مجلة البعث الأسبوعية

1.1 مليار ليرة رصيد “حماية الملكية” حتى كانون الأول الجاري إلغاء السجل التجاري للأفراد وتفعيل أربع محافظات يرفعان منسوب تسجيل العلامات

“البعث الأسبوعية” ــ أحمد العمار

عانت النقابات والمنظمات والهيئات، فيما مضى، كثيراً عند تقدمها للحصول على العلامة التجارية أصولاً من مديرية حماية الملكية التجارية والصناعية في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حيث لا تمتلك مثل هذه الجهات سجلاً تجارياً، كما هو الحال بالنسبة للشركات، إذ لا تقع ممارسة العمل التجاري ضمن أنشطتها بشكل أساس، فالجهة قد تكون ذات طبيعية فكرية أو دينية أو رياضية أو اجتماعية، وتود تسجيل العلامة للحماية، وتمييز نفسها عن غيرها من الجهات.. لا أكثر!!

حاليا، بات من السهل على أي من هذه الجهات تسجيل علامتها، بعد أن طوت الوزارة، أيلول الفائت، التعميم رقم 685 لعام 2017، القاضي بوجوب إرفاق الأفراد، عند التقدم بطلبات تسجيل العلامات والرسوم والنماذج إلى المديرية، لسجل تجاري مصدق أصولاً أسوة بالشركات، والعودة إلى الوضع الذي كان معمولاً به سابقاً، فكيف انعكس ذلك على أداء العلامات التجارية حماية وتسجيلاً وتجديداً؟

 

دافع للنشاط..

يؤكد مدير الحماية شفيق العزب أن الإجراء الأخير أسهم بتنشيط حركة هؤلاء الأفراد في تسجيل وتجديد علاماتهم، ما زاد من وتيرة النشاط لدى المديرية، وعدم اقتصاره على طلبات الشركات التي لا مشكلة لديها في مثل هذا الإجراء، مبيناً أن من الطبيعي عدم الربط بين تسجيل الفرد أو الجهة لعلامتها وبين وجود سجل؛ إذ ليس شرطاً لمن يحصل على رخصة قيادة سيارة، مثلاً، أن يمتلك سيارة، فكما أن الجهة المانحة لهذه الرخصة تشهد بأن حاملها يستطيع قيادة السيارة، فإن المديرية كذلك – عندما تسجل العلامة – تشهد بأنها مملوكة لهذه الجهة أو تلك، وهي تتمتع بكامل الحقوق والالتزامات المترتبة على هذه الملكية.

 

تغير ملموس..

يقول العزب إن ثمة تغيراً واضحاً في حركة العلامات، نتيجة تطبيق هذا الإجراء، مضافاً إليه تفعيل دوائر الحماية في محافظات حلب واللاذقية وحمص وطرطوس، فقد سجلت المديرية، خلال آب الفائت، 600 علامة، ليرتفع هذا العدد في أيلول إلى 1187، ثم في تشرين الأول إلى 1750، فتشرين الثاني إلى 2150، ما يعني مضاعفة الرقم أكثر من ثلاثة أضعاف، وانعكاس ذلك على إجمالي العلامات المسجلة، منذ بداية العام وحتى الثاني عشر من الشهر الجاري، والذي بلغ 10810 علامات.

وتحسنت إيرادات صندوق المديرية، خلال الأشهر الثلاثة التي تلت تطبيق الإجراء، على نحو ملموس، لتصل عوائد النصف الثاني من العام إلى 340 مليون ليرة سورية، ارتفاعاً من 214 مليوناً للنصف الأول، وبهذا يكون إجمالي العوائد أكثر من 554 مليوناً، فيما حصلت المديرية على عوائد بغير الليرة (فرنك سويسري) ناجمة عن عمليات التسجيل الخارجي، وصلت إلى حوالى 1.4 مليون فرنك.

أما رصيد الصندوق فقد تجاوز 1.1 مليار ليرة، يذهب حوالى نصفها تقريباً لتطوير عمل المديرية، فيما يذهب النصف الآخر لصالح وزارة المالية، فضلاً عن بعض الإيرادات المحصلة جراء بيع المطبوعات المتعلقة بإجراءات التسجيل والتجديد.. وهكذا، قدمت التسهيلات لفئات كانت لديها مشكلة حقيقية في الحصول على العلامة أو تسجيلها كالأطباء والمحامين والصيادلة والمهندسين وغيرهم.

 

شهرا كورونا

تأثر أداء تسجيل وتجديد العلامات التجارية بتعطل الأعمال، خلال شهري نيسان وآيار، بالتزامن مع الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الجهات الحكومية، وأدت لتوقف الكثير من الجهات العامة والخاصة عن ممارسة أعمالها؛ لذا كانت الحركة، خلال هذين الشهرين، هي الأضعف قياساً مع بقية الأشهر. فمثلاً لم تسجل أو تجدد المديرية أياً من الرسوم والنماذج والعلامات الفارقة، كما كان عدد الوقوعات والبراءات هو الأقل، ثم عاودت هذه الحركة إلى طبيعتها بدءاً من حزيران، إثر تخفيف هذه الإجراء وعودة الأمور شبه طبيعية، وذلك وفقاً للبيانات الصادرة عن المديرية.

