ثقافةصحيفة البعث

جوائز “خير الدين الأسدي للتراث”.. د.ناهد كوسا: مبادرة ثقافية من مغترب محب لوطنه 

 بعد الإعلان مؤخراً عن الفائزين بجوائز علاّمة حلب خير الدين الأسدي لتوثيق التراث أكد د.ناهد كوسا المشرف على هذه الجوائز في حواره مع “البعث” أن هذه الجوائز التي تقدم سنوياً هي مبادرة شخصية مستقلة لا تدعمها ولا تمولها مؤسسات أو هيئات ولا حكومات ولا أحزاب وستبقى كذلك، وأن الهدف منها تشجيع أبناء الوطن على التوثيق وحفظ التراث، مشيراً إلى أنها تضم جائزة الأسدي لتوثيق التراث غير المادي لمدينة حلب ودمشق وجبلة والساحل السوري واللاذقية، وجائزة الأسدي لتوثيق التراث غيرالمادي بالتصوير الضوئي: الوشم، مراسم الوفاة، الحفلات الشعبية .. الخ”، وجوائز الأسدي لنقل التراث إلى الأطفال والناشئة، وتوثيق التراث الأرمني والشركسي في سورية، وتوثيق التراث السوري باللغات الأجنبية وجائزة الأسدي لطلاب الدراسات العليا، وعن الأسدي ومؤلفاته وجائزة الأسدي للأعمال الفنية التشكيلية “تماثيل، نصب تذكارية، ميداليات، الخ”، وجائزة الأسدي لأعمال البرّ والإحسان في الوطن الأم وجائزة الأسدي للصناعات التقليدية المنفذّة بأيدي ذوي الإحتياجات الخاصة.

من المهد إلى اللحد

وأشار كوسا وهو المقيم اليوم في كندا إلى أنه من مواليد مدينة حلب، وكان العلّامة خير الدين الأسدي معلمه في الصف السابع عام 1969 أي في أواخر حياته، حيث رحل عام 1971 وقد عرف بين طلابه بحدة ذكائه وأسلوبه المتفرد في تلقين التلاميذ أصعب القواعد في النحو والصرف وبالمأساة التي عاشها في أواخر حياته بحثاً عن لقمة العيش في الوقت الذي كانت تستقبله إذاعة حلب بلقب “علّامة حلب” ليقدّم برنامجه الأسبوعي “أنت تسأل ونحن نجيب” مبيناً كوسا أنه رافقه إلى بيته عام 1969 ليحمل له بعض الكتب باعتبار أنه أبتر (يده اليسرى مقطوعة) وفي المرة الثانية، دخل البيت وزار مكتبته ورأى مقتنياته النادرة وعند خروجه أعطاه صورته الشخصية تلك الصورة الشهيرة المنشورة عبر الانترنت وفي معظم المواقع الإلكترونية والتي ظلت ترافق كوسا في سفره وترحاله مع انتقاله إلى حمص ودمشق خلال خدمته للعلم بعد دراسته الجامعية ومن ثم إلى فرنسا لتخصصه العالي، مبيناً كوسا أنه وعندما عيّن أستاذاً في جامعة كندية حيث يقيم اليوم منذ أكثر من ثلاثة عقود صدر الجزء الأول (من 7 أجزاء) من “موسوعة حلب المقارنة” من مطابع جامعة حلب، وهي موسوعة فريدة من نوعها عن التراث غير المادي ومن تأليف الأسدي، عاود البحث مجدداً عنه ليعرف ما حدث لهذا العلّامة في أواخر حياته، وفي عام 2008 هيأ رحلة طويلة إلى سورية سماها “على خطى معلمي الأسدي من المهد إلى اللحد” وقد تعاونت معه البعثة الثقافية في السفارة السورية في كندا ووزارة المغتربين حينها وجامعة حلب لمعرفة حقيقة ما جرى في نهاية حياة الأسدي، وظل كوسا حينها أكثر من ثلاثة أشهر في سورية من أجل ذلك، واليوم لديه أرشيفاً كبيراً من الصور والوثائق والمخطوطات التي جمعها منذ ذلك الحين.

