الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

أردوغان ينقلب على “صديقه” ترامب.. ويغازل بايدن!

في موقف لا يخرج عن تسجيل موقف سياسي لا غير، فتركيا في عهده مصنفة ضمن أسوأ دول العالم في مؤشرات الديمقراطية والحقوق والحريات، رأى رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان أنّ الأحداث التي شهدها الكونغرس الأميركي الأربعاء تمثّل “وصمة عار للديمقراطية”، مضيفاً أنّها “صدمت العالم بأسره”، في تسجيل موقف لا يخرج عن الرياء السياسي نظراً لأنه هو ذاته متهم بالتسلط والدكتاتورية من أكثر من زعيم في العالم بمن فيهم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الذي وصفه بـ”المستبد”.

وقال أردوغان، الذي سعى دوما منذ 2016 إلى نسج علاقات شخصية وثيقة مع الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، لصحافيين في اسطنبول الجمعة: إنّها “وصمة عار للديمقراطية ونحن نتمنى انتقالا سلساً للسلطة إلى بايدن في 20 كانون الثاني.

وقدّم أيضاً التعازي إلى عائلات الضحايا الذين سقطوا خلال أعمال العنف. وكلهم ممن شاركوا في اقتحام الكونغرس.

وكانت العلاقة بين أنقرة وواشنطن شهدت توترا بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة على أردوغان الذي يتهم فتح الله غولن، الداعية التركي المقيم منذ العام 1999 في الولايات المتحدة، بالتخطيط لها. وقد طالب أميركا بتسليمه من دون جدوى.

وينتمي غولن إلى مدرسة “الإسلام السياسي” ذاتها التي ينتمي إليها أردوغان، وكانا حليفين وثيقين قبل أن تفرقهما خلافات على المصالح والنفوذ.

لكن صداقة أردوغان مع ترامب ساهمت في تجنيب النظام التركي عقوبات في السابق، وخففت من انتقادات الولايات المتحدة لسجل أردوغان في انتهاك حقوق الإنسان، فيما تعتبر تصريحاته اليوم الجمعة انقلاباً على حليف مهم يفصله عن مغادرة البيت الأبيض أقل من أسبوعين.

والمفارقة أن توصيف أردوغان لما حدث في الكونغرس بأنه وصمة عار للديمقراطية لا يختلف كثيراً عن ممارساته، وإن كان يسوقها تحت غطاء قانوني وتهم كيدية لخصومه، فرئيس النظام التركي وظّف محاولة الانقلاب الفاشل عليه في صيف 2016 وقانون مكافحة الإرهاب وحالة الطوارئ، لإزاحة خصومه السياسيين من طريقه. وشن حملة تطهير هي الأكبر في تاريخ تركيا استهدفت المئات من القيادات العسكرية ومن القضاة والمحامين وموظفي الدولة.

وزج كذلك بالزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي والكثير من نوابه في السجون في خطوة لإضعاف الحزب الذي بات له ثقل سياسي وانتخابي. كما اعتقلت أجهزته عشرات الصحفيين والأكاديميين في حملة قمع غير مسبوقة.

وتعتبر تركيا في عهد أردوغان من ضمن أكثر دول العالم استهدافاً للحريات، وهي مصنفة عالمياً كأسوأ دول في الحقوق الأساسية.

وكان تقرير صادر في العام 2020 عن المعهد الدولي للديمقراطية ودعم الانتخابات قد سلط الضوء عن تراجع أنقرة في مجال الديمقراطية، مشيراً إلى تنامي انتهاك حقوق الإنسان فيها والقمع الذي يمارس ضد المعارضين خاصة في السنوات الأخيرة.

وفي العام الماضي قال المعهد الدولي للصحافة ومقره فيينا: إن تركيا هي الأكثر سجنا للصحفيين في العالم بعدد قياسي تجاوز 120 شخصاً، كما أن وضع الإعلام لم يتحسن رغم إنهاء حالة الطوارئ.

إلى ذلك، أكد حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض أن أردوغان استبدادي ويعتبر كل من يعارضه إرهابياً وعميلاً.

ورداً على وصف أردوغان لطلبة من جامعة البوسفور تظاهروا داخل حرم الجامعة بـ “الإرهابيين” وبينهم الكثير من “المندسين”، قال المتحدث باسم الحزب فائق اوزتراك في تصريح له: “بالنسبة لأردوغان كل من يعارضه هو إرهابي أو جاسوس أو عميل لأن نظامه استبدادي لم يعد يراعي حتى أبسط معايير الديمقراطية ومنها التظاهر السلمي داخل حرم الجامعة”.

وقامت قوات أمن نظام أردوغان بمداهمة بيوت طلبة واعتقال العشرات منهم وتم نشر الآلاف من عناصر الأمن في جامعة البوسفور في إسطنبول وكل مكان يتظاهر فيه الطلبة في اسطنبول أو باقي الجامعات في المدن الأخرى للتعبير عن تضامنهم مع طلبة البوسفور الذين يواصلون احتجاجاتهم على تعيين مليح بولو المقرب من حزب العدالة والتنمية الحاكم رئيساً للجامعة بقرار من أردوغان السبت الماضي.

في السياق نفسه تجمع العشرات من أساتذة جامعة البوسفور في ساحة الجامعة معلنين تضامنهم مع الطلبة الذي يستمرون في اعتصامهم داخلها تعبيراً عن رفضهم لقرار أردوغان تعيين رئيساً للجامعة بطريقة مخالفة لقوانينها.