تحقيقاتصحيفة البعث

“الأمبيرات” تشغل أرصفة طرطوس.. ومجلس المدينة يغض الطرف!

يبدو أن مجلس مدينة طرطوس تجاوب مع رغبة تجار ومستوردي الأمبيرات ومولداتها الذين سرعان ما قرؤوا تكهنات وزارة الكهرباء وتوقعات مسؤوليها بأن لا أفق قريباً لحلّ معضلة الكهرباء، حيث باتت تجارة وتوريد هذه المجموعات رائجة وحديث الناس بأحجامها وشكلها وحتى “نعومة صوتها” ومدخنتها الصديقة للبيئة بحسب إغراءات الموردين، الأمر الذي شجّع بعض المتنفذين لفرض أمر واقع للترخيص والحصول على الموافقات المطلوبة من قبل مدينة طرطوس بغية “زرع هذه المولدات” على أرصفة الشوارع وحتى مداخل الحدائق وكافة المرافق العامة، مع ضرب عرض الحائط بحقوق الملكية العامة لهذه المرافق والعبث بها أو التصرف بها تحت أي تبرير. وخلال الأيام القليلة الماضية كان لافتاً لأي متابع وكذلك المواطن العادي هذه الاستباحة المجانية، مما شكل عائقاً وحاجزاً مرورياً في بعض الأرصفة، ولاسيما تلك التي لا تمتاز بمساحة عرضية مناسبة تكفل المرور الآمن لمستخدمي هذه الأرصفة وفي أكثر من حيّ ومنطقة ولدينا الكثير من الأمثلة!.

وفي هذا الخصوص عبّر عدد من المواطنين عن امتعاضهم من مجلس مدينتهم على هذه الفوضى بالترخيص لتركيب مثل هذه المجموعات، حيث غمز بعضهم كيف يتوفر المازوت لزوم تشغيلها، في حين يُحرم المواطن العادي من حقه بالحصول على نعمة التدفئة بحسب تبرير محروقات طرطوس بأنه متوفر تحت بند مازوت صناعي، وسأل البعض الآخر أين تكمن مصلحة البلدية بالتعدي على حقوق مرافقها العامة وحرمان مواطنها من عبور المنصفات بشكل آمن وسط هذا الازدحام المروري والعبث بما بقي له من رصيف؟.
ردود
بدوره المهندس فراس الموعي مدير الشؤون الصحية في مجلس المدينة ردّ على مجمل هذه الاتهامات، إذ أشار إلى أنه وبسبب انقطاع التيار الكهربائي انتشرت المولدات الكهربائية بمختلف أنواعها لتأمين البديل عن التيار الكهربائي والتي اتخذ أصحابها وجائب الأبنية أو الأسطح أو الأملاك العامة مكاناً لتوضع هذه المولدات، لكن في حال وقوعها ضمن الأملاك الخاصة اقتصر عمل المدينة على مراقبة الأثر الصحي لها، ويتمّ المعالجة عن طريق كاتمات الصوت والتخفيف من الدخان عن طريق إلزام أصحاب المولدات بتنفيذ مداخن لها. أما في حال وجود المولدات على الأملاك العامة فقد قامت المدينة بتنظيم رخص إشغال للأملاك العامة وفق القانون المالي رقم ١ لعام ١٩٩٤ وذلك للمولدات الفردية الموجودة أمام المحلات التجارية وعلى الرصيف بما لايعيق مرور الناس، وفيما يخصّ المولدات الضخمة التي تغذي شقة سكنية أو عدة شقق ضمن بناء واحد، فقد تمّ تنظيم رخص إشغال سنوية أمام هذه الأبنية ووفق القانون المالي الناظم وأحد بنوده لإشغال الأملاك العامة، أما المولدات التي تغذي عدة أبنية أو مقاسم متوزعة ضمن شارع أو حي، وهو ما يُسمّى(الأمبيرات)، فقد قامت المدينة ومنذ بداية العام بجرد مواقع تلك المولدات الموضوعة على الأملاك العامة، وتمّ توجيه كتاب إلى محافظة طرطوس لبيان إمكانية تنظيم رخص إشغال لأصحاب تلك المولدات، والتوجيه إلى الجهات المعنية بموضوع التغذية الكهربائية لضرورة حصول أصحاب هذه المولدات على الموافقة اللازمة لذلك حتى تتمكّن المدينة من تنظيم رخص إشغال الملك العام في حال الموافقة على ممارسة هذا العمل، باعتبار أن رخصة الإشغال تتضمن وفق القانون الناظم لها طبيعة الإشغال ومساحته والمدة الزمنية للإشغال والالتزامات المرتبطة بالصحة والسلامة العامة والنظافة وطريقة دفع رسم الإشغال والإجراءات التي تنفذها الإدارة بحق المخالف غير الملتزم بشروط الترخيص.
بالمختصر المفيد وتعقيباً على ما أشار إليه الموعي بخصوص جرد مواقع المولدات ورفع كتاب للمحافظ.. يبقى من المهمّ طرح السؤال: كيف سمحت البلدية بتركيب هذه المولدات أصلاً؟.. ولماذا غضّت الطرف عن وجودها قبل الحصول على الترخيص اللازم أو لوجود إمكانية تنظيم رخص، كما جاء في كلام مدير الشؤون الصحية أعلاه ، أم أن سياسة الأمر الواقع سوف تبرّر فرض الإشغال أو التعدي، ولا فرق بالنسبة لمستخدم الرصيف. مع الإشارة إلى وجود هذه الظاهرة سابقاً، حيث قام البعض بإشغال الأرصفة والأماكن المجاورة للحدائق العامة وتركيب مولدات عليها، لكن وبعد تناول الموضوع من قبل وسائل الإعلام ومنها “البعث” فقد تنصلت الجهات المعنية، ولاسيما شركة كهرباء طرطوس، بأنها منحت ترخيصاً لذلك، حيث قامت على الفور بإلزام أصحاب المولدات بفك الكابلات المستخدمة على أعمدة الشركة بلا إذن مسبق، فيما أنكرت وقتها البلدية بأن تكون قامت بمنح الموافقات المسبقة لإشغال الأرصفة، وبالفعل تمّ نقل أو سحب هذه المولدات، فما الذي تغيّر اليوم حتى يغضّ مجلس المدينة الطرف، لحين صدور أمر ما من مكان ما ولمصلحة من؟!.

لؤي تفاحة