التراث غير المادي

كما أكد كوسا أن ما فعله الأسدي خلال حياته (1900-1971) من جمع للتراث غير المادي طالبت بعمله منظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم (اليونسكو) بعد سبعين سنة وقد طالبت دول العالم بتوثيق تراثها المتوارث شفهياً غير الملموس فظهر ما يعرف اليوم بالتراث غير المادي، وأسعده أنه وفي عام 2008 ظهرت صفحة خاصة عن الأسدي “خير الدين الأسدي علّامة حلب” لمجموعة خاصة ومغلقة تضم مجموعة من المثقفين والدارسين للتراث والتوثيق لكل ما يدور حول مدينة حلب التي كرّس الأسدي حياته من أجلها وأنه حين عاد كوسا في عام 2009 إلى حلبُ كان في رأسه آلاف الأفكار لتكريم الأدباء والمثقفين العصاميين لحثهم على الكتابة والتوثيق والنشر، وكانت فكرة إطلاق جائزة واحدة تحمل اسم خير الدين الأسدي الذي لم يلقَ الاهتمام والتكريم خلال حياته وقد اهتمّ بمشروعها.

محمد قجة رئيس جمعية العاديات في حلب وتميم قاسم أمين سر الجمعية كانا السند المعنوي له في أرض الوطن الأم، منوهاً إلى أنه  ومع انطلاقة الأحداث الدامية في سورية وبداية الخراب وهدم الآثار وأوابد الحضارات القديمة وهجرة الأهالي وتفرّق أبناء الوطن في الشتات شرقاً وغرباً أطلق كوسا جائزته للمرة الاولى وكانت مبادرة فردية ثقافية من مغترب محب لوطنه لتوثيق التراث في مدينة حلب ولتسجيل موروثنا الثقافي الإجتماعي خوفاً من الضياع والإندثار تماماً كما فعل أستاذه الأسدي ودعم الجائزة بمبلغ تشجيعي لحث الشباب والصبايا للعمل على الكتابة والنشر وقد لاقت المبادرة اهتماماً من مغتربين آخرين وتطورت إلى عدة جوائز تدريجياً ليبلغ عددها اليوم (12 فئة مختلفة) ولتصبح السنة القادمة 20 بحيث تضم مختلف الفئات والمدن السورية، مشيراً كوسا إلى أنه تم  إصدار أربع مجموعات طوابع بريدية في كندا (مجموعات بريدية خاصة لجميع أنحاء العالم) عن العلّامة السوري خير الدين الأسدي وقريباً سيصدر الطابع البريدي التذكاري الخامس في الذكرى الخمسين لرحيله.

جوائز الأسدي 2020

يذكر أن جوائز الأسدي -الإصدار السادس 2020- وما أعلن منها حتى الآن  نالها: م.محمد صبحي صقار عن موسوعته (3 أجزاء) أسماء العائلات في حلب القديمة، د.هزار أبرم من جامعة حلب عن كتابها الكلمات السريانية والآرامية في موسوعة حلب المقارنة للعلّامة الأسدي، السيدة هلا قصقص في توثيق تراث مدينة دمشق عن كتابها: المقاهي الشعبية في دمشق، محمد أبو معتوق عن مجمل أعماله القصصية للأطفال، كورال اسبنتياريان الأرمني “65 عاماً على تأسيسه” من حلب إلى العالمية، المحامي علاء السيد، لتأسيسه دار الوثائق الرقمية التاريخية، وعن تراث مدينة اللاذقية الكاتبة ناديا شومان عن مجمل أعمالها، في حين لم يتم الإعلان عن بقية الجوائز الأخرى والتي سيتم إعلانها تباعاَ.

 أمينة عباس