تحقيقاتصحيفة البعث

الأول من نوعه في حماة.. مشروع لصناعة المتممات العلفية من مخلفات المسالخ

تعدّ محافظة حماة مركزاً مهمّاً لتربية وإنتاج الدواجن وتنتشر في عموم المحافظة آلاف المتاجر والمسالخ، سواء في الأرياف أم المدن، وما ينتج عنها من أطنان المخلفات العضوية المضرّة بالصحة العامة، ومع الحاجة الماسة للتخلص الآمن من هذه المخلفات التي تتكدّس منذ عدة سنوات كمكبات على جوانب الطرق، انطلقت عدة أفكار رائدة نتج عنها المعمل البيئي الأول من نوعه في المحافظة لصناعة المتممات العلفية بالاستفادة من البقايا العضوية لمسالخ الفروج وتحويلها إلى علف في بلدة كفربو.

مخلفات مهملة 
سامر الماغوط مدير بيئة حماة أكد أنه ومنذ سنوات طويلة تعاني محافظة حماة من تراكم أطنان من بقايا مسالخ الفروج التي تنتشر في كل قرية وكل مدينة تقريباً، وكان يتم التخلص من هذه المخلفات في المكبات العشوائية في محيط البلدات والمدن وبشكل يؤدّي إلى تلوّث البيئة وانتشار الأمراض والأوبئة وحتى الكلاب الشاردة المسعورة، كما كانت تؤخذ هذه المخلفات إلى المزارع السمكية المنتشرة على طول ضفاف العاصي ومنطقة الغاب، حيث تقدّم بصورتها النيئة وغير الصحية كعلف للأسماك، وهو ما يتسبّب بالمشكلات الصحية للمواطنين وانتشار الأمراض والأوبئة.

تشجيع المبادرات النافعة
وأضاف الماغوط: اليوم بات لدينا في المحافظة معمل بيئي يعدّ الأول على مستوى المنطقة الوسطى ويقوم بجمع هذه المخلفات عبر سيارات مبردة ومكيفة من مواقعها في عموم المحافظة ونقلها بشكل آمن إلى المعمل الواقع إلى الغرب من بلدة كفربو، حيث يقوم ووفق أسس علمية ومراحل طبخ وتعقيم مختلفة بتحويل بقايا المسالخ إلى مادة بروتينية تدخل في صناعة الأعلاف، في الوقت الذي نحن فيه بأمس الحاجة للبروتين عوضاً عن بروتين الصويا المستورد وذي التكلفة العالية الذي يتطلب قطعاً أجنبياً، وقال: حقيقة هذا المعمل يعدّ اليوم مكسباً لمحافظة حماة ونحن نشجع على هذه الأفكار ومبادرات رجال الأعمال التي تدعم البيئة وتحافظ عليها في الوقت الذي تعاني فيه بيئتنا من استنزاف قاسٍ لمواردها.

تدوير المخلفات بالأسس العلمية
بدوره قال طاهر العيسى عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل والبيئة في المحافظة: إن تدوير مخلفات المسالخ بالطرق العلمية هو حاجة ماسة لكل المجتمعات المتمدّنة، وخاصة أنه يحمل فائدتين الأولى تخفيف الأضرار البيئية الناجمة عن بقايا المسالخ، والثانية إنتاج البروتين العلفي، ولدينا الكثير من الدراسات في هذا الميدان التي تركز على الاستفادة من المخلفات العضوية للنهوض بواقع الإنتاج الحيواني من خلال تخفيض تكاليف الإنتاج وتخفيض بدائل ومستلزمات الإنتاج وتحقيق فائدة بيئية، وإعادة تدوير هذه المخلفات كجزء من استراتيجية التغذية الحيوانية يعكس التقدم العلمي الذي وصلنا إليه وكيفية استثمار الوسائل الحديثة في النفع العام. وأشار إلى أن محافظة حماة وحرصاً منها على تنشيط مثل هذه المشاريع ومنحها الزخم الكبير، أصدرت قرارات تلزم فيها أصحاب المسالخ ببيع مخلفاتها البيئية إلى المعامل البيئية وضمان وصول تلك المخلفات إلى المعمل عبر تشكيل لجان مهمّتها مراقبة تلك المخلفات وأيضاً مراقبة وضمان تصنيعها وفق الشروط البيئية المثلى التي تضمن إيجاد منتج نظيف وآمن دون أية أضرار على البيئة المحيطة.

دعم صناعة المتمّمات
ودعا العيسى إلى دعم صناعة المتممات العلفية التي توفر استيراد المواد الأولية ذات التكلفة العالية، مبيناً التزام هذه الصناعة بالشروط الصحية الكاملة بما يضمن منتجاً صناعياً وفق مواصفات الجودة السورية وشروط الحفاظ على البيئة من التلوث.

الاستعانة بالتجارب الخارجية
من جهته لؤي نعسون مدير المعمل قال: راودتني الفكرة الأولى للمشروع بعد أن لاحظت انتشاراً كبيراً لبقايا مسالخ الفروج ومن خلال الاطلاع على تجارب في الدول الغربية عبر المراجع العلمية وعبر شبكات التواصل، وقررت البدء بمشروع يكون متميزاً ونافعاً، وبالفعل وضعنا كل الدراسات الهندسية وتصاميم المشروع وفق الشروط الصحية وبدأنا التطبيق، واليوم هذه المنشأة تعتبر بيئة مئة بالمئة فهي بالإضافة إلى كونها تهتم بمخلفات المسالخ وإعادة تصنيعها فنحن لدينا محطة معالجة وكلورة للمياه وتقوم بإعادة معالجة مياه الطبخ وتعقيمها، أيضاً تم تركيب وحدة فلاتر ومكثفات مهمتها امتصاص الروائح ومنع انبعاثها وتصفيتها بأجهزة الكلورة وتنقية الهواء المحيط بالمنشأة ومنع انبعاث أي روائح ناتجة عن تلك المخلفات.

منتج عضوي
وأضاف نعسون: تمرّ المخلفات العضوية بعدة مراحل مختلفة، حيث يتم سحب المخلفات العضوية الواردة إلى طباخات كبيرة وهي عبارة عن مراجل كبيرة ومغلقة بإحكام وتتم عملية طهو تلك المخلفات تحت درجات حرارة تصل إلى 150 درجة مئوية لعدة ساعات وبضغط بخار يصل إلى 4 بار، وفي هذه العملية التي تستمر 10 ساعات متواصلة وتعتبر مرحلة التعقيم الأولى يتم التخلص من البكتيريا والجراثيم ثم يجري “تنشيف” المادة المنتجة لساعتين ويعاد تبريدها من جديد وإدخالها إلى وحدة الجرش والطحن حيث يخرج مسحوق من البروتين العالي، ومن ثم عملية التعبئة والتغليف، ويجري بيع هذا المسحوق إلى معامل الأعلاف، فهو يستخدم كمتمم غذائي غني بالبروتين، حيث تصل نسبة البروتين في المسحوق إلى 50 بالمئة وهو أكفأ من بروتين الصويا المستورد ذي نسبة الـ40 بالمئة.

منير الأحمد