رأيصحيفة البعث

التطبيع يعري الإخونج

محمد كنايسي

أكد التطبيع المغربي مع العدو الصهيوني بما لا يقبل الشك أن الإخونخية لا يتورعون عن فعل أي شيء في سبيل بقائهم في السلطة، والحفاظ على امتيازاتهم ومكاسبهم. ولم تكن الرسالة الشهيرة التي وجهها الرئيس المصري السابق الإخونجي محمد مرسي إلى صديقه العزيز الصهيوني شمعون بيريز الذي كان رئيس كيان الاحتلال وقتها، لم تكن من قبيل المصادفة أو الخطأ السياسي، ولكنها كانت تندرج في سياق تنفيذ الصفقة التي بموجبها قبلت أمريكا حكم الإخونجية في الدول العربية مقابل انخراطهم في خدمة المشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة وتحقيق أهدافه.

سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية الذي وقع اتفاق التطبيع مع الصهاينة هو أمين عام حزب العدالة والتنمية الإخونجي، وقد أصدر حزبه بيانا أيد فيه الخطوة، مما يعني أن إخوانجية المغرب الذين كانوا في السابق يرفعون الصوت عاليا ضد التطبيع والمطبعين مع كيان الاحتلال الصهيوني هم بكل بساطة منافقون وكذابون، وكانوا يرفعون شعارات الدعم للقضية الفلسطينية ورفض التطبيع لذر الرماد في عيون المغاربة، وإخفاء حقيقتهم الوظيفية كبيادق في المشروع الأمريكي الصهيوني. وبإقدامهم على ارتكاب هذا الجرم الشنيع في حق فلسطين والأمة العربية لم يفضح إخونج المغرب أنفسهم فقط بل فضحوا التنظيم العالمي للإخونج كله، وأكدوا أن هوية فروعه في الدول العربية واحدة رغم بعض الاختلافات الظاهرية التي تفرضها الظروف الموضوعية، ففي تونس، وقف نواب حركة النهضة الإخونحية ضد قانون تجريم التطبيع، في تناقض صارخ مع شعارات نصرة فلسطين التي كانوا يرفعونها. ويعكس اللغط الدائر حاليا حول اعتزام زعيم الحركة راشد الغنوشي زيارة الكونغرس الأمريكي المأزق الصعب الذي تتخبط فيه حركته بسبب تراجع وزنها السياسي، وعجزها المتفاقم عن مواجهة القوى الوطنية المعادية للتطبيع، مما يفرض عليه ضرورة تجديد التزامه للأمريكان بالتطبيع مبدئيا، وانتظار الفرصة السانحة لتمريره، ذلك أن ما تسعى إليه إدارة ترامب في أيامها الأخيرة هو جر أكبر عدد ممكن من الدول العربية والإسلامية إلى مستنقع التطبيع بما يعنيه جوهريا من تحالف مع العدو الصهيوني لمواجهة قوى المقاومة في المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية. ومن الطبيعي في هذا السياق التطبيعي أن يعلن أردوغان أن بلاده تسعى إلى أفضل العلاقات مع “إسرائيل”، ولا سيما أن سياساته العدوانية وأطماعه العثمانية تصطدم بمعارضة داخلية وخارجية متزايدة، مما يجعله بحاجة ماسة إلى كسب ود الإدارة الأمريكية الجديدة التي لا تخفي انزعاجها منه، من خلال إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الصهيوني، حيث رجح مستشاره للشؤون الخارجية أن تستأنف الاتصالات الدبلوماسية الكاملة بين البلدين في الشهور الأولى من عام 2021، وليس في هذا أي غرابة طبعا، فتركيا حافظت على علاقاتها الاقتصادية والاستخباراتية مع “إسرائيل” وطورتها، والخلاف بين البلدين بسبب الاعتداء الإسرائيلي على سفينة مرمرة كان ضروريا ليتمكن أردوغان من خداع العرب والمسلمين، ونيل الشعبية التي تؤهله للعب دوره المطلوب في إذكاء الفتنة، وتأجيج الصراع الطائفي في المنطقة ومحاربة المقاومة من بوابتها السورية..
كما أن ما فعله العثماني، وإن فاجأ البعض، فإنه لم يكن غريبا أيضا، ذلك أن التطبيع لا يستغرب من مأتاه أي ممن وقفوا ضد المقاومة، واصطفوا مع الرجعية العربية لمحاربتها والقضاء عليها، ولكنهم رجعوا بخفي حنين..
وحسنا فعل العثماني لأنه أيقظ بفعلته الشنعاء آخر المخدوعين بالإخونج من أوهامهم البائسة.