تحقيقاتصحيفة البعث

السبب ضعف التمويل والتسويق.. مشروعات صغيرة ومتوسطة مع وقف التنفيذ؟!

يتطلب عمل هيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيجاد بيئة أعمال تمكينية، وتوفير بيئة تشريعية وإدارية متكاملة ومحفزة لها، والأهم هو انتقالها إلى القطاع المنظم من خلال التعاون والتنسيق مع كافة الجهات المعنية، بالإضافة إلى تكوين قاعدة بيانات شاملة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة بهدف إيجاد معلومات وبيانات إحصائية دقيقة لهذا القطاع تسهم باتخاذ القرار لتقديم الدعم المناسب له، كما يجب تطوير عمل الدراسات والبحوث المتعلقة بالقطاع، وبشكل أساسي التطوير المستمر للمرصد الوطني للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومعه تطوير سياسات دعم المشروعات، وتعزيز تنافسية الإنتاج المحلي، وإحداث شبكة وطنية لحاضنات أعمال المشروعات المتعددة.

تحقيق الدعم
تم تصنيف متطلبات تعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة بشكل علمي وواقعي، والوقوف على النقاط التي يمكنها دعم هذا القطاع، وتحديد الأولويات فيه، المدير العام لهيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة إيهاب اسمندر بيّن أن الهيئة تعمل على جعل هذه المشروعات جزءاً من الاقتصاد الوطني، ولفت الأنظار لها من قبل خريجي الجامعات والمعاهد لجعلها مصدر عمل ورزق لهم، والابتعاد عن الفكر النمطي للبحث عن الوظائف العامة والخاصة، أي صنع مشروعات خاصة بهم، والانطلاق بها لتتحول إلى أعمال كبيرة تحقق الدعم الاقتصادي لهم وللبلد، ومن جهة الهيئة فإنها تسعى لتصحيح بيئة أعمال المشروعات، وحل الثغرات والمشكلات التي تقف أمامها، ومنها إقامة تجمعات حرفية وصناعية ومراكز تدريبية للمشروعات، والعمل على زيادة إنتاجية المشروعات القائمة، وتحسين أدائها، وزيادة صادراتها، إلى جانب تنظيم وضبط سوق تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتسهيل نفاذها إلى الخدمات المالية، مع نشر ثقافة ريادة الأعمال، وتشجيع الإبداع والابتكار.

رؤية الهيئة
أما بالنسبة لأهمية تنمية المشروعات فهي قابلة للانتشار في مختلف المناطق داخل المدن والأرياف، ما يضمن عدالة أكبر في التنمية المتوازنة على امتداد مساحة البلد، ويضيف اسمندر: توفر المشروعات كماً كبيراً من فرص العمل، ما يشكّل حلاً لمشكلة البطالة في المناطق التي تتواجد فيها المشروعات، وتتميز هذه المشروعات بعدم حاجتها لرأس المال الكبير النادر نسبياً بعنصر العمل ذي الوفرة النسبية في مختلف المناطق السورية، أي أن كثافة العمل تساوي ارتفاع قيمة عنصر العمل بالنسبة لرأس المال، حيث تلعب المشروعات في حل مشكلة البطالة، وينظر لها كأهم الحلول لهذه المشكلة، ويتابع اسمندر: إن رؤية الهيئة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة أنه يجب أن يعمل 70% من قوة العمل السورية في المشروعات لتحقيق الاستفادة الحقيقية منها عبر التأكيد على وجود علاقة إيجابية بين المشروعات، وزيادة دخل الفئة المستهدفة.

