أخبارسلايد الجريدةصحيفة البعث

تدخلات الغنوشي تثير سخط قضاة تونس

استنكرت جمعية القضاة التونسيين تدخل رئيس البرلمان راشد الغنوشي في قضية رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي الموقوف على ذمة التحقيق في اتهامات بالفساد المالي، وقالت الجمعية في بيان “إن المكتب التنفيذي بعد اطلاعه على التصريحات الصادرة عن رئيس مجلس نواب الشعب، والتي ضمنها موقفه من مسألة إيداع رجل الأعمال ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي بالسجن على ذمة القضية التحقيقية المتعلقة به بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي، والتي عبر فيها عن اعتقاده في براءته، وأن المسائل المنسوبة له تتعلق بضرائب وقوانين مالية، وأن له الثقة في أن القضاء سينصفه وسيتولى تبرئته وإخراجه من السجن معززاً مكرماً”.

وعبرت الجمعية عن شدة استغرابها من “هذه التصريحات بخصوص ملف قضائي لايزال في طور التحقيق، بما يمكن أن يفهم منه أنه تدخل في سير القضاء ومساس باستقلاله وضغط على قراراته”، رافضة لمثل هذه التصريحات ولكل التعليقات التي يمكن أن تؤثر على سير القضية ومآلاتها.

ونددت بخطورة التدخل بمثل هذه التصريحات الصادرة عن رئيس البرلمان، التي تقلل من حجم التهم التي يجري التحقيق فيها، معتبرة ذلك توجيهاً سياسياً لمسار القضية وتكييف العمل القضائي في اتجاه الإفراج على المتهم. واعتبرت أن تدخل الغنوشي انتهاكاً صارخاً لدستور الجمهورية التونسية، الذي أرسى بشكل واضح نظام الفصل بين السلط، والذي يمنع كلا من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية من التدخل في عمل السلطة القضائية أو التأثير عليها بأي طريقة كانت، مذكرة بأحكام الفصل 109 من الدستور الذي يمنع كل تدخل في سير القضاء.

ودعت الجمعية في بيانها عموم السياسيين وأصحاب المسؤوليات العليا من مختلف السلط إلى عدم التدخل في السلك القضائي و”تجنب الخوض في القضايا محل نظر القضاء والالتزام بالممارسات الفضلى في دولة القانون”.

وتأتي هذه الاتهامات بعد أيام قليلة من حشد كتلة الحزب الدستوري الحر بقيادة عبير موسي لعزل زعيم حركة النهضة من منصب رئاسة البرلمان في ظل تصاعد الدعوات البرلمانية لسحب الثقة منه.

وتسعى كتلة الحزب الدستوري الحر على وقع تزايد التذمر والاستياء من أداء الغنوشي، لجمع أكبر عدد من توقيعات النواب لإمضاء عريضة جديدة تهدف لسحب الثقة زعيم حركة النهضة وعزله.

ومؤخراً تصاعدت الأصوات المحذّرة داخل البرلمان من تداعيات بقاء الغنوشي في منصبه على أداء مجلس النواب وعلى مستقبل الاستقرار السياسي في البلاد، حيث أكد النائب عن الكتلة الديمقراطية هشام العجبوني أن “وضع البرلمان لن يتغيّر إلا برحيل الغنوشي”، ووصف الغنوشي بـ”الرئيس الكارثة”، مشيراً إلى أنه تعسف النظام الداخلي وطوع الإجراءات لخدمة أجندات حزبه وحلفائه الإسلامويين.

وقد اعتبر النائب عن التيار الديمقراطي زياد الغنّاي أن الغنوشي هو رأس الأزمة السياسية في تونس منذ سنوات، فيما ألح حاتم المنسي النائب عن كتلة الإصلاح بالبرلمان على أن “سحب الثقة من الغنوشي لا يزال مطلباً مستعجلاً”.

وكانت موسي قد قادت في حزيران الماضي حملة من الضغوط لسحب الثقة من الغنوشي وعزله لإحداث انفراجة سياسية في تونس.

وتعيش تونس منذ سنوات مشكلات سياسية عميقة تسببت في إرباك قطاعات البلاد وأدت إلى أزمة اقتصادية حادة تفاقمت أكثر بعد انتشار فيروس كورونا وارتفاع معدلات الفقر والبطالة وتراجع مؤشرات النمو، في وقت تتنافس فيه القوى السياسية على حصد المناصب وتوسيع النفوذ بدل معالجة مشكلات البلاد المتناثرة.