سلايد الجريدةصحيفة البعثمحليات

النجدة  يا محافظة ريف دمشق.. فبلدية معربا تعرقل تخديم المشاريع السكنية 

ريف دمشق – البعث

جاء في أمثالنا العربية أن أول الغيث قطرة. وهذا ما ينطبق على الإجراءات التي اتخذها محافظ ريف دمشق المهندس معتز أبو النصر جمران ، فهي أولى القطرات في الغيث الذي ننتظر، خاصة وأن حجم الفساد في الكثير من بلديات هذه المحافظة يفوق التصور. وقد سبق لنا أن كتبنا مراراً وتكراراً عن بلدية معربا، وعن مخالفات البناء في هذه المنطقة، ولا سيما مخالفة ضابطة البناء، وتشييد طوابق إضافية على الأبنية أمام مشروع الفداء السكني بشكل خاص، كما نشرنا غير مرة حول امتناع بلدية معربا عن تخديم ذلك المشروع، وهذان ملفان كبيران، لذا سنقتصر في هذه المادة على الملف الثاني، على أن نتناول موضوع المخالفات مجدداً في مادة لاحقة…

تكفي زيارة لهذه البلدة كي يلحظ الزائر بوضوح انعدام الخدمات وسوء تنفيذها في أحسن الأحوال في الكثير من الأحياء، ولكننا سنركز هنا على منطقة “جبل الشرق” 70/1 وهي منطقة منظمة وفيها مشاريع سكنية (جمعيات) مشادة على الهيكل وقيد الإكساء، وأخرى قيد البناء، ومنها مشروع جمعية الفداء السكني وهو الآن قيد الإكساء، ومشروع جمعية الشباب وهو مشاد على الهيكل، ومشروع جمعية العلوم السياسية، وغيرها من المشاريع التي تضم مئات الشقق السكنية، لكن بلدية معربا العتيدة لم تنفذ حتى الآن أياً من الخدمات المطلوبة والحيوية لهذه المشاريع، فلا ماء ولا كهرباء ولا تعبيد طرق والأهم لا صرف صحي. ونظراً لضرورة هذا الصرف حتى يتمكن أعضاء أي مشروع من السكن، فقد ركزت جمعية الفداء السكنية عليه باعتبار مشروعها هو الأقدم هناك، وخاطبت البلدية والمحافظة والوزارة المعنية كتابياً مراراً وتكراراً بهذا الخصوص وعلى مدى سنوات، ولكن دون جدوى حيث دفنت كتبها وشكاويها في أدراج تلك الجهات. والحجة الدائمة التي كانت تسوقها البلدية لتبرير عدم تخديمها المشروع بالصرف الصحي هو أنها لا تملك الإمكانيات والآليات اللازمة لذلك كون المنطقة جبلية ما يتطلب لتنفيذ الصرف الصحي حفراً عميقاً يصل إلى الطريق الرئيسي، وكأن هذه البلدية مقطوعة الصلة بالمحافظة التي تملك تلك الإمكانيات والآليات !. وبقي الأمر على حاله إلى أن قام صاحب المحضر الملاصق لمشروع الجمعية بالحفر حتى الطريق الرئيسي تمهيداً للبناء مما حل المشكلة، وأسقط حجة البلدية، بحيث بات بإمكانها تخديم المشروع بالصرف. وقد تنفس أعضاء المشروع الصعداء بعد أن تدخلت العناية الإلهية لحل مشكلة كان يفترض أن تحلها البلدية التي أعطت الترخيص للمشروع، متحملة بذلك المسؤولية الكاملة عن تخديمه بالصرف وغيره من الخدمات، ولكنها لم تفعل للأسف…

