ثقافةصحيفة البعث

“ريشة نواعم”.. معرض فني بلمسات أنثوية

أُفردت مساحة المعرض الفني “ريشة نواعم” المقام في ثقافي كفر سوسة للمرأة الفنانة بكل حالاتها وتجلياتها وأفكارها وشجونها، وبدا حضور اللمسة الأنثوية طاغياً على جميع الأعمال والتجارب المختلفة والمتنوعة، وقد أوضحت منظمة المعرض الفنانة التشكيلية نجوى الشريف أن المرأة هي نصف المجتمع ورمز الحياة والعطاء، وما يركز عليه معرض “ريشة نواعم” هو أن المرأة جميلة في كل تجلياتها، ومن حقها أن تفرد مساحة خاصة لها، وما هذا المعرض إلا بداية لسلسلة من الفعاليات التي تسلّط الضوء على المرأة.

تجارب مختلفة

‎ولفتت نجوى إلى أن المعرض يضمّ سبع فنانات سوريات موهوبات، متنوعات التجربة، فمنهن من لها باع طويل في الرسم ومنهن يمتلكن تجربة أقلّ من عامين، ويمكن اعتبارهن من أجيال وتجارب مختلفة ومن أغلب محافظات سورية، والموضوع الأساسي للمعرض هو كل ما يتعلق بالمرأة والموضوعات الأنثوية، وقد شاركت كل فنانة بعدد كبير من اللوحات ليصل العدد الكلي إلى ما يزيد عن 60 لوحة تقريباً، كذلك تنوّعت التقنيات المستخدمة بين الألوان الزيتية والأكريليك والفحم، وكانت الأعمال من قياسات مختلفة وأحجام متنوعة، مبينة أن اختيار الأسماء المشاركة تمّ بالتنسيق مع مديرة المركز التي هي صاحبة الفكرة لكي نقدم روحاً واحدة في المعرض، وتمّ اختيار الفنانات المهتمات بفكرة الأنثى في أعمالهن ممن يمتلكن الحسّ الأنثوي القوي في لوحاتهن، ويمكن القول إن التوجّه نحو موضوع المرأة كان المحدّد الأول في اختيار المشاركات، لافتة إلى أنها لم تكتفِ بالتنظيم بل أيضاً شاركت بلوحات عن الأنثى بحالاتها المختلفة، سواء المرأة العاملة والكادحة أو الحالمة والمتفائلة، والمرأة الجدة والأم، إضافة إلى لوحة عن الإنسان السوري تعكس واقعه ومعاناته.

من جانبها أوضحت نعيمة سليمان مديرة ثقافي كفر سوسة أن المعرض لفتة جميلة تقتصر على مشاركة فنانات سيدات فقط، ولوحاته تدعو إلى الفرح والتفاؤل بألوان جميلة وتعبّر عن حال المرأة السورية والسوريين في هذه الأيام، ونحن لم نحدّد عدد اللوحات المطلوبة بل تركنا ذلك لحرية الفنانة ولاستيعاب المعرض، وأبواب المركز مفتوحة لجميع الفنانين والفنانات، فالمعارض ليست محصورة بالعنصر الأنثوي فقط، ولم نتقصّد إقصاء الفنانين الشباب ولكن شاءت المصادفة أن يتخذ معرضنا الحالي هذا التوجه نحو ريشة النواعم، مؤكدة أن الفنانات المشاركات لسن جميعاً هواة بل الأغلبية يملكن تجربة قديمة ومشاركات مختلفة، وبالعموم نحن نفسح المجال للشباب الواعد والفنانين الجدد الهواة الذين يملكون تجربة جميلة ومميزة، ولا ينحصر تعاملنا مع أصحاب التجارب، على أن يكون العمل يستحق العرض وضمن سوية فنية معينة تخضع للتقييم، مبينة أن المعرض المشترك فيه شيء من روح التعاون ويحقق حضوراً أكثف وجمهوراً أكثر تنوعاً، منوهة بالجهود المبذولة من العاملين في المركز الثقافي بالتجهيز للمعرض وجعله جاهزاً لاستقبال الرواد.

دعم واحتضان

‎المرأة بين الماضي والحاضر، هو ما ركزت عليه الفنانة المشاركة رجاء بيلون في لوحاتها الخمس التي كان حضورها ثابتاً وقوياً، تماماً كحضور المرأة الراسخ في تراثنا العربي، مبينة أن المعارض الفنية هي دعم واحتضان لموهبة الفنان، وأنا رسمت المرأة في قالب أنثوي بمزيج بين الماضي والحاضر بالاعتماد على وجودها التاريخي فرسمت منحوتة (العازفتان)، وكذلك ربة الينبوع التي هي ربة الخصب، وفينوس آلهة الجمال، كما خصّصت لوحة عن المرأة العجوز في وقتنا الحالي، ولم أستطع إلا أن أرسم الأمل الذي ينتظره ويحيا عليه كلّ سوري، سواء أكان امرأة أم رجلاً، في ظل ما تعرّض له بلدنا الحبيب.

وما يميّز لوحات الفنانة ازدهار العك هو ألوانها الصاخبة التي توحي بالطاقة والتفاؤل والأمل، وعنها تقول: شاركت بأربع لوحات تتحدث عن المرأة الريفية والطبيعة الصامتة والتجريد الانطباعي معتمدة على ألوان تشابه شخصيتي، مشيرة إلى أنها اكتشفت ذاتها في هذا المجال منذ حوالي أقل من سنتين، ودخلت الفن كموهبة ليكون النتاج لوحات جميلة، وعلى الرغم من أن هذا المعرض مخصّص لريشة السيدات إلا أن الفن لا يمكن فصله بين الرجل والمرأة.

الشغف

تعتبر المشاركة زويا قرموقة فنانة مقلة، فهي تمسك ريشتها فقط عندما يسكنها الفن والشغف كهاجس قويّ ويجبرها على الرسم، ولذلك شاركت بعدد قليل نسبياً إلى غيرها، تقول: شاركت بلوحات ذات روح واحدة، حيث تدور ثلاث لوحات منها حول فكرة واحدة هي دمشق، حيث رسمت الياسمين بتكويناته المختلفة ويرمز لكل سيدة دمشقية، بينما عبّرت لوحتي الأخيرة المنفردة عن التميّز والاختلاف لذوي الهمم الذين هم جزء مهمّ من النسيج الإنساني. وعن وجود اختلاف في مستوى التجارب الموجودة في المعرض رأت زويا أن كل إنسان لديه جانب فني في روحه وكل منا يملك لمسة فنية، ولكن الشغف هو الذي يحوّل الإحساس الموجود لدى الجميع إلى حالة فنية خاصة، ولذلك من حق الجميع التعبير عن شغفه بطريقته، مؤكدة أن المعارض هي التي تكوّن الذائقة الفنية لدى الجمهور المحب للفن، متمنية أن تساهم بجزء بسيط في رفع هذه الذائقة. بينما كان للفنانة سماح زرزور الحصة الأكبر في المشاركة عبر 13 لوحة تنوّعت بين المرأة والمولوية والرسم الواقعي والتعبيري والانطباعي والسريالي، معتبرة نفسها “هاوية” لا أكثر ولكنها تمتلك شغفاً كبيراً تجاه الفن، لافتة إلى حرصها على المشاركة في مختلف المعارض للتعرف على تجارب الآخرين والاستفادة من خبراتهم وأسلوبهم.

لوردا فوزي