اقتصادصحيفة البعث

غياب الربط الإلكتروني مع “التأمين والمعاشات” يكبد المتقاعدين وورثتهم مالاً وجهداً

دمشق- فاتن شنان

يغلبُ على وجوه مراجعي مؤسسة التأمين والمعاشات التذمّر والشكوى من التعقيدات غير المبرّرة في رحلة تصحيح أوراقهم وبياناتهم الثبوتية، والتي تكلفهم جهداً ومالاً، ذهاباً وإياباً، باتجاه مؤسسة التأمينات الاجتماعية مرات عدة لإجراء مطابقة في ملفاتهم لصرف مستحقاتهم المالية، سواء للمتقاعدين أو ورثتهم من زوجة وأبناء، إذ تجري المؤسسة تدقيقاً ومطابقة للثبوتيات وتكلف المتقاعد أو الورثة بإحضار ما يلزم من مؤسسة التأمينات الاجتماعية، دون الأخذ بعين الاعتبار للعمر والحالة الصحية والتكلفة المادية للتنقل بين الجهتين. أحد المتقاعدين اشتكى من وجود أخطاء حاسوبية حملته عبء المراجعة والتكلفة المادية لعدة مرات لإجراء تصحيح، بينما لم يحصد من التصحيح مبلغاً يوازي ما دفعه من أموال، حيث بيّنت إحدى زوجات المتقاعدين المتوفين عدم استلامها للمنح المالية الممنوحة بمرسوم تشريعي إلا بعد مراجعتها المؤسّسة وصرف نصف المنحة فقط!.

غياب الربط

إشكاليات عدة تطال هذه الشريحة والموظفين في المؤسسة على حدّ سواء ناجمة عن الضغط الكبير في عدد المراجعين، وحجم الملفات الملقاة على المكاتب، وروتين العمل الورقي الذي لاشك تكتنفه جملة من الأخطاء وتتطلّب تصحيحاً ومصادقة مرة أخرى، بينما يكمن الحلّ الجذري باعتماد تواصل إلكتروني بين الجهتين، وفق ما أكدته رئيسة دائرة المعاشات والتعويضات فاطمة موسى، فغياب التنسيق والتواصل الإلكتروني والأتمتة في مؤسسة التأمينات الاجتماعية يحرف العمل إلى النمط اليدوي ويتطلّب إحضار المراجع أوراقه باليد، ومن ثم مطابقتها وإدراجها على الحاسوب، مشيرةً إلى أن عدم الربط بين الجهتين ينتج ازدحاماً غير مألوف، ويقضّ مضجع الإجراءات الاحترازية للتصدي لانتشار مرض كورونا من جهة، ويولد ضغط عمل هائلاً على العاملين في تلك الدوائر من جهة أخرى ويكلف المراجعين مالاً وجهداً.

ضعف الثقافة

كما تتصدّر مسألة غياب الثقافة القانونية لدى ورثة المتقاعدين، ولاسيما الزوجات منهم، أولى المهام الصعبة التي تتطلّب من موظفي المؤسسة شرح وتوضيح ما يطبق، الأمر الذي يستهلك وقت وجهد الموظف من جهة، ويؤثر على الإنجاز الكلي للعمل من جهة أخرى، وقد حصدت الآلية المتّبعة في صرف المنح استياءً عاماً لدى ورثة المتقاعد، حيث اشتكت عدة مراجعات “أرامل المتقاعدين” من انخفاض نسبة المنحة من 40 ألف ليرة إلى 20 ألفاً فقط، وهي مبالغ ضئيلة لا تكفي تكلفة التنقل لقبضها، إلى جانب ضعف رواتب المتقاعدين عموماً والذي لا يغطي نفقتها أو أدويتها، بالتوازي مع وجود العديد منهن لا يملكن بطاقات الصراف الآلي الذي قد يوفر ولو قليلاً عبء القدوم إلى الدوائر المعنية بصرف مستحقات أزواجهن.

وفي هذا السياق أوضحت مسؤولة التعويضات والمعاشات أن آلية منح المنح المالية تخضع للقانون المطبق ومنه يتمّ صرف منحة كاملة للمتقاعد، لكن في حال توفي المتقاعد فإن الزوجة تحصل على نصف المبلغ والابن يحصل على الربع وتختلف النسب بين حالة وأخرى بحسب عدد الأبناء الذين هم تحت السن القانونية وما زالوا مسجلين على اسم الأب، مشيرةً إلى أن عدم معرفة الكثير بآلية العمل سواء لجهة حساب الزيادات أو المنح أو حسم حصة أحد الأبناء تدفع بالورثة من زوجات أو أبناء للمراجعة والتأكد من مصداقية ما تمّ إجراؤه.

سنوية إجبارية

وفي سياق التأكيد على مصادقة الثبوتيات للمتقاعدين، بيّنت موسى أن المراجعة لهذه المسألة أصبحت سنوية إجبارية للمتقاعدين، سواء صاحب العلاقة أو وكيله، إذ تمّ ربط المعاشات لمدة عام واحد فقط، تجنباً لأي صرف غير مستحق جراء تغيّر في أوضاعهم، ولاسيما خلال فترة الأزمة التي نتج عنها وفيات أو هجرة خارج البلاد أو تغيّر مكان السكن، ولكن خروج بعض الفروع في المناطق الشرقية والشمالية عن العمل كمحافظتي الرقة وإدلب جعلت وجهة هؤلاء إلى فرع مدينة حماة والذي يشوبه تقصير وسوء معاملة اضطرت بعض المراجعين للسفر باتجاه مدينة دمشق، مما ولّد أعباء إضافية عليهم على الجانبين، علماً أنه يتمّ مراجعة ما يقارب 50 متقاعداً ونحو 10 من ورثتهم يومياً، لتؤكد مجدداً أن الربط الإلكتروني بين التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاشات من جهة، وبين الجهتين وبين دوائر النفوس المدنية من جهة يعدّ الحل الأمثل للمعالجة.