ثقافةصحيفة البعث

لعنة مسلسلات البيئة الشامية تعكر صفو الدراما السورية

لا نغالي كثيراً إذا قلنا إن الدراما السورية دخلت في نفق مظلم لا بصيص فيه لأمل يلوح بالأفق بعد سلسلة من الخطوات غير الصحيحة التي انتهجها منتجو وصنّاع الدراما في سورية، فبعد مرحلة مفعمة بالمسلسلات القيّمة والتي حملت في مضمونها رسائل اجتماعية وإنسانية هادفة، لامست هموم وشجون المواطن العربي على وجه العموم والسوري على وجه الخصوص، وجمعت معادلة الشكل والمضمون وابتعدت عن الثرثرة والكلام المجاني والتهريج، احتلت درامانا مكانة مرموقة عربياً، لا بل إن تطلعات القائمين عليها ذهبت إلى أبعد من ذلك عندما تُرجم العديد من المسلسلات إلى عدة لغات أجنبية أكدت بالدليل القاطع حسن خطواتنا الفنية وغنى درامانا بكوادرها وفنانيها الذين نجحوا في تأكيد علو كعبهم، وباتت المسلسلات السورية تفرض نفسها بقوة على جميع الشاشات العربية، ورغم كل هذا التفوق حذرنا حينها من خطورة الانغماس المفرط في النشوة الدرامية المنفلتة من عقالها، إذ قلنا حينها إن هذا أتى على حساب النوع، ومع ذلك شهدنا نقلة نوعية في غالبية الأعمال التي تصدّرت الشاشات العربية. الأمر الذي جعلنا نتوسّم خيراً في استمرارية هذا التألق والمحافظة على المكانة المرموقة للدراما السورية، لكن توسمنا هذا –للأسف- لم يدم طويلاً بعد أن شاهدنا ولمسنا التراجع المخيف لدرامانا في السنوات العشر الأخيرة بعدما ابتعدت عن أهدافها السامية وقولبت نفسها بالعباءة التجارية الربحية التي كبّلتها وشكلت عليها عبئاً ثقيلاً تمجّه نفوسنا وأذواق المتابعين، ونالت مسلسلات البيئة الشامية النصيب الأكبر في عملية الإنتاج لاعتبارات كثيرة يأتي في مقدمتها أنها تصوّر في استديوهات داخلية والمقاطع الخارجية قليلة، وهي غير مكلفة إنتاجياً، إضافة إلى أن تسويقها بات يلقى رواجاً ويدرّ أموالاً كثيرة على أصحاب شركات الإنتاج، لكن الموضوع تمّ استسهاله واستهلاكه ومعالجته بطريقة خاطئة، وبدلاً من تقديم مادة بيئية توعوية تتحدث عن التاريخ الدمشقي بطريقة حضارية، باتت مسلسلات البيئة كالمعلبات المستهلكة، فقد معظمها الفكرة الجيدة والشكل والمضمون، وجاءت في غالبيتها متشابهة في المعالجة والطرح باستثناء القليل منها وهذا ما ندر.

ويجب ألا ننسى أن مسلسلات البيئة الشامية في السنوات العشرين الماضية قدّمت أعمالاً مازالت تدغدغ ذاكرة متابعينا ونالت متابعة جماهيرية واسعة. فبعد “أيام شامية” تتالت مسلسلات البيئة فكان مسلسلا “الخوالي” و”ليالي الصالحية، وحديثاً “أهل الراية” و”باب الحارة” الذي حقق في جزئه الثاني جماهيرية شعبيّة في الوطن العربي دفعت صحيفة الواشنطن بوست حينها لاعتباره أحد الأعمال التلفزيونية العشرة الأكثر متابعة حول العالم، ورغم ذلك، فإنّ هذه النوعية من الدراما استقطبت انتقادات واسعة، ولاسيّما من ناحية رفضها الحداثة وحقوق المرأة وغياب الأطر الزمنيّة والتاريخيّة.

هذا الموسم يبدو أن السيناريو لم يتغيّر، بل على العكس سيشهد العديد من مسلسلات البيئة الشامية بعد أن بدت ملامح الموسم الرمضاني تتضح كاشفة بأنّ نصف الدراما التي سنشاهدها ستكون من البيئة الشامية، حيث تنجز مجموعة كبيرة من المسلسلات الشامية يأتي في مقدمتها «حارة القبة» من ستين حلقة تأليف أسامة كوكش وإخراج رشا شربتجي وإنتاج شركة «عاج»/ هاني العشي.

المسلسل الثاني سيكون «سوق الحرير2»، بعد فشل جزئه الأوّل رغم حشد النجوم الذين لعبوا فيه وهم: بسام كوسا، سلوم حداد، كاريس بشار، فادي صبيح، ندين تحسين بيك.. وآخرون.

من ناحيتها، تجهّز شركة «غولدن لاين» (ديالا ونايف الأحمر) لمجموعة أعمال بعد خوض تجربة العشاريات بين هذه المسلسلات «العربجي» (عمل شامي كتابة عثمان جحى وإخراج تامر اسحق وبطولة باسم ياخور، وكاريس بشّار).

أيضاً سيكون المشاهد على موعد مع عرض مسلسل «أولاد سلطان» (كتابة سعيد الحناوي وإخراج غزوان قهوجي إنتاج «شقرة للإنتاج الفني») من بطولة حسام تحسين بيك وسليم صبري ويحيى بيازي وماهر شقرة وعبد المنعم عمايري، ويقدم العمل صيغة تقليدية لصراع المال والسلطة والجاه في حارة شامية.

وتستمر شركة «قبنض» في إنتاج أجزاء جديدة من سلسلة «باب الحارة» (كتابة مروان قاووق إخراج محمد زهير رجب بطولة: زهير عبد الكريم، رضوان عقيلي، نجاح سفكوني، قاسم ملحو، أمية ملص، زهير رمضان، فاتح سلمان، رنا الأبيض، مصطفى المصطفى، بلال مارتيني).

الشركة نفسها ستقدّم جزءاً ثانياً من «بروكار» (كتابة سمير هزيم وإخراج محمد زهير رجب بطولة: عبد الهادي الصبّاغ، سلمى المصري، زهير رمضان، رنا الأبيض، قاسم ملحو، علاء القاسم، وزينة بارافي). قدّم الجزء الأول من العمل خلال الموسم الماضي.

أخيراً دخلت شركة إنتاج جديدة على خط الدراما السورية هذا الموسم، حيث اختار رجل الأعمال السوري ماهر البرغلي خوض هذه المغامرة معوّلاً على خبرة النجم أيمن رضا الذي يدير له شركته الوليدة التي سمّاها MB. وقد باشرت منذ فترة بتصوير مسلسلها الشامي «الكندوش» (خزّان للقمح والحبوب يكال منه بموازين محددة أيّام زمان) العمل يتألف من ستين حلقة، كتابة: حسام تحسين بيك، إخراج: سمير حسين، بطولة: أيمن زيدن، سلاف فواخرجي، شكران مرتجي، أيمن رضا، فايز قزق، تيسير إدريس، رضوان عقيلي، كندة حنا، جفرا يونس، همام رضا، فاتح سلمان، حازم زيدان، وتدور القصة في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي.

مهند الحسني