دراساتصحيفة البعث

هل اقتحام الكابيتول فبركة إعلامية؟

ترجمة وإعداد: هيفاء علي

أثارت الأحداث الأخيرة التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تجسدت باقتحام الكابيتول من قبل أنصار ترامب، وبتحريض مباشر منه، استغراب العالم بأسره، ودفعت المحللين الأمريكيين للتساؤل فيما إذا كانت الحرب الأهلية هي مستقبل أمريكا، وإذا كانت ستتحول إلى حرب عالمية؟.

يلفت هؤلاء المحللون إلى أنه في أعقاب الانتخابات الرئاسية يبدو من المرجح حدوث كلا الاحتمالين، لاسيما بتوفر أدلة كثيرة على وجود دولة بوليسية، فمن سمات الدولة البوليسية السيطرة على المعلومات، ومن الواضح أن هذا هو الحال في الولايات المتحدة.

يعلم الجميع حقيقة أن احتكارات التكنولوجيا تتماشى مع المؤسسة ضد الشعب، لدرجة أن الرئيس ترامب الذي يُحاكم مُنع من التواصل مع مؤيديه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ورسائل البريد الالكتروني، إذاً ما تفعله المؤسسة الأمريكية مع الرئيس ترامب هو بالضبط ما فعلته بالرئيس الأوكراني يانوكوفيتش في “ثورة الميدان” التي نظمتها واشنطن، والتي أطلق عليها منافقو ويكيبيديا “ثورة الكرامة”، وما فعلته بالضبط لتشافيز، ومادورو، وتود أن تفعله لبوتين.

لقد سيطرت المؤسسة “الديمقراطية” على وسائل الإعلام، وهي الآن تصور “المتمردين” على أنهم عملاء أجانب يسعون إلى قلب الديمقراطية الأمريكية، ويتجلى ذلك بتقديم صورة أن أنصار ترامب وقعوا في المعلومات المضللة، وهي أن سويسرا وايطاليا وراء الانتخابات المسروقة، والسؤال هو: على رأس من ستلقي المؤسسة اللوم بشأن “الحرب على أمريكا”؟.. هناك احتمالان هما الصين أو روسيا، أيهما ستختار المؤسسة؟.

إن إلقاء اللوم على الصين لن ينجح، لأن ترامب اتهمها بتقويض الاقتصاد الأمريكي، وأنصار ترامب معادون للصين بشكل عام، وبالتالي فإن اتهام المعارضة الحمراء بأنها عميلة للصين لن ينجح، لذلك سيكون إلقاء اللوم على روسيا هو الأسهل، كانت روسيا هي القبعة السوداء منذ خطاب الستار الحديدي الذي ألقاه تشرشل عام 1946، وقد اعتاد الأمريكيون على هذا العدو، حكمت الحرب الباردة من نهاية الحرب العالمية الثانية حتى انهيار الاتحاد السوفييتي في عام 1991، ويجادل العديد، بمن فيهم الجنرالات الأمريكيون المتقاعدون، بأن الانهيار السوفييتي كان مزيفاً للردع، ولكن عندما قررت المؤسسة محاصرة الرئيس ترامب، اختارت روسيا لتكون شريك ترامب في التآمر ضد الديمقراطية الأمريكية، اتهمت قضية “روسيا غيت” التي حاكتها وكالة المخابرات المركزية، ومكتب التحقيقات الفيدرالي، ترامب من قبل وسائل الإعلام الغربية بالتواطؤ مع روسيا لمدة ثلاث سنوات، وعلى الرغم من عدم وجود أدلة، كان الكثير من الأمريكيين والعالميين مقتنعين بأن بوتين قد أوصل ترامب إلى السلطة من خلال التلاعب بالتصويت بطريقة أو بأخرى، كان غسيل الأدمغة ناجحاً لدرجة أن ثلاث سنوات من العقوبات ضد روسيا فشلت في إعادة الغرب إلى الواقع، من هنا ونظراً لاعتبار روسيا عدواً تاريخياً ومنسقاً، فإن أي شيء يحدث في الولايات المتحدة يمكن تحميل المسؤولية عنه لروسيا.

قد تؤدي الانتخابات في أمريكا، الدولة البوليسية الأمريكية الناشئة الأكثر شراسة والأفضل تسليحاً من أية دولة في الماضي، إلى فوضى أمريكية يمكن أن تشكّل تهديداً كبيراً على الاتحاد الروسي، وما فشل ترامب وأنصاره في فهمه هو أن الأدلة الحقيقية لم تعد مهمة، لأن المؤسسة تخترع الأدلة التي تحتاجها لبرامجها، مع الأخذ بعين الاعتبار مدى سهولة قيام شرطة الكابيتول برفع الحواجز، والسماح لبعض أعضاء حركة “أنتيفا” مع مؤيدي ترامب بدخول مبنى الكابيتول، هذا كل ما يتطلبه الأمر لخلق “تمرد بقيادة ترامب”.