دراساتصحيفة البعث

فنزويلا.. ضحية الأطماع الأمريكية

هيفاء علي

الجميع يتحدّث عن الأمم المتحدة، ولا أحد يتحدث عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، مع العلم أن أحد الأسباب المعروفة للصراعات بين الدول هو التدخل الخارجي لبعض الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. يدين ميثاق الحقوق، الذي أقرّته 175 دولة عضو في الأمم المتحدة، كل أشكال التدخل هذه وما يتبعها من عقوبات وحصار اقتصادي.

كما يعلن ميثاق الأمم المتحدة صراحة مبدأ عدم التدخل في الفقرتين 4 و7 من المادة 2. وتفترض هذه الأحكام على التوالي حظر استخدام القوة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. ومع ذلك، اتسمت الممارسة الدولية في العقود الأخيرة بتزايد عدد التدخلات المسلحة على أسس إنسانية، وغالباً ما تكون هذه التدخلات من النوع الدولي، فهل هذه التدخلات مشروعة بموجب الميثاق؟

يوجد في ديباجة الميثاق هذه الإعلانات: “اقتناعاً منا بأن إخضاع الشعوب للقهر والسيطرة والاستغلال الأجنبي يشكّل أحد أكبر المعوقات أمام تعزيز السلم والأمن الدوليين”. “واقتناعاً منا بأن مبدأ المساواة في الحقوق وتقرير المصير للشعوب يشكّل مساهمة مهمة في القانون الدولي المعاصر وأن تطبيقه الفعّال يكتسي أهمية قصوى لتعزيز العلاقات الودية بين الدول على أساس احترام مبدأ المساواة في السيادة”.

كل هذا للقول إن التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى يدينها ببساطة ميثاق الحقوق، والشيء نفسه ينطبق على العقوبات، وهي كلها طرق للتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.

هذه المقدمة هي تمهيد للحالة في فنزويلا، فقد وصلت الثورة البوليفارية في عام 1998 وقلبت نظام ما يُسمّى بالحكام في سلطة الدولة. في المقابل، لم تأخذ الأوليغارشية التقليدية ذلك بعين الاعتبار، وقامت واشنطن، التي كانت تسيطر على دولة فنزويلا، بتكوين حلفاء لها بسرعة قصوى لإنهاء هذه الثورة، مما جعل الشعب القوة المهيمنة، والحكومة صانعة اشتراكية ذات وجه إنساني ومناهض للإمبريالية. ولكن في نيسان 2002 ظهر أول تدخل رئيسي بدعم من واشنطن لكبح الثورة البوليفارية، وأدى هذا التدخل على مدى السنوات الماضية ومحاولة إنهاء هذه الثورة إلى ظهور العديد من المقاربات داخلياً وخارجياً. وهنا من المهمّ التذكير بأن فنزويلا لديها واحدة من أكبر احتياطيات النفط في العالم، وأن مناجم الذهب فيها هي حلم المنقبين عن الذهب والدول المصاحبة لهم. وبالتالي، من الضروري بمكان أن يكون الجميع على دراية بأن وراء هذه المقاربات، التي تظهر تحت ستار الأهداف الإنسانية والديمقراطية، تكمن الأهداف الرئيسية لاستعادة السيطرة على الدولة الفنزويلية والاستيلاء على مواردها الرئيسية، وإنهاك الشعب وتحويله عن الثورة البوليفارية.

كلّ هذه الإجراءات تتمّ ضد ميثاق حقوق الأفراد والشعوب للأمم المتحدة، بينما يقف مجلس الأمن عاجزاً عن فعل أي شيء حيال ذلك، فالإمبراطورية لديها قوة القوة التي تسمح لها بالعمل خارج نطاق القانون الدولي. والأهم أن حلفاء واشنطن موجودون هناك لتصعيد الضربات وتشويه سمعة كل ما يتمّ القيام به في فنزويلا قدر الإمكان. فهي يمكن أن تعتمد على مجموعة “ليما” التي ترتبط بها كندا، ويمكنها أيضاً الاعتماد على الأسقفية الفنزويلية، كما يتعاون الاتحاد الأوروبي وبريطانيا العظمى مع واشنطن، يضاف إلى هؤلاء وسائل الإعلام التي تعمل عليها قوة الإمبراطورية وحلفائها، لكن وفقاً لميثاق حقوق الأمم المتحدة، فإنهم يعملون ضد فنزويلا  من خلال التدخل في شؤونها الداخلية.