إحجام البنوك
يكشف واقع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في سورية عن عدة مشكلات حددتها الهيئة من خلال دراسة علمية، حيث كشف مدير المرصد الوطني محمد طه أهم المشكلات المالية المتعلقة بطبيعة إنشاء المشروعات التي تعتمد معظمها على المدخرات العائلية، والاقتراض العائلي غير الكافي وغير المنتظم، وعلى القروض العائلية، بالإضافة إلى ضعف الضمانات المالية، واللجوء إلى الوسطاء والمرابين بأسعار باهظة ترفع تكاليف الإنتاج، ما يؤدي إلى إحجام البنوك عن التعامل معها، وهناك بعض المشكلات المتعلقة بالملكية الفردية أو العائلية، حيث يربط وجود المنشأة بحياة أصحابها واستقرارهم العائلي، وفي حال حدث أي نزاع وخلاف فإن المشروع يهدد بالفشل والإغلاق، وهناك أيضاً مشكلة في خلط الذمم المالية للمنشأة مع الذمة المالية لأصحابها، وعدم القدرة على التنبؤ والتخطيط، وعدم دقة البيانات اللازمة، مع غياب مركزية الإدارة حتى في حالة التوسع بوجود ضعف العداد العلمي والمهني والإداري لرب العمل، وضعف قدرته على الأخذ بأسباب التقدم والتطور، إلى جانب ندرة البيانات المالية والمحاسبية الدقيقة، وتعدد هذه البيانات، مع تأخر إعداد هذه البيانات على نحو ينفي الغرض من استخراجها، أي عدم وجود دفاتر أو سجلات.

الواقع التسويقي
تعاني المشروعات الصغيرة والمتوسطة من قلة الأماكن المخصصة لعرض المنتجات، وعدد قنوات التوزيع، وعدم القدرة على مواكبة تقلبات الطلب الشديد، ما يؤثر على كفاءة ووجود المنشأة، مع الافتقار إلى المواصفات والتصميمات، وعدم القدرة على تنفيذها، وهنا يؤكد طه غياب الرقابة على الجودة في المشروعات، وعدم وجود حماية لهذه المنشآت من الدولة، أو مواكبة التطور المتلاحق في ذوق ورغبات المستهلكين، وانخفاض القدرة التفاوضية على الأسعار، حيث تعاني 72% من المشروعات المتوسطة والصغيرة صعوبات تسويقية، كما تعاني المشروعات من مشاكل الحصول على المواد الخام والأولية المناسبة، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى الجودة، واحتكار الوسطاء وتجار الجملة، وفرض سلع محملة عند الشراء بالأجل.

برامج عمل الهيئة
لابد أولاً من نشر الوعي الكامل بين صفوف الطلبة حول إقامة المشروع الريادي الخاص بهم، لذلك تعمل الهيئة على تفعيل برنامج التدريب الطلابي الذي يعتمد على تأهيل الأشخاص الراغبين مهنياً في مجال ما، الأمر الذي يفتح أمامهم الفرصة لإيجاد عمل حر، وبحسب المرصد الوطني فانه يتم التدريب في مختلف المجالات الإدارية والمحاسبية والمهنية الحرفية في معظم المحافظات، وذلك بالتعاون مع مؤسسات حكومية أو خاصة أو مراكز تأهيل مهني أو جامعات، وما إلى ذلك، فالمتخرجون من هذا البرنامج يصبحون أصحاب مهن، بالإضافة إلى إقامة برنامج تأهيل رواد الأعمال، وهذا البرنامج يعنى بأشخاص يرغبون بإقامة مشروعات خاصة بهم على أن تكون مميزة ونوعية، حيث يخضع متابعو هذا البرنامج لدورات متخصصة في ريادة الأعمال تتضمن مفهوم الريادة، وسمات رائد العمل، ودراسة الجدوى الاقتصادية، وتحليل السوق، بالإضافة إلى توضيح مفاهيم التسويق والإدارة والمحاسبة وإدارة فريق العمل، وأوضح المرصد الوطني أهمية تشكيل فريق المدربين باعتبار أن التدريب من أهم مهام الهيئة بموجب القانون رقم 2، وقد تم تقديم اهتمام خاص لهذا الجانب، والعمل على تشكيل فريق من العاملين في الهيئة لديهم المقدرة الكاملة على تدريب أصحاب المشروعات والعاملين في قطاع المشروعات على القضايا الرئيسية.

ميادة حسن