أخبارصحيفة البعث

بايدن يعاكس سياسات سلفه ترامب.. ومعركة قانونية شرسة مرتقبة

“توحيد الأمة الأمريكية وإنهاء الانقسام”.. عنوان مشروع الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يبدو أنه مجرد شعار لن يتحقق، ولا سيما مع استمرار أجواء وتداعيات محاكمة الرئيس السابق دونالد ترامب، إذ يبدو أن الديمقراطيين شكلوا جبهة مضادة لكل الجمهوريين، فيما لا يزال بعض الجمهوريين مصرّين على عدم مصداقية نتائج الانتخابات.

وفي التفاصيل، تقدّم نواب ديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي بتشريع يدعو إلى تجريد عضو مجلس النواب الجمهورية “المتشدّدة” والمؤيدة لترامب مارغوري تايلور غرين من مسؤولياتها في لجان مجلس النواب بسبب منشورات لها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفق “بي بي سي”، فقد اختار زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفن ماكارثى البرلمانية غرين عضواً في لجنة التعليم والعمالة ولجنة الميزانية بالمجلس لتتقدم بمقترح الشهر الماضي للبدء في مساءلة الرئيس الجديد جو بايدن برلمانياً.

ويقول الديمقراطيون: “إنها وبسبب التصريحات التي أدلت بها حرمت نفسها من الحق في عضوية لجان الكونغرس وخاصة لجنة التعليم”.

وأوضحت عضو الكونغرس الديمقراطية عن ولاية فلوريدا ديبي ووسرمان شولتز التي تقود مجموعة النواب الديمقراطيين أن الحد من الضرر المستقبلي الذي قد تسببه للكونغرس وحرمانها من مقعد على طاولة اللجان حيث تصاغ السياسات القائمة على حقائق يعد عقاباً ملائماً وتحجيماً مناسباً لنفوذها.

ويقود جيمى غوميز عضو الكونغرس عن ولاية كاليفورنيا 61 من زملائه من أجل استصدار تشريع يجرد غرين من عضوية الكونغرس نفسه.

بدوره، هاجم زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور ميتش ماكونيل غرين واصفاً اياها بأنها “سرطان للحزب الجمهوري” بسبب مواقفها النابعة من إيمانها بنظريات المؤامرة. وقال في بيان لصحيفة “ذي هيل”: “إن غرين بترويجها لأكاذيب سخيفة وتمسكها بنظريات المؤامرة هي سرطان للحزب الجمهوري”.

وانتخبت غرين البالغة 46 عاماً في تشرين الثاني الماضي برلمانية عن ولاية جورجيا وهي تؤمن بالنظريات التآمرية التي تروج لها حركة “كيو أنون” اليمينية المتطرفة وتردد مزاعم ترامب بأنه فاز بالانتخابات الرئاسية لكن الديمقراطيين سرقوا الفوز منه!

في الأثناء، اتهم أعضاء من الكونغرس الأمريكي ترامب بتهديد الدستور الأمريكي والتحريض على العنف ضد الحكومة إثر هجوم مناصريه على الكابيتول في 6 كانون الثاني.

ويجادل الديمقراطيون في مجلس النواب الأمريكي، الذين يجهزون لمحاكمة ترامب، بتهمة التحريض على التمرد، بأنه وجه حشداً غوغائياً نحو مبنى الكابيتول، كما رفضوا حجج الجمهوريين القائلة: بأن ترامب لا يمكن أن يواجه محاكمة عزل لأنه لم يعد يشغل منصبه.

ويبدو أن أجواء المحاكمة ستغدو أكثر شراسة وحدة مع تعيين ترامب محاميين اثنين جدد للدفاع عنه خلال محاكمته أمام مجلس الشيوخ ضمن آلية عزله، هما ديفيد شون وبروس كاستر، بعد يوم من تخليه عن فريقه القانوني الأصلي.

ويعتبر المحاميان خبيرين في القضايا الجنائية ومتمرسين في التعامل مع الإعلام؛ مما يعِد بجلسات مليئة بالإثارة ستسلط عليها عدسات الإعلام.

ويتعين عليهما خلال أسبوع وضع استراتيجية تضمن حصول الرئيس السابق على الدعم الكافي من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين؛ لتجنب الإدانة للمرة الثانية في غضون عام.

ومن المفترض أن يكون الأمر سهلاً، إذ تحتاج الإدانة إلى غالبية من ثلثي أعضاء المجلس، الذي يضم 100 مقعد، وبالفعل أشار 45 من 50 جمهورياً إلى اعتقادهم بأن محاكمة ترامب أمام المجلس بعد أن غادر السلطة غير دستورية.

لكن وفق تقارير إعلامية، فإن ترامب مصر على طرح قضية أن فوز الرئيس بايدن في الانتخابات كان نتيجة تزوير النتائج، خلال الجلسة ذاتها، مع أنه لم يقدم أدلة كافية لإثبات صحة هذا الاتهام.

ومن شأن مناقشة هذه القضية أن يوقف ما تبقى من الدعم الجمهوري الهش أساساً لترامب، وذكرت تقارير أن ذلك ساهم في الخلاف بينه وبين فريق الدفاع السابق عنه.

