دراساتصحيفة البعث

إلى متى ينقذ الاحتياطي الفيدرالي أمريكا؟

ترجمة: هناء شروف

عن الفاينينشال تايمز

أدى تدفق الأموال المجانية إلى رفع جميع أسعار الأصول، وهذا نتيجة تدخلات الاحتياطي الفيدرالي غير العادية التي أتت بعلامات أسعار باهظة، ولكن لا شك أن هذا سيكون أقل بكثير من عدم تصرف الاحتياطي الفيدرالي على الإطلاق، لاسيما على المدى القصير، ولو أن أمريكا تخلت عن التوسع بأكثر من ثلاثة تريليونات دولار في ميزانيتها العمومية منذ آذار الماضي، لكان الاقتصاد الأمريكي قد دخل في حالة من السقوط الحر، كان من الممكن أن تتراكم حالات إفلاس الشركات، وقد يكون هناك انهيار مالي على غرار عام 2008.

الرد على النقاد هو نفسه اليوم كما كان بعد أزمة عام 2008: “أن الاحتياطي الفيدرالي يفعل كل ما بوسعه لمنع الكساد”، لكن الخطر يكمن في أن كل فصل جديد يضيق حلقة الهلاك التي يجب على الإدارة الأمريكية في النهاية أن تحسب حسابها مع فئة المخاطر المتزايدة باستمرار، لقد تجاوز الدين القومي لأمريكا بالفعل 100 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، وتضاعف تقريباً بعد عام 2008، والآن يرتفع بشكل حاد مرة أخرى، اليوم يتجاوز الدين الوطني 200 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن بصفتها المُصدر للعملة الاحتياطية في العالم، يجب على الولايات المتحدة حماية دورها بعناية”.

ومع ذلك، فإن التهديد الأكثر وضوحاً هو للاستقرار السياسي للولايات المتحدة، إذ يعزز التسهيل الكمي من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي عدم المساواة في الثروة من خلال زيادة صافي ثروة أولئك الذين يمتلكون الأصول المالية، وبخاصة الأسهم والسندات، هناك 10 في المئة من الأمريكيين يمتلكون 84 في المئة من أسهم البلاد، يقول النصف السفلي من الأمريكيين، أولئك الذين كانوا بشكل رئيسي على خط المواجهة أثناء الوباء: إنهم لا يمتلكون أي مخزون على الإطلاق، لذلك من المؤكد أن العديد من مكاسب سوق الأسهم ذهبت إلى شركات التكنولوجيا الكبرى مثل Amazon و Netflix التي استفادت من الإغلاق الجزئي للاقتصاد المادي، لكن مكاسبهم فاقت بشدة الخسائر في القطاعات الأكثر تضرراً، مثل سفن الرحلات البحرية وحفارات النفط.

التحيز الذي لا مفر منه من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي تجاه مالكي الأصول قد تضافر مع تفضيل القطاع المالي لإنتاج انتعاش منحرف للغاية، وقد أفاد ذلك الشركات الكبيرة حتى الشركات المصنفة على أنها غير مرغوب بها، على حساب الشركات الصغيرة، بما في ذلك الشركات السليمة مالياً، وعزز ذلك أيضاً وضع الأفراد الأثرياء على حساب الأسر المتوسطة.

انطلاقاً من هذه المعطيات، من غير المرجح أن يكون رد الفعل السياسي إيجابياً، وهنا نجد مصادفة مؤسفة للرؤساء الديمقراطيين، ومثلما ورث باراك أوباما الركود العظيم، يسير جو بايدن في طريق الوباء العظيم، في حالة أوباما، أدى رد الفعل العنيف على اقتصاده ذي السرعتين إلى نشوء شعبوية “حزب الشاي” التي أدت في النهاية إلى توقف رئاسته.

يمكن أن يجد بايدن نفسه في الاقتصاد نفسه ذي السرعتين، فقد أقر الكونغرس الشهر الماضي حافزاً بقيمة 900 مليار دولار، والذي من شأنه مساعدة معظم الأمريكيين العاطلين عن العمل حتى آذار، وإرسال شيكات إلى الأفراد الذين يكسبون أقل من 75000 دولار سنوياً، لكن فرصه في تمرير حزمة إغاثة أكبر بكثير مثل إعادة البناء بشكل أفضل بعد توليه المنصب تبدو ضئيلة، ولكن على النقيض مما حصل خلال رئاسة أوباما، فقد أكد جاي باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أن دعم البنك المركزي قد يكون لأجل غير مسمى، وسيواصل الاحتياطي الفيدرالي شراء 120 مليار دولار من الديون شهرياً في المستقبل المنظور، ويتعهد بنك الاحتياطي الفيدرالي بالقيام بما يلزم، بينما يبدو من غير المرجح أن يوافق المسؤولون المنتخبون في أمريكا على السياسة المالية.