دراساتصحيفة البعث

خفايا ديمقراطية الانتخابات الأمريكية الزائفة

عناية ناصر

وجهة النظر الرومانسية للديمقراطية هي أنها تمنح المواطنين التأثير على حكوماتهم، فالمواطنون هم من يقررون من يملك السلطة، وإذا لم ينفذ المنتخبون إرادة الناخبين، فإن الانتخابات الديمقراطية ستوفر آلية لاستبدالهم، وستدفع الممثلين المنتخبين لتمثيل مصالح من يحكمونهم. لذلك عادة ما يكون لدى النخبة السياسية كل الحوافز للدفع بهذه الدعاية حول الديمقراطية، لأنها تضفي الشرعية على استخدامها أو إساءة استخدامها للسلطة، فأفراد هذه النخبة يزعمون أنهم ينفذون إرادة الشعب من خلال عملية صنع القرار الديمقراطي.

الانتخابات هي ببساطة الآلية التي تحدد أعضاء النخبة الذين لديهم السلطة لفرض ولاياتهم على الجماهير، لكن في الواقع فإن فكرة أن النخبة السياسية مسؤولة بطريقة ما أمام الجماهير هي مجرد وهم. والحقيقة أنه لا سلطة للجماهير على الرغم من أنها تفوق بكثير عدد النخبة.

وعليه لا يمكن صنع السياسة العامة، بالضرورة، إلا من قبل مجموعة صغيرة من الأفراد لأن مجموعة الأشخاص الذين يصنعون السياسة العامة يجب أن تكون صغيرة بما يكفي لكي يتفقوا مع بعضهم البعض. وباستخدام المصطلحات الاقتصادية، يتطلب إجراء الصفقات السياسية تكاليف معاملات منخفضة، مما يعني أعداداً صغيرة من المفاوضين، وهنا تواجه الجماهير تكاليف معاملات عالية ولا يمكن أن تكون أبداً أعضاء في المجموعة التي تضع السياسة العامة.

هذه المجموعة الصغيرة – النخبة ، والتي تشكل (1) في المائة – تشمل المشرعين والبيروقراطيين رفيعي المستوى، وجماعات الضغط الذين يشقون طريقهم إلى هذه النخبة. إنهم يصنعون السياسة، ويجب أن تتبع الجماهير اتفاقاتهم. لذلك هناك عدم استمرارية في السلطة السياسية، على عكس القوة الاقتصادية، فالشخص الذي لديه 20 دولاراً لديه ضعف القوة الاقتصادية لشخص لديه 10 دولارات، والشخص الذي لديه 10 ملايين دولار لديه عشرة أضعاف القوة الاقتصادية لشخص لديه مليون دولار.

لكن يمكن للأشخاص الذين لديهم القليل من القوة الاقتصادية ويريدون المزيد أن يحصلوا على ذلك من خلال العمل لبعض الوقت الإضافي، أو الحصول على وظيفة ثانية، أو البحث عن وظيفة بأجر أعلى. أما الناس الذين لديهم القليل من القوة السياسية ليس لديهم طريقة جيدة للحصول على المزيد. صحيح أنه يمكنهم التبرع لحملة سياسية، أو العمل لصالح حزب، أو المساهمة في منظمات الضغط، لكنهم ما زالوا بلا قوة، إنهم فقط يمنحون المزيد من القوة لمن يمثلونهم ويدعون أنهم يعملون من أجلهم.

وإذا لم يكن لديك طريقة للدخول في مفاوضات لتغيير السياسة العامة، يمكنك التصويت، ولكن عندما تفعل ذلك، فأنت ببساطة تعبر عن تفضيل للعضو من النخبة الذي سيمارس سلطة الحكومة القسرية. وفي الحقيقة، صوتك الوحيد ليس له أي وزن، وبغض النظر عمن تصوت له، أو ما إذا كنت ستصوت على الإطلاق، فسيتم انتخاب نفس الأشخاص.

تسبغ أيديولوجية الديمقراطية الشرعية على أولئك الذين يتم انتخابهم، لأنها توحي بأنهم قد تم اختيارهم لأن وجهات نظرهم تتوافق مع آراء الناخبين، لكن الحكومة تدار من قبل نخبة قليلة، والانتخابات الديمقراطية لا تغير هذه الحقيقة الواضحة. ما يعني أن الديمقراطية لا تمنح المواطنين السيطرة على حكوماتهم، إنها طريقة لتحديد النخب التي لديها سلطة حكم الجماهير.