دراساتصحيفة البعث

هل يصلح بايدن أخطاء سلفه؟

ترجمة: عائدة أسعد

عن تشاينا ديلي

يعتبر إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن عن فريقه للسياسة الخارجية نبأ ساراً للعالم، الذي عانى بشدة من سياسة “أمريكا أولاً” التخريبية المدمرة التي اعتمدتها إدارة دونالد ترامب، ومن خلال تعيين أشخاص مثل الدبلوماسي توني بلينكين وزيراً للخارجية، يبدو أن بايدن يودع سياسة الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها، التي أثارت قلقاً كبيراً ليس فقط لمجتمع الأعمال، ولكن للعالم بأسره، وخاصة في انتهاك المعاهدات متعددة الأطراف والمنظمات العالمية أو الانسحاب منها.

مثل بقية العالم ترحب الصين بتعهد فريق بايدن بالعودة إلى التعددية، فدون الولايات المتحدة كلاعب رئيسي سيكون من الصعب على العالم مواجهة التحديات العالمية الحرجة مثل جائحة COVID-19 المستمرة، وتغير المناخ، والاقتصاد العالمي المتعثر، والحوكمة العالمية بعد الوباء.

من الواضح أن الإدارة الجديدة ترغب في استعادة الولايات المتحدة للقيادة العالمية، لكن مثل هذه الطموحات يمكن أن تتحقق فقط عندما تعمل الولايات المتحدة مع جميع البلدان وليس مع حلفائها فقط، فقد أوضح حلفاء الولايات المتحدة من أوروبا إلى آسيا أنهم لا يريدون أن يضطروا للاختيار بين الصين والولايات المتحدة.

إن التركيز على الدبلوماسية من قبل فريق السياسة الخارجية لبايدن بمثابة عودة إلى الحياة الطبيعية، حيث يشير تعيين وزير الخارجية السابق جون كيري كمبعوث رئاسي للمناخ بمقعد في مجلس الأمن القومي إلى أن الإدارة الجديدة جادة في إعادة الانضمام إلى اتفاق باريس، والوفاء بتعهداتها بشأن حيادية الكربون.

كما يعد التعاون الفعال بين الولايات المتحدة والصين لمكافحة تغير المناخ أمراً حيوياً نظراً لأن البلدين أكبر مصدرين للانبعاثات، وكذلك هما القائدان في مجال الطاقة النظيفة، وإذا تمكنت الصين والولايات المتحدة من التعاون في الاستجابة للوباء وتغير المناخ والحوكمة الاقتصادية العالمية والاتفاق على قيادة التعافي الاقتصادي العالمي فسوف يساعد ذلك في بناء التفاهم والثقة المتبادلين اللذين تشتد الحاجة لهما بعد تدهور واضح بسبب الدفع المتهور للإدارة الأمريكية الحالية لحرب باردة جديدة ضد الصين.

وبهذا المعنى لدى الإدارة الأمريكية الجديدة الكثير لتفعله لإصلاح أخطاء ترامب الفادحة، ابتداء من التعرفات العقابية على السلع الصينية، والحظر على شركات التكنولوجيا الصينية، إلى اضطهاد وسائل الإعلام الصينية والصحفيين المقيمين في الولايات المتحدة، ومعاهد كونفوشيوس التي تدرس اللغة الصينية والثقافة.

وفي مقابلته مع شبكة إن بي سي نيوز يوم الثلاثاء الماضي قال بايدن: إن رئاسته لن تكون “ولاية ثالثة لأوباما”، ولكن فيما يتعلق بالعلاقات الصينية الأمريكية يجب إحياء آليات الحوار والتبادل التي أثبتت في الماضي فعاليتها في تحسين العلاقات الثنائية واستقرارها.

أيضاً يتوجب على بايدن ألا يستمر في لعب لعبة محصلتها صفر مع الصين كما فعل بعض أسلافه، وعليه أن يظهر الشجاعة لإنهاء الموجة الجديدة من “المكارثية” في المجتمع الأمريكي، وهي حملة صاخبة ضد الشيوعيين المزعومين في الحكومة الأمريكية، والمؤسسات الأخرى التي نفذت في عهد السيناتور جوزيف مكارثي في الفترة 1950-1954، وتم وضع العديد من المتهمين في القائمة السوداء، أو فقدوا وظائفهم، على الرغم من أن معظمهم لم يكونوا في الواقع ينتمون إلى الحزب الشيوعي.

لا أحد ينكر أن الصين لديها الكثير للتحسين والتطوير على مختلف الجبهات، وأن معظم الصينيين يرحبون بالعالم للإسهام في تحسين أوضاع الصين طالما أن دافعه ليس كبح جماح صعود الصين، وخاصة أن الصين استفادت وتعلّمت الكثير من الولايات المتحدة وبقية العالم في أربعة عقود من حملة التحديث السريع.

يجب على الولايات المتحدة بقيادة بايدن والصين العمل معاً للدخول في حقبة جديدة من العلاقات الثنائية من أجل تحسين البلدين والعالم الخارجي.