المهم أن تنفيذ الصرف الصحي أصبح ممكناً، ولم تعد حجة صعوبة الحفر قائمة، لكن الغريب هو أن البلدية لم تحرك ساكناً وكأن شيئاً لم يكن، وكأنها ليست معنية بالأمر !. والسؤال لماذا تمتنع البلدية عن القيام بواجبها علماً أن تخديم هذا المشروع بالصرف يعني تخديم بقية المشاريع لأنها ستستفيد منه أيضاً؟. والجواب هو في العقلية التي تحكم هذه البلدية، وهي عقلية معادية للتنظيم الذي يرتب عليها واجب تنفيذ الخدمات بموجب تراخيص البناء التي تمنحها، كما أنها عقلية مشجعة على المخالفات التي تسمح ببنائها ويتم تخديمها بسرعة البرق لقاء دفع المعلوم طبعاً… !. وثمة في تاريخ علاقة هذا المشروع بالبلدية الكثير من الأدلة على العراقيل التي وضعتها البلدية لعدم إكمال تنفيذه بعد أن رخصت له وقبضت رسوم الترخيص، والتي وصلت إلى حد قيام أحد رؤساء البلدية السابقين بالذهاب شخصياً بصحبه فريق مجهز بما يلزم من آليات إلى موقع المشروع الذي كان وقتها قيد التنفيذ على الهيكل لهدمه بحجة أنه بناء مخالف، وذلك في مشهد سريالي لا سابق له. ولكم أن تتخيلوا رئيس بلدية يريد هدم مشروع سكني مؤلف من 110 شقق بدعوى أنه مخالف وتم بناؤه بلا ترخيص، مع أن بلديته هي نفسها التي أعطت الترخيص ببنائه. فهل كان الرجل يعتقد حقاً أن المشروع مخالف وهذا ضرب من الجنون، أم أنه فعل ما فعل لإيصال رسالة إلى جمعية الفداء مفادها أن البلدية العتيدة في (مزرعة معربا الخاصة) لن تسمح بإكمال مشروعها السكني أبداً؟، والجواب هو الثاني بطبيعة الحال. ولن نستفيض في سرد ما لقيه المشروع من عراقيل من قبل رؤساء ومكاتب البلديات المتعاقبة، وكأنه جسم غريب مرفوض جملة وتفصيلاً، فالمقام لا يتسع لذلك هنا. لكن قصة الصرف الصحي وحدها تؤكد ذلك وتكشف إلى أي مدى يمكن لعقلية الانغلاق والانتفاع أن تصل في محاربة الأبنية النظامية والتي يفترض أن تكون هي القاعدة في السكن وليست الاستثناء في حين نرى أن السكن المخالف في معربا هو القاعدة !. ولا ندري كيف ينام السيد رئيس البلدية مرتاح الضمير وهو يعلم أن الكثير من أعضاء المشروع المحتاجين إلى السكن، والذين يعانون معاناة هائلة من الأجارات المرتفعة، لا يستطيعون السكن في شققهم لأن مشروعهم غير مخدم…

لم يبقَ لبلدية معربا أي حجة لتبرير امتناعها عن تنفيذ الصرف الصحي للمشروع بعد أن تم حفر المحضر المجاور له، ومع ذلك فهي مستمرة في سلوكها الذي ليس له سوى تفسير واحد لا نعتقد أنه مازال خافياً على المحافظة التي نعتقد أن عليها الآن التحرك بالسرعة القصوى لإنهاء هذه المهزلة التي طالت كثيراً، ولم يعد من المنطق ولا من اللائق أن تستمر في بلد يعاني من مشكلة السكن لأسباب كثيرة أحدها هذه العقلية التخريبية التي تشكل بلدية معربا المثال الأكثر وضوحاً عليها…

فهل ستضع محافظة الريف حداً لهذا العبث والاستهتار والفساد؟، وهل ستثبت أن رمي الكرة في ملعبها من قبل البلدية ليس سوى هروب مقصود من المسؤولية لا بد أن تحاسب عليه؟!. وأما مخالفات البناء التي مازالت مستمرة على قدم وساق رغم ختمها بالشمع الأحمر وأمام أنظار البلدية العتيدة فلها حديث آخر… وأما الآن فإن مشروع الفداء والمشاريع الأخرى في انتظار تدخلكم العاجل يا محافظة ريف دمشق، وليكن هذا التدخل قطرة أخرى في بداية الغيث الذي ينتظره المواطن المغلوب على أمره بفارغ الصبر.

ختاماً نريد فقط أن نعلمكم بأن الجمعية عندما باشرت تنفيذ المشروع عام 2005 بموجب ترخيص البناء الذي حصلت عليه آنذاك من البلدية قد دفعت وقتها من الرسوم ما قيمته مئات ملايين الليرات بسعر اليوم .