دراساتصحيفة البعث

بايدن والدور التخريبي لحلفاء الأمس

هيفاء علي

كان فوز ترامب المفاجئ على هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الماضية بمثابة كسب أفضل صديق ثمين للكيان الإسرائيلي، ولكن بعد الفوضى التي أحدثها ترامب في المرحلة الأخيرة من ولايته، قد يضطر جو بايدن إلى إعلان حرب جديدة في الشرق الأوسط بهدف مزدوج هو تجفيف مصادر الطاقة في الصين، وتخفيف وصمة الانقسام في المجتمع الأمريكي.

كان اغتيال جون كينيدي قد أطلق شرارة ولادة ما يُسمّى “القوة في الظل”، ومنذ ذلك الحين، باتت منظمة “إيباك” تشكّل مجموعة الضغط المؤيدة للكيان الصهيوني الأكثر نفوذاً في الولايات المتحدة مع 150 عضواً مخصّصين حصرياً للضغط على الكونغرس والبيت الأبيض وجميع الهيئات الإدارية لاتخاذ قرارات سياسية تضمن مصالح الكيان الإسرائيلي.

وعلى الرغم من الاعتقاد بأن “إيباك” كانت “حكومة افتراضية” تدير السياسة الخارجية الأمريكية على أساس المصالح الإسرائيلية من مسافة بعيدة، إلا أن الحقيقة هي أن ذاك اللوبي له وزن حقيقي في هيئات السلطة، لأن الولايات المتحدة وطفلها المدلّل يتشاطران دائماً المصالح الجيوسياسية المتطابقة نفسها منذ إنشاء الكيان عام 1948، حيث كان الهدف هو تعويل الولايات المتحدة على الكيان لإبقاء الدول العربية في الشرق الأوسط تحت تهديد دائم بشنّ الهجمات (مع التأكد من أنها تظل تابعة لواشنطن). بالمقابل لا يمكن للكيان الإسرائيلي الاستمرار في الوجود بشكله الحالي دون الدعم السياسي والمادي القوي واللا محدود الذي يتلقاه، كما يشير تقرير خدمة الأبحاث في الكونغرس حول عمل الحكومة الأمريكية الذي صدر في 16 تشرين الثاني 2020 وحمل عنوان “المعونة الخارجية الأمريكية لإسرائيل”. أشار التقرير إلى أنه في عام 2016 “وقعت الحكومتان الأمريكية والإسرائيلية بروتوكولهما الثالث”، وهي اتفاقية المساعدة العسكرية لمدة 10 سنوات، والتي تغطي السنة المالية من 2019 إلى السنة المالية 2028 والتزمت الولايات المتحدة بتقديمها بموجب مذكرة التفاهم.

خلال فترة ولاية باراك أوباما الثانية، حدث “الخلاف” الإسرائيلي- الأمريكي مع مستشار الأمن القومي السابق للرئيس كارتر، زبيغنيو بريجنسكي، الذي ألقى خطاباً أمام المجلس الوطني الإيراني، قال فيه: “لا أعتقد أن هناك التزاماً ضمنياً يحتّم على الولايات المتحدة اتباع ما يفعله الإسرائيليون كحمار غبي، أعتقد أن للولايات المتحدة الحق في أن يكون لها سياسة أمنها القومي الخاصة بها”.

يضيف التقرير، زيادة على ذلك، اختلف يبريجنسكي مع جماعات الضغط الجديدة، من المحافظين الجدد والجمهوريين واليهود الأمريكيين، حيث قال في إحدى المقابلات: “لا أريد أن أرى رؤساء إيباك في مكاتب وكالة الأمن القومي حيث اعتادوا أن يأتوا على هذا النحو”. واتهم بريجنسكي بقصر النظر الجغرافي- الإستراتيجي إزاء مجموعتي الضغط عندما صرّح بـ”أنهم مهووسون بإسرائيل والخليج العربي والعراق وإيران، لدرجة أنهم فقدوا وجهة نظرهم حول الوضع العالمي المتمثل بالقوة الحقيقية في العالم أي روسيا والصين، الدولتان الوحيدتان اللتان تتمتعان بقدرة حقيقية على مقاومة الولايات المتحدة وإنكلترا، ويجب أن يركزا اهتمامهما عليهما”. وكانت مجلة “لوبوانت” أشارت إلى أن مستشار كارتر السابق يذكر في كتابه أن الجزء الأكثر أهمية من الناحية الإستراتيجية في العالم هو أوراسيا (أوروبا وآسيا)، فهل يحتاج جو بايدن إلى حرب جديدة، خاصة وأن إيران اكتسبت بُعداً من القوة الإقليمية بفضل قصر النظر السياسي لإدارة بوش المهووسة بـ”محور الشر”؟.

يختمُ التقرير، مع انتخاب حسن روحاني رئيساً جديداً لإيران، انفتح سيناريو جديد وفرصة لحلّ الملف النووي الإيراني. وبالتالي، سيكون من الممكن استئناف اتفاقية التعاون في مجال الطاقة لعام 2010 بين العراق وإيران وسورية لبناء خط أنابيب غاز يربط الخليج العربي بالبحر الأبيض المتوسط ويسمح بوصول الغاز الإيراني إلى الاتحاد الأوروبي، ولكن هذه المحاولة سيتمّ نسفها من قبل النظامين التركي والسعودي والكيان الإسرائيلي.