دراساتصحيفة البعث

بريطانيا الجديدة تواجه خطر الانعزال المالي

ترجمة وإعداد: عائدة أسعد

يتعين اليوم على بريطانيا إعادة تعيين موقعها في المشهد التجاري العالمي، خصوصاً في ظل تنامي ضغوط الديون المتزايدة التي تكاد تخنق اقتصادها، فدون سوق للاتحاد الأوروبي، كدولة تجارية ذات سيادة منفردة، تخاطر المملكة المتحدة بأن تصبح معزولة مالياً.

شكّلت الصفقة التجارية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي التي كانت بقيمة 660 مليار جنيه استرليني (893 مليار دولار أمريكي) ومُرّرت عبر البرلمان البريطاني، إغاثة مرحباً بها، لأنها ستسمح للمملكة بالوصول إلى مستهلكي الاتحاد الأوروبي دون رسوم جمركية، وتمنع خروج بريطانيا من الاتحاد دون صفقة.

وفي حين أن قادة العالم- كالولايات المتحدة والصين- شركاء تجاريون مهمون، فإنه يجب على المملكة المتحدة أيضاً الاستفادة من تكتلات السوق القائمة، حيث تظهر الفرص كما هو الحال في نيجيريا وغانا وبنغلادش، فقبل “كوفيد 19” كانت بنغلادش تشهد نمواً بنسبة 8% تقريباً، وارتفاعاً في عدد السكان بلغ 163 مليوناً، بينما كانت غانا تتبع نمواً بنسبة 6% تقريباً، ونمت الهند- وهي إحدى دول الكومنولث الرئيسية- بمعدل متزايد بشكل مطرد من حوالي 4.4% إلى حوالي 7.1% منذ السبعينيات عندما انضمت المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى أن بنغلادش والهند وماليزيا ونيجيريا وباكستان لديها قوى عاملة شابة ماهرة مشهورة بابتكاراتها، كما أن تزايد عدد سكان نيجيريا، التي من المتوقع أن تكون ثالث أكبر دولة من حيث عدد السكان بحلول عام 2050، يخلق سوقاً كبيرة ومتوسعة للمملكة المتحدة.

إن نيجيريا تدعم نهج التجارة الحرة، والأهم من ذلك أنها تحافظ على نظام قانوني متعدد يحتفظ بعناصر من القانون البريطاني، وبالتالي هو مألوف أكثر للشركاء التجاريين، كما أن الاقتصادات النامية كبنغلادش وغانا- باعتبارهما كانتا من المستعمرات البريطانية السابقة- تدير كذلك نظاماً قانونياً قائماً على نظام القانون العام البريطاني، ما يسهل التعامل التجاري.

ويشير الكثيرون إلى اعتبار الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري منفرد للمملكة المتحدة، إلا أن اتجاهات النمو الاقتصادي العالمي تعني أنه قد لا يكون من الحكمة أن تضع المملكة المتحدة كل بيضها في سلة الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه لا يعني أنه على بريطانيا أن تدير ظهرها لاتفاقية الخدمات مع الولايات المتحدة، خاصة أن الخدمات لم يتم تضمينها إلى حد كبير في صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، واقتصاد المملكة المتحدة يعتمد بشكل كبير على قطاع الخدمات، ما يتركها بدرجة من الضعف.

يمكن للاقتصاد البريطاني أن يتفوق على منافسيه الأوروبيين، وأن يكون لاعباً جريئاً في السوق العالمية، ولكن فقط في حال إقامة علاقات مبتكرة، والبحث عن فرص في أسواق جديدة بدلاً من التراجع إلى الأسواق التقليدية الآمنة، فهناك حاجة ماسة لتبني التغيير، كما تحتاج بريطانيا إلى أن تصبح عالمية حقاً.