ليس أوانه..!
أليس غريباً ما تتحضّر وتسعى له وزارة النقل لتنفيذ مشروع استبدال لوحات السيارات والمركبات العامة والخاصة والحكومية لتتماشى مع نورمات اللوحات العصرية الحديثة؟!..
أليس معلوماً أن تنفيذ مشروع كهذا يحتاج ويستدعي الكثير من الأعمال اللوجستية والتحضيرية والتكاليف، وتحشيد الكادر الإداري واستنفاره إلى أبعد الحدود, عدا ما ينتظر أصحاب السيارات ومالكيها من أعباء مالية غير محسوبة وظروف يصعب الإحاطة بها والتكهّن بتداعياتها لاستبدال لوحات مركباتهم من انتظار وتزاحم على أبواب أماكن استبدال اللوحات, ولاسيما أننا نعيش زمن “التباعد المكاني, وبيتك أمانك, وخليك بالبيت”، وضغط الأعباء المادية التي أرهقت كاهل الناس على اختلاف مستوياتهم.
إن مشروع استبدال اللوحات يوحي وكأننا أنجزنا كامل التزاماتنا وأولوياتنا النقلية التي يفرضها الواقع ومنعكساته المتغيّرة المتبدلة, وحدّثنا أسطول سياراتنا المتداعي ولم يبق أمامنا سوى رتوشات بسيطة حتى تكتمل الصورة!.
صحيح أن مشروع استبدال اللوحات سيؤمّن وارداً مالياً مهماً لخزينة الدولة، لكنه في الوقت نفسه سيشكّل عبئاً مالياً على الناس الذين لا ينقصهم تحمّل المزيد من الضغوط والأعباء المالية والحياتية والمعيشية والصحية.
بتقديرنا، إن البحث عن مصادر جديدة لدعم وارداتنا المالية، تكون بعيدة عن المداخيل المحدودة، أمرٌ في غاية الأهمية وهو بمتناول الدولة وأجهزتها وأذرعها، وإلا سنبدو وكأننا منفصلون عن الواقع, ويأتي في غير سياقه الطبيعي وخارج أوانه ووقته.
ولعلّ الاشتغال على متابعة واقع أسطول سيارات النقل العامة المتردي والمتهالك ومعالجة مشكلاته والبحث عن الطرق الكفيلة بتحديثه أمرٌ يكتسب أولوية تفوق بكثير أولوية تبديل لوحات السيارات، فواقع النقل بين المحافظات والمدن وداخلها بما فيها النقل السككي والجوي لا يسرّ الخاطر أبداً، ويستدعي بل يتطلّب تدخلاً جدياً وحاسماً يستنبط الحلول التي تعيد الوهج والألق لقطاع النقل الذي بات يعاني ومرتادوه الأمرّين، وعندما نتمكّن من إنجاز وتحديث وسائل نقلنا، ولاسيما العامة والخاصة، سيكون استبدال لوحات السيارات حينها منسجماً مع الواقع.
باختصار شديد نقول: إن التريث في تنفيذ مشروع استبدال لوحات السيارات أولوية تفرضها ظروف البلد وما يمرّ به، وتأجيل الشروع به أمر صائب ويأتي في مكانه الطبيعي تماماً.
وائل علي