دراساتصحيفة البعث

الأمم المتحدة.. هيكل بيروقراطي يثير أسئلة الإصلاح

علي اليوسف

على مشارف دخول الحرب على سورية عامها الحادي عشر، لم تنجح جهود المجتمع الدولي للتوسط في إحلال السلام، ما يؤكد أن هذا المجتمع الدولي أصبح عديم الفائدة. وهنا نتساءل: لماذا لا تزال المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، إلى جانب مجلس الأمن التابع لها، غير فعّالة، وعلى مدى عقود طويلة، في التعامل مع الكثير من المسائل المهددة للسلم والأمن الدوليين في المنطقة والعالم، وفق ميثاقها؟.

خلال السنوات الماضية، أخفق مجلس الأمن في حل ما اصطلح على تسميته بالأزمة في سورية، رغم كونها الجهة التي يقع على عاتقها مسؤولية حماية السوريين من الإرهاب العابر للقارات، والذي صدّر إليها من أكثر من ثمانين دولة. كان يمكن لهذا المجلس أن ينقذ حياتهم إذا اختار التصرف وفق المواثيق التي يدعي الالتزام بها.

كانت الخطوة الأولى الضرورية نحو حل الأزمة هي مكافحة الإرهاب، والتوقف عن دعم الإرهاب وتجنيد وتمويل وتسليح الإرهابيين العابرين للحدود، وتشكيل تحالف دولي تحت مظلة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وقبل ذلك الاعتراف بجرائم الإرهابيين، والتي تمّت على مرأى ومسمع المنظمات الأممية، التي لم تتخذ أي إجراءات رادعة، ومحاسبة داعمي الإرهاب وعدم تركهم يفلتون بجرائمهم.

إن فشل الأمم المتحدة في إيجاد حل للأزمة في سورية هو مثال على فشل المنظمة في الوفاء بدورها في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، الأمر الذي يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول استمرارها.

هناك عدة أسباب لهذا الفشل، ومن أهمها عمل أعضاء المنظمة لحماية مصالحهم بدل حماية مصالح شعوب الدول، وهو ما شهده الجميع بأم العين حين حاولت بعض الدول الغربية وأدواتها في المنطقة تدويل الأزمة وتوظيف مجلس الأمن لخلق مبررات التدخل والعدوان، وشكّلت تحالفات غير شرعية خارج مظلة الأمم المتحدة الخارجيين لمحاربة “الإرهاب”، والذي دعمته هي بمختلف مسمياته،.

كانت هناك جهود من الدولة السورية وبعض فروع الأمم المتحدة، مثل منظمة الصحة العالمية، لتقديم المساعدات والإغاثة، لكن هذه الجهود قوّضت بسبب مجلس الأمن، الذي بات أداة خدمة لأجندات الدول الغربية الجيوسياسية، ويعمل، في الوقت نفسه، ضد المبادئ ذاتها التي تدعمها أجهزته الإنسانية أيضاً. وقبل فترة ليست بالبعيدة، ألقى تقرير عن سورية، وهو تقرير مشترك لجميع الوكالات الإنسانية، باللوم على مجلس الأمن المكوّن من 15 عضواً، بعبارات لا لبس فيها، يسلط الضوء على الإخفاق في دعم ميثاق الأمم المتحدة.

تعتبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع لها، بلا شك، أهم منظمة دولية على المسرح العالمي. وتتمثل الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة، في منح تفويض لمجلس الأمن – كما نص عليها ميثاقها لعام 1945 – في حماية السلام والأمن من أجل إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، وإعادة تأكيد الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية ودعم احترام القانون الدولي.  لكن غالباً ما يحد هيكل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من قدرته على إنفاذ نظام الأمن الجماعي بشكل فعال، كما هو واضح في الحالة السورية، إذ مرت /10/ سنوات ولم تحرز الأمم المتحدة أي تقدم حقيقي تجاه إنهاء الإرهاب وحل الأزمة في سورية، وهو ما يؤكد عدم فعالية المنظمة، وأن الزمن عفا عليها، ويؤكد أيضاً أن البنية غير الديمقراطية لمجلس الأمن هي ما ينفي هدفه، وهو حماية السلام والأمن.

ومن الواضح أن سياسات القوة تستمر في إعاقة تحقيق أي تقدم حقيقي في التوسط من أجل السلام في سورية، لأن الولايات المتحدة وحلفائها يواصلون دعم الإرهابيين، وهذا يفضح في نهاية المطاف البنية غير الديمقراطية لمجلس الأمن الدولي.

ومثلما حدث في رواندا والبوسنة في التسعينيات، فشلت الأمم المتحدة في تفويضها، لذلك يثير عجز الأمم المتحدة عن العمل دفاعاً عن ميثاقها أسئلة الإصلاح. فهل حان الوقت لإصلاح مجلس الأمن بعد أن بات لا يمثل النظام العالمي الحالي؟.