دراساتصحيفة البعث

بريطانيا بحاجة إلى قائد

ترجمة: هناء شروف

انتشرت سلالة جديدة من فيروس كورونا في جنوب إنكلترا وشرقها، تسببت في إصابة 1200 شخص خلال أيام معدودات، ما دفع بريطانيا إلى إغلاق كامل في المناطق الموبوءة، ومواجهة موجة ثالثة من الوباء. من المبكر طرح نظريات حول مدى فتك السلالة الجديدة التي نتجت عن طفرة في الفيروس، لكن لو صحت نظرية أنها تنتشر بشكل أسرع، سيصعب السيطرة عليها. لكن علينا أن نمنح الباحثين بعض الوقت لتقديم إجابات دقيقة.

يتطلب الوضع الصحي تكتيكات جديدة، لكن هل بوريس جونسون قادر على إقناع المواطنين المنهكين والنواب العنيدين؟

إنه الأمل في النهاية. لو تم إخبار الأمة في بداية كانون الأول بأن عيد الميلاد لن يحدث هذا العام، فمن الواضح أنه كان سيكون بمثابة ضربة موجعة، ولكننا تأقلمنا مع الوضع، وحقق الكثير من العائلات قفزة ذهنية في البقاء في المنزل. لكن هدية عيد الميلاد التي قدّمها قائد الأمة للبريطانيين هي رفع آمال الجميع ثم الدوس عليهم في اللحظة الأخيرة، فقد أنفقت العائلات مالاً لا يستطيع البعض تحمله لشراء طعام لن يؤكل الآن، وشراء تذاكر لا يمكن استخدامها.

قد يرى المتشائمون الأخبار عن طفرة جديدة أكثر عدوى من الفيروس على أنها لا تعدو أكثر من غطاء سياسي لتحول محرج آخر. ولكن إذا كانت هذه السلالة من الفيروس معدية بنسبة 70٪، سنحتاج إلى العمل بجدية أكبر لاحتوائها. وهذا يثير احتمال فقدان التكتيكات التي أثبتت فعاليتها. قد يضطر الأطباء إلى زيادة جرعة المورفين عندما يعتاد المريض عليها، وقد نحتاج لقيود أعمق أو أطول لمجرد أن يكون لها نفس التأثير. إذا كان الأمر كذلك، فمن المحتمل أن نوضع تحت الإغلاق لبقية الشتاء أو الربيع أو أياً كان الوقت الذي تستغرقه اللقاحات لتحقيق الغاية المرجوة منها.

يشير الازدحام في محطات قطارات لندن في الليلة التي انتشرت فيها أخبار الإغلاق إلى قيام البعض بالسفر إلى مناطق لا تنتشر فيها السلالة الجديدة للاحتماء لفترة طويلة. تعلمنا هذا العام أن ما تفعله الدول الأخرى هو دليل دامغ على المستقبل أكثر مما يقوله رئيس الوزراء البريطاني، إذ تتجه دول أوروبية إلى عمليات إغلاق كاملة.

من السهل تحديد ما يجب أن يحدث الآن. هل يمكن للمدارس أن تظل مفتوحة طوال شهر كانون الثاني في المناطق الأكثر تضرراً، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فهل تستمر الامتحانات هذا الصيف؟ هل يجب على الطلاب الذين ذهبوا إلى منازلهم في عيد الميلاد إلى الأماكن التي تنتشر فيها الطفرة الجديدة أن يعودوا حقاً في شهر كانون الثاني هذا العام إلى الجامعات؟ هل يمكن طرح اللقاح بشكل أسرع أم أبعد؟

كل هذه التساؤلات تتطلب حكومة قادرة على تحمل نوابها المتمردين، وأصبح من غير المجدي إلقاء اللوم على حاجة جونسون الشخصية لأن يكون محبوباً بسبب عدم قدرته على التعبير عن الحقائق غير المرحب بها أو اتخاذ خيارات مؤلمة. لكن رئيس الوزراء الصغير هذا يقف على أكتاف رجال أصغر، يعتمد عليهم للحصول على أغلبية برلمانية أكثر هشاشة مما تشير إليه الأرقام، وهم أيضاً يستحقون نصيباً من اللوم. ليس مصادفة أن يكون مؤيدو البريكسيت هم أيضاً من المشككين في كوفيد 19. نفس الإحجام عن مواجهة الواقع، ونفس القناعة الراسخة بأنهم إذا صرخوا بصوت عالٍ بما فيه الكفاية فسوف ينتصرون بطريقة ما، يدعم كلا الإيديولوجيتين. هؤلاء هم الذين وضعوا جونسون في منصبه الحالي، وهم من يمكنه إسقاطه غداً. مصير البلاد يعتمد الآن على قدرتهم على التغيير، أو قدرتهم على الانقلاب عليه.