يمكن قراءته من خلال انتشار اللعبة على مستوى خريطة الجغرافيا السورية بكل المدن والأرياف.

هنا أوضح رئيس لجنة المنتخبات، معتز أبو عليقة، أن من أهم الخطوات تجاه تطوير مستقبل اللعبة وتحقيق الإنجازات، إنشاء لجنة المنتخبات الوطنية، وهي لجنة حديثة لم تكن موجودة في الفترة السابقة، وكان يستعاض للقيام بمهامها بالاعتماد على الجهاز الفني ولجنة المدربين. لكن، ومنذ بداية من الدورة الجديدة للاتحاد، تم تشكيل اللجنة، ووضعت رؤية عمل عنوانها صناعة منتخب وطني بكافة فئاته، وعملها طويل الأمد حيث لا تستطيع بناء منتخب بين يوم وليلة وإنما تحتاج لوقت، لذا كان لزاماً علينا التفكير بشكل مستدام متسلحين بالعمل الدائم، حتى نستطيع بناء منتخب يستطيع رفع راية الوطن عالياً.

وأشار رئيس الاتحاد إلى أن أعمق جراحنا هي الأندية التي تعتبر الشريك الأساس في أي مشروع لبناء الأبطال في كافة الألعاب، وليس فقط في الكاراتيه، فبطل الجمهورية لا يتم متابعته من قبل ناديه بالشكل المطلوب، وعند انخراطه بأي تجارب لانتقاء المنتخب أو معسكر استعدادي يكون مستواه صفراً تقريباً، وهذا قبل كورونا وتوقف النشاط الرياضي، يضاف لذلك أن معظم الأندية أفرغت من الكوادر المميزة نتيجة سفر الخبرات الوطنية جراء الأزمة على مستوى المدربين والحكام وحتى اللاعبين وخاصة في فئة الشباب.

 

معسكرات داخلية

كما هو معلوم، يعسكر منتخبنا الوطني للفئات العمرية تحت 18 سنة وتحت 16 سنة في صالة الجلاء الرياضية في دمشق استعداداً للاستحقاقات القادمة، ويستمر المعسكر حتى نهاية العام، وانضم إليه 16 لاعباً ولاعبة، وسيصار لانتقاء عشرة لاعبين يكونون عماد مشاركاتنا الخارجية القادمة، فما هو وضع معسكرات الكاراتيه سابقاً وحالياً؟

يمكن القول أن المطلب الأكبر لكل الفاعلين في هذه الرياضة هو الإكثار من المعسكرات وتحسين مستواها، حيث أكد أبو عليقة أن عدم إقامة معسكرات طويلة الأمد لعب دوراً سلبياً جداً في تحقيق الإنجازات، حيث لم يكن يدوم أطول معسكر في الفترة السابقة لأكثر من شهر أو اثنين في السنة: شهر نقوم باستقدام اللاعب من ناديه، يأتي صفر الإعداد لا يقوم ناديه بعمل شيء له، لذلك عندما يدخل إلى المعسكر نبدأ بإعداده وكأنه مستجد إعداداً بدنياً وإعداداً خاصاً إضافةً لإخضاعه للفحوص والمباريات، لذا لا يمكن خلال مدة معسكر قصيرة كتلك إعداد لاعب على مستوى الفئات.. نحن مضطرون للعمل معه من الأساس، إضافة للعمل مع عدد محدد من اللاعبين، أي أن الخيارات محدودة، وفي أكثر الأحيان لا يوجد منافس لكل لاعب ما يغيب الحافز أثناء التدريب.

 

الخبرات الأجنبية

ويضيف أبو عليقة: تلعب الخبرات الأجنبية التي يمكن الحصول عليها سواء من المعسكرات الخارجية أو استقدام المدربين الأجانب الدور الأهم في عملية تطوير لاعبينا وحتى كوادرنا من مدربين وحكام، فالمعسكرات الخارجية مثل اللقاءات والبطولات الخارجية هي التي تطور اللاعب والمدرب، من خلال النظر والمتابعة والمشاهدة، فإن لم يتابع اللاعب أو المدرب من هو أفضل منه، أو لم يحتك معه، فكيف له أن يتطور؟! وللأسف، هناك على مدار السنة مشاركتان فقط، فألعاب القوة بشكل عام ألعاب تتطور بالاحتكاك، فمهما كان مستوى التدريب واللعب إذا لم يؤمن الاحتكاك مع من هو أفضل لا يمكن أن يحدث التطور في السوية، والاتحاد وضع في خطته مراسلة العديد من الدول الصديقة والقوية باللعبة، كإيران ومصر، وإذا أردنا صناعة منتخب قادر على المنافسة الآسيوية ثم الأولمبية فنحن بالتأكيد بحاجة إلى الخبرة الأجنبية، فخبراتنا الوطنية لديها سقف وصلت إليه لا يتناسب بتاتاً مع طموحاتنا وآمالنا، لذا نحن بحاجة لهذه الخبرة لتطوير المنتخب والمدربين وليس فقط مدربين للمنتخب وإنما لكافة الأندية وبالتالي تكون النتيجة عامة ومضاعفة.