ثقافةصحيفة البعث

أوركسترا الموسيقا الشرقية تحيي ذكرى الملحن محمد محسن

تخليداً لذكرى الملحن السوري محمد محسن الذي أغنى المكتبة الموسيقيّة بما يزيد على ألف لحن غنّاها كبار المطربين العرب، وتكريماً لمسيرة فنية غنيّة وطويلة، وقف فيها إلى جانب ملحنين كبار أمثال محمد الموجي، بليغ حمدي، كمال الطويل، فيلمون وهبي.. وغيرهم، أقامت مديرية المسارح والموسيقا حفلاً غنائياً أحيته أوركسترا الموسيقا الشرقية بقيادة المايسترو نزيه أسعد في مسرح الحمراء قدّمت من خلاله مجموعة أغانٍ من ألحانه “دق الحبيب دقة، أبحث عن سمراء، الليلة سهرتنا حلوة الليلة، مظلومة يا ناس، سيد الهوى قمري، جاءت معذبتي”، شاكراً المايسترو في نهاية الحفل وزارة الثقافة –مديرية المسارح والموسيقا- على تقديم التسهيلات لإقامة هذا الحفل وتسليط الضوء على الملحنين الذين رحلوا لتعريف الأجيال الحالية بهم وبأعمالهم والمدرسة التي يجب أن يستقوا منها الألحان لإتمام مسيرة الموسيقا السورية.

مظلومة يا ناس

وسبقت الحفل قراءة فنية لأهم مراحل حياة محمد محسن الفنية من قبل الباحث الموسيقي أحمد بوبس الذي بيَّن أن الراحل -اسمه الحقيقي محمد الناشف- ولد في قصر حجاج بدمشق عام 1922 وبدأ مسيرته الفنية مطرباً أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين، ولحَّن لنفسه بعض الأغنيات منها “يم العيون الكحيلة” و”على باب الحبيب مكتوب”، كما لحّن لبعض المطربات السوريات كماري جبران، مشيراً إلى أن المحطة الأبرز في حياة محمد محسن كانت مع المطربة سعاد محمد حين لحَّن لها عدة أغنيات: “العمر يوم، وين يا زمان الوفا، غريبة والزمن قاسي، دمعة على خد الزمن”، ليكون النجاح الكبير لمحسن مع سعاد محمد من خلال أغنية “مظلومة يا ناس” التي جعلته ملحناً مشهوراً والأقرب لسعاد محمد، حيث بلغ عدد ألحانه لها اثنين وعشرين لحناً.

مكتشف فايزة أحمد ووردة

وأشار بوبس إلى أن محسن قدّم خلال عقد الخمسينيات من القرن الفائت من خلال ألحانه مطربتين، الأولى فايزة أحمد التي لحّن لها عدداً من الأغنيات كانت سبباً في توجهها للقاهرة مثل “درب الهوى، ليش دخلك، ما في حدا يا ليل” والابتهال الديني “يا رب صلّ على النبي”، وفي القاهرة لحّن لها أغنية “شفتك يا سمارة” وبلغت ألحانه لها عشر أغنيات، أما المطربة الثانية التي اكتشفها فهي وردة الجزائرية التي استمع إليها في بيروت عام 1957 فأعجب بصوتها، ولحّن لها “دق الحبيب دقة” ثم تلاها باثنتي عشرة أغنية أخرى، منها “على باب حارتنا يما، يا أغلى الحبايب” وآخرها في مصر “روح يا هوى”.

سيد الهوى قمري

وأوضح أحمد بوبس أن محسن استقر في بيروت أواخر الخمسينيات ولحّن لمعظم المطربين اللبنانيين، فلحَّن لفيروز عام 1971 “سيد الهوى قمري” ولوديع الصافي “النجمات صارو يسألوا”، ولنصري شمس الدين ثماني أغنيات، ولنجاح سلام ست أغنيات، من أجملها “الليلة سهرتنا حلوة الليلة” التي كان قد غناها بصوته، ولسميرة توفيق اثنتي عشرة أغنية أهمها الأغنية الوطنية “نسور السما” ولنجاة الصغيرة أغنيتين، كما لحّن في أواخر الستينيات أغنية “أبحث عن سمراء” لمحرم فؤاد الذي غناها في أحد الأفلام، فكانت أجمل أغنيات فؤاد وحقّق بها شهرة واسعة.

ملحن في مصر

عندما بدأت الحرب الأهلية اللبنانية انتقل محمد محسن عام 1976 إلى القاهرة ليبدأ فيها مرحلة جديدة في إذاعة القاهرة، وبدأ التلحين للمطربين المصريين، فلحّن لمحمد رشدي “يا وابور الساعة 12” ولمحمد قنديل النشيد الوطني “عهد الله”، ومن المطربين المصريين الذين لحّن لهم أيضاً: عادل مأمون، سعيد عبد الوهاب، شريفة فاضل، فايدة كامل. وفي القاهرة تعرف على صباح ولحّن لها 9 أغنيات، منها “رجال أحلى من المال، سلم ع الحبايب، لله لله يامحسنين” في فيلم “شارع الضباب”، وبعد إقامة دامت أربع سنوات غادر القاهرة متجهاً إلى بيروت ثانية ولحّن لسميرة توفيق أغنيات مسلسل “فارس ونجود” ولإيلي شويري وطروب وغيرهما.

أربعة ألحان لفيروز

وذكر بوبس أن محسن عاد في العام 1980 إلى دمشق لتصبح مقراً دائماً له، وأصبح مقلاً في التلحين، فلحن ثمانية موشحات لصباح فخري، ولحّن لفيروز “جاءت معذبتي، لو تعلمين، أحب من الأسماء، لي فؤاد” بعدها توقف عن التلحين وبدأت صحتُه بالتدهور إلى أن رحل عام 2007 عن عمر يناهز الثامنة والثمانين، وقد كرّمته نقابة الفنانين في مهرجان الأغنية السورية العاشر.

يحب الوحدة

يُذكر أن محسن قد لحّن أيضاً لمجموعة من المطربين السوريين منهم: مها الجابري، كروان، موفق بهجت، وغيرهم، كما لحّن لمحمد عبده وطلال مداح، وتمنّى أن يلحن كما أشار أحمد بوبس في تصريحه لـ”البعث” للراحلة ربى الجمال ولبعض الأصوات الشابة التي أبدى إعجابه بها مثل شهد برمدا التي أدهشته بأدائها وصوتها في برنامج “سوبرستار”، إلا أن ذلك لم يحصل.

وحول ما تداوله الناس عن الظلم الذي تعرّض له محسن في حياته وخاصة من قبل الإعلام، أكد بوبس الذي كان مقرباً إليه في السنوات العشرين الأخيرة من حياته أن محسن لم يظلمه أحد لا إعلامياً ولا فنياً، بل هو من كان منطوياً على نفسه ويحب الوحدة، وقد عرض عليه التلفزيون السوري أكثر من مرة إجراء مقابلات تلفزيونية معه أو استضافته في سهرات، لكنه كان يرفض دائماً رغم إغرائه بدفع مبالغ مالية كبيرة.

أمينة عباس