وشكت من هذا الركود خلال هذين الشهرين الفعاليات الاقتصادية جميعها تقريباً، وهو ظاهرة ملموسة لدى غرف التجارة والصناعة. وإلى جانب الإجراءات المتعلقة بـ كورونا، فاقم ارتفاع الأسعار من هذه المشكلة – حسبما يؤكد رجال أعمال وصناعيون – فالأسعار أعاقت الطلب على السلع والخدمات، وبالتالي قلت التدفقات المالية إلى المنشأة، والتي بدورها حدّت من عمليات التوسع في المشاريع، ومن أوجه الإنفاق على التطوير وتحسين بيئة العمل، ومنها الإنفاق على تسجيل علامات تجارية وشهادات وبراءات جديدة.

 

تكلفة العلامة

تصل تكاليف تسجيل علامة جديدة لشركة ما إلى حوالى 160 ألف ليرة، فيما تصل لتسجيل علامة للأفراد إلى 115 ألفاً، طبعاً إلى جانب تكاليف إضافية أخرى لهذين النوعين من العلامات لا تتجاوز 30 – 40 ألفاً. وبالتالي، فإن التوسع في تسجيل النوع الثاني، أسهم في زيادة إيرادات المديرية، وذلك بالنظر لكثرة الأفراد الراغبين بتسجيل علامات خاصة بهم، سواء بشكل فردي، أم عبر المنظات والهيئات والاتحادات المختلفة، ما يؤمن موارد مهمة كانت فائتة على صندوق المديرية، فضلاً عن تعطل مصالح ومشاريع هؤلاء الأفراد وتلك الجهات.

 

تواصل خارجي

ثمة عديد التوجهات التي تستهدف إشاعة ثقافة حماية الملكية التجارية والصناعية، وتعريف قطاع الأعمال بأهميتها وأبعادها. ومن هذه التوجهات – وفقاً للعزب – إحداث أكاديمية خاصة بهذه الحماية، بالتعاون مع المنظمة الدولية لحماية الملكية “وايبو”، ويدرس فيها خبراء أجانب وسوريون مواد ومقررات ترسخ فكر وثقافة العلامة التجارية كمؤشر مهم على قوة ونجاح العمل التجاري، كذلك إحداث مركز دعم ونقل التكنولوجيا، وبالتعاون مع المنظمة نفسها أيضاً.

 

اهتمام وتعد..

وتزايد في السنوات الأخيرة اهتمام قطاع الأعمال بهذه العلامات، سواء إثر طرح منتجات وخدمات جديدة، أم التوسع في تلك القائمة، بعد أن كثر السطو عليها أو تقليدها، ما يعني ضرب عائلة المنتجات التي لطالما حظيت بالرعاية إنتاجاً وتطويراً، إلى أن شقت طريقها إلى أيدي المستهلكين الذين هم الرافد الرئيس لمالية هذه المنشأة، وسبب نمائها واستمرارها في السوق.

ويشجع تهاون صاحب العلامة التجارية في تسجيلها وحمايتها على سرقتها والتعدي عليها، لذا تتلقى المديرية سنوياً عشرات حالات التنازع القضائي بين رجال الأعمال والصناعيين حول ملكية هذه العلامة أو تلك، وتطول عادة إجراءات التقاضي التي قد تصل، في حال القضاء المدني، إلى عدة سنوات، وإلى سنة أو سنتين في “التجاري”، الأكثر تخصصاً وفهماً لطبيعة العمل التجاري، والذي غالباً ما يستأنس بخبرات قطاع الأعمال وأهل الاختصاص، سيما شيوخ الكار الذي يعرفون شهرة وحجم أغلب العلامات التجارية.

وتصل الخسائر الناجمة عن عمليات سرقة أو تقليد العلامات، في بعض الأحيان، إلى مئات الملايين من الليرات، علماً بأن المحاكم تستند في أحكامها على القانون رقم 8 لعام 2007 الناظم للعلامات التجارية الفارقة والمؤشرات الجغرافية والرسوم والنماذج. وتعاقب المادة 61 من هذا القانون المخالف بعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من 300 ألف إلى مليون ليرة، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا استعمل علامة فارقة تخص غيره عبر وضعها بسوء قصد على منتجاته أو خدماته، أو تقليد علامة، أو بيع وحيازة وتداول منتجات تحمل علامة مقلدة، أو صنع ونقش وحفر لوحات وأختام وطابعات تدل على علامة مسجلة.

 

بلا سوق.. !

بالرغم من أهمية الحديث عن العلامات بالنسبة للمنشآت المختلفة، إلا أنه ليست هناك قيم محددة لهذه العلامة أو تلك في الأسواق المحلية، كما هو معروف عالمياً، حيث تُقيّم العلامات سنوياً، وتصدر جهات مختصة تقارير دورية بقيمها وترتيبها بين العلامات الأخرى. ويتجاوز سعر بعض العلامات العالمية الشهيرة حدود الـ 100 مليون دولار، أما قيم العلامات المحلية، فما زالت فضفاضة وغير منضبطة، ومن النادر أن تباع أو تشترى!!