دراساتصحيفة البعث

شغب الكابيتول التحدي الأكبر لـ بايدن

ترجمة: هناء شروف

عن الاندبندنت

تنصيب جو بايدن كرئيس للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني لاشك أنه سيكون لحظة محورية في تاريخ الديمقراطية الأمريكية. وفي أعقاب الغضب الناجم عن اقتحام أنصار ترامب للكونغرس منذ أيام، ستنشر السلطات ما لا يقلّ عن عشرة آلاف من الحرس الوطني في واشنطن بحلول نهاية هذا الأسبوع. فقد أوردت التقارير تحذيرات مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن احتجاجات مسلّحة محتملة في العاصمة وفي أنحاء من الولايات المتحدة في الأيام المقبلة، وأغلقت السلطات المنطقة المحيطة بنصب واشنطن بالقرب من المكان الذي حثّ فيه ترامب مؤيديه على القتال من أجل حقه في البقاء بالمنصب.

إن الانتقال السلمي للسلطة كان أساسياً لفهم الولايات المتحدة لنفسها، وينظر الأمريكيون والعالم إلى التنصيب الرئاسي على أنه لحظة احتفال مدني يتجاوز الاختلافات الحزبية، واختيار ترامب لحشد تمرّد ضد تسليم السلطة يعدّ بمثابة مقياس على نرجسيته وغطرسته وإرادته المشوشة.

لم تكن أعمال الشغب في الأيام الماضية عبارة عن مسرحية لمرة واحدة خرجت عن السيطرة، بل كانت ساحة للهجوم على الديمقراطية تدور منذ شهور. إن الفوضى العنيفة التي حدثت وأدّت إلى مقتل خمسة أشخاص، جاءت تتويجاً لإستراتيجية ترهيب وتشويه سمعة المؤسسات في الدولة التي يقودها ترامب، لذلك فإن الأعضاء الديمقراطيين في مجلس النواب محقون في بدء إجراءات العزل للمرة الثانية ضد رئيس مارق. ولكن كل تبعات عزل ترامب سيئة، وسوف يصرف الانتباه عن انتصار جو بايدن وتوليه السلطة، وسيتعرّض الديمقراطيون لمخاطر أكبر، وستزداد شهرة الرئيس المنتهية ولايته مع كل صرخة ابتهاج من أعدائه. حتى لو اختفى في المنفى، فإن أنصاره سيبحثون عن منقذ آخر، متمرّد آخر من الفدرالية المشوشة التي هي الديمقراطية الأمريكية الحديثة. لهذا السبب يجب على الليبراليين في كل مكان توخي الحذر في كيفية ردّ فعلهم على رحيل ترامب، يجب أن يعرف الخاسرون كيف يخسرون، ويعرف المنتصرون كيفية الفوز بحكمة، لذا تجاهلوا ترامب وعدّوا الدقائق حتى يرحل.

بعد أعمال الشغب في الكابيتول، يواجه جو بايدن التحدي المتمثل في استعادة الثقة بالديمقراطية الأمريكية، وسيكون لاقتحام الكونغرس الذي يعدّ هجوماً على الديمقراطية، عواقب وخيمة على الصورة الأمريكية في العالم، وسيجعل الهدف الرئيسي للرئيس المنتخب جو بايدن بإعادة تأسيس القيادة الأمريكية العالمية أكثر صعوبة، ناهيك عن عدم استطاعة أي رئيس أمريكي لاحق أن يستفيد من سلطته الأخلاقية للمساعدة في الدفاع عن العمليات الأساسية للديمقراطية في الخارج.

مع إطلاق العنان للمشاعر الشعبوية في جميع أنحاء العالم، وانهيار تقاليد التعاون بين الدول، يجب أن يستعيد جو بايدن الثقة فيما كان يوماً نظاماً عالمياً بقيادة أمريكية. لطالما كانت السياسة الأمريكية عنيفة وهياكلها الديمقراطية هشة، وأيّ أمل في تغيير هذا سيتطلّب أكثر من مجرد حنكة سياسية هادئة من الرئيس المنتخب. سيتطلّب اهتماماً منسقاً من جميع فروع الإدارة على جميع المستويات، وسيستغرق الأمر وقتاً أكثر من السنوات الأربع المقبلة من رئاسة بايدن. بالنسبة لـ بايدن وبالنسبة لأي أميركي ملتزم، فإن مهمة السنوات الأربع المقبلة وما بعدها يجب أن تكون بالتأكيد هي الإزالة الكاملة من قاعات الكونغرس المقدسة لكل هؤلاء الترامبيين الذين انتهكوا الكابيتول بالكلام والفكر والعمل قبل وقت طويل من وصول الغوغاء.