تحقيقاتصحيفة البعث

مشكلة التلوث البيئي بالمواد البلاستيكية.. تتفاقم دون معالجة؟!

تتفاقم مع مرور الوقت مشكلة التلوث البيئي بالمواد البلاستيكية ذات الاستعمال اليومي ولمرة واحدة دون الانتباه لخطورة استخدامها بكثرة، هذا إضافة إلى سرعة انتشارها مما يجعل منها ملوثاً مباشراً للبيئة بكافة أشكالها.
الدكتورة إقبال فاضل دكتوراه في علم البيئة المائية بكلية العلوم بجامعة تشرين أجابت على تساؤلاتنا حول الواقع البيئي وانتشار الملوثات والمواد ذات النتائج الكارثية على نظافة البيئة وتحديداً النفايات البلاستيكية بالغة الخطورة على البيئة بكل مكوناتها.

الأكثر سمية 
د. فاضل بينت أن العديد من المواد المستخدمة بكثرة من قبل الناس يتم تصنيعها من المشتقات النفطية والغاز الطبيعي والفحم و ولاسيما أنه يتم استخدام بعض العناصر الأكثر سميّة في تلوين هذه المواد وبالتالي لابد من وجود نسبة من الكادميوم والرصاص والنحاس وغيرها بما يجعلها ذات تأثيرات سلبية خطيرة على البيئة بكافة مكوناتها .
و تؤكد د.فاضل أن هذه المواد لا يقتصر وجودها على مكان محدد في التربة – مثلاً – فهي تنتقل من التربة إلى المياه الجارية كمجاري الأنهار ومنها إلى البحار والمحيطات لتؤثر سلباً على الحيتان ولتضر بالأسماك التي تتغذى على هذه المخلّفات، فعندما تدخل المخلّفات البلاستيكية في السلاسل والشبكات الغذائية فإنها تؤثر سلباً على التنوع البيولوجي وهذه المسألة البيئية تتحول إلى تحدٍ كبير لصحة الإنسان إضافة للضرر الذي تسببه للكائنات المائية أيضا و قد تم العثور على العديد من الطيور البرية والبحرية ميتة وأجوافها مليئة بالمواد البلاستيكية.

خطورة كبيرة
د. فاضل أشارت إلى أنه من المعروف أن المواد البلاستيكية سهلة التشكّل قليلة التكلفة، ولذلك فإن الخطورة تكمن بأن هذه المواد غير قابلة للتحلل وربما يستغرق تحللها أربعة قرون من الزمن، وإذا تم اللجوء إلى عملية الحرق، فستؤدي حتما إلى انتشار غازات خطورتها عالية على صحة الإنسان والكائنات الحية الأخرى. أما في حال القيام بطمر هذه المخلفات البلاستيكية في باطن الأرض فإن ذلك يؤدي إلى القضاء على الغطاء النباتي وإلحاق الأذى والضرر به بسبب تشكيل هذه المخلفات حاجزاً يعيق انتشار جذور النباتات وتعمقها في التربة مما يسبب ضعف في عملية النمو وتلف النبات مع مرور الوقت. وأضافت أن هذه المواد أو كميات كبيرة من النفايات الصلبة تكون سامة جدا وذات نتائج سلبية كبيرة عند التخلص منها بشكل غير مدروس ومنظم وذلك يعود لاستعمال المحاليل السامة لتسريع عملية الإنتاج واستخدام بعض المعادن الثقيلة لتثبيت الألوان؟

فوات الأوان
د. فاضل تدعو إلى ضرورة تدارك هذه المشكلة البيئية الكبيرة قبل فوات الأوان بحلول ومقترحات عديدة يمكن أن تخفف إلى حد كبير من الأضرار السلبية مثل استبدال المنتجات البلاستيكية بمنتجات أخرى صديقة للبيئة سهلة التفكك والتحلل، ولا تحتوي على كميات من المواد السامة أو ذات القدرة التراكمية الكبيرة، أو من خلال استخدام البلاستيك الحيوي القابل للتحلل والابتعاد بذلك قدر المستطاع عن الاستهلاك اليومي الكبير للمواد البلاستيكية صعبة التحلل.

خطوات مهمة
وفي الحديث عن دور الجمعيات البيئية في سورية بوجه عام، واللاذقية بشكل خاص، أشارت د. فاضل إلى الخطوات المهمة التي أجرتها معظم الجمعيات البيئية كجمعية حماية البيئة في الساحل السوري وذلك خلال فترات سابقة على دورها الفعال حيث عملت هذه الجمعيات على نشر الوعي البيئي بدعم من مديريات اللاذقية والبلديات فكان لهذه الجمعيات حملات غطت المحافظة بأكملها ريفاً ومدينة، مثل القيام بحملات جمع المواد البلاستيكية من مناطق مختلفة من شاطئ مدينة اللاذقية، وفي منطقة جبلة قرب الأماكن العامة (أماكن تواجد المقاهي)، وقامت أيضا بحملات تنظيف مصبات الأنهار وحوض نهر السن وتنظيف مناطق مكتظة بالسكان في الريف والمدينة والتشجير وتوزيع بطاقات للفت نظر المواطنين لضرورة الحفاظ على البيئة وعدم إهمال جانب التلوث البيئي الذي ينعكس سلبا على الإنسان أولا، وكانت معظم هذه الأنشطة قبل أحداث عام 2011 حيث توقفت هذه النشاطات وذلك بسبب الظروف الراهنة. وتقتصر أعمال هذه الجمعيات – بحسب د . فاضل – في الوقت الحالي على تقديم بعض الأعمال الخدمية وحملات التشجير النوعية بانتظار الاهتمام والمبادرات الذاتية والمتطوعين لإعادة تفعيل النشاطات والحملات البيئية الكبيرة الهامة وإحياء الوعي البيئي عند المواطنين كافة وتنبيههم لخطورة الوضع الراهن والى أين تتجه البيئة المحيطة بهم ما لم يتم التعامل مع موضوع التلوث بشكل عام والتلوث بالمواد والمخلفات البلاستيكية بشكل خاص بجدية ووعي كبير.

آلاء حبيب