وقال كاستر، في بيان صدر عن ترامب للإعلان عن الفريق الجديد: “إن قوة دستورنا على وشك الخضوع لاختبار غير مسبوق في تاريخنا”، بينما أكد شون خلال مقابلة أجرتها معه “فوكس نيوز” أن جلسة الإدانة “تمزق البلاد في وقت لا نحتاج لشيء كهذا”.

ويتعين على ترامب أن يقدم، الثلاثاء، رداً رسمياً على أمر الاستدعاء للحضور إلى الجلسة، كما سيتعين على فريقه في 8 شباط تقديم مذكرة تمهيدية لإفساح المجال لبدء المرافعات، على الأرجح بعد يوم، لكن أستاذ القانون لدى جامعة جورج واشنطن، جوناثان ترلي، أشار إلى أنه من شأن تبديل فريق الدفاع خلال وقت قريب جداً من موعد المحاكمة أن يؤدي إلى تأجيلها.

بالتوازي، يصمم بايدن على طيّ صفحة ترامب والبدء بسياسات جديدة معاكسة لسياسات سلفه، فمن المقرر أن يطلب بايدن من حكومته تسهيل تجنيس 9 ملايين مهاجر مؤهلين للحصول على الجنسية الأميركيّة، في إطار سلسلة إجراءات تهدف إلى العودة إلى تقاليد الولايات المتحدة باستقبال مهاجرين.

الرئيس الديمقراطي سيأمر أيضاً بمراجعة كل الضوابط على الهجرة الشرعيّة والاندماج التي طرحها سلفه ترامب، ما سيؤدي إلى تغيرّات جذريّة في سياسة الهجرة، كما أعلن مسؤولون كبار في الحكومة.

وقال هؤلاء المسؤولون: “إن هذه التعليمات ستصدر في سلسلة من المراسيم الخاصة بالهجرة التي سيوقعها بايدن خلال النهار”، مؤكداً من خلالها رغبته في مواصلة تقليد الترحيب بالمهاجرين.

وفي تصريح صحفي، أشار المسؤولون إلى أن استراتيجية بايدن “تستند على أساس أن بلادنا أكثر أماناً وقوّةً وازدهاراً بوجود نظام هجرة سليم وعقلاني وإنساني”.

الأمر يتعلق بأحد وعود حملته الانتخابية، بتشكيل مجموعة عمل تكلف لمّ شمل عائلات المهاجرين الذين تمّ التفريق بينهم جراء سياسة وقف دخول المهاجرين على الحدود التي اعتمدتها إدارة ترامب في 2018. وبعد جدل طويل، تخلّت حكومة الجمهوريين في النهاية عن هذا الإجراء، لكن مئات الأطفال لم يجتمعوا بعد بأهاليهم.

وستكون مهمة مجموعة العمل هذه تحديد العائلات واقتراح لمّ شمل المهاجرين “بحسب رغباتهم وأوضاعهم”، كما أوضح المسؤولون الأميركيّون، من دون القول ما إذا كان ذلك يمكن أن يشمل إعادة أهالي أو أطفال طردوا، إلى الأراضي الأميركيّة.

وهناك مرسوم ثانٍ يتعلق بدول المهاجرين، فبالإضافة إلى إعادة تفعيل المساعدات الاقتصاديّة، يهدف المرسوم إلى إعادة قنوات الهجرة القانونيّة من المصدر، مثل تلك التي أتاحت في عهد باراك أوباما إحضار مئات القاصرين الذين كان آباؤهم موجودين بالفعل في الولايات المتحدة، من دون أن يضطروا لسلوك طرقات الهجرة الخطرة.

أمّا المرسوم الثالث فيهدف إلى تعزيز اندماج المهاجرين المقيمين بشكل قانوني في الولايات المتحدة. وينص على “جعل التجنس أكثر سهولة لتسعة ملايين شخص مؤهلين للحصول على الجنسية الأميركية”، بحسب ما قال المسؤولون الأميركيّون.

هذا الهدف يتضمن مراجعة القاعدة المسماة “الكلفة على المجتمع”، التي وضعتها الإدارة الجمهوريّة في آب 2019، لرفض منح البطاقة الخضراء أو الجنسيّة الأميركيّة لمهاجرين يتلقون مساعدة اجتماعيّة، مثل الرعاية الصحيّة أو بدل السكن، وقال أحد المسؤولين: “لقد كان ذلك بمثابة تقييم للوضع المالي للمهاجرين”.

وسيشرف على غالبية هذه الإصلاحات وزير الأمن الداخلي، أليخاندرو مايوركاس.

وسيكون مايوركاس بعد تثبيته أول شخص من أصول أميركيّة لاتينيّة، يتولى هذه الوزارة التي تشرف على قضايا الهجرة والشرطة والحدود وكذلك الاستجابة للأوضاع الطارئة.

وأحال أيضاً بايدن مشروع قانون إلى الكونغرس، يمكن أن يؤدي إلى تسوية أوضاع ملايين المهاجرين غير الشرعيين في الولايات المتحدة. لكن تبنيه سيتطلب إقناع العديد من الجمهوريين، وهو ما قد يكون أمراً صعباً.