اقتصادصحيفة البعث

 الزير والبير ؟!

احتدم ولم يزل الجدل حول ضخ دماء الكفاءات الجامعية العليا وذوي الخبرة العلمية في عروق الإدارات المتعبة, وهنا كان الميدان الذي اشتعلت به الآراء بين مؤيد ومعارض منذ عقود على اعتبار أن مقاعد الجامعات وقاعات المحاضرات هي المكان الأنسب لتنظير المختصين بالتوازي مع تقديم الأبحاث والدراسات، في حين يرى المشجعون أن عين الخبير قادرة على إنقاذ الواقع المأساوي وإن كان الأمل ضعيفاً لا مانع من التجريب, وما بين هذا وذاك جاء الرأي الثالث الذي خرج بفكرة مجالس الإدارات لتشكل عملية تطعيم أنموذجية في قيادة النشاط إدارياً وإنتاجياً وليس خفياً ما لحق بهذه التجربة من تجاذبات ومواجهات واحتدام؟

والسؤال: ما لو فتحت أبواب المناصب الحكومية مشرعة للكفاءات الأكاديمية لتقوم بفعل ما لم  يستطعه المعنيون تقليدياً بالتوصية أو بالتزكية أو بالتدرج الوظيفي لفك طلاسم إخراج القطاعات التنفيذية من حرج الفشل والإخفاق والتخسير الذي أوصل بعض المؤسسات والشركات إلى الموت السريري؟

في محراب الصراحة، لا يمكن إنكار سلسلة المآخذ على دور الكفاءات الأكاديمية في المناصب مع الاعتراف بالمستوى الفكري والعلمي لهم، ولكن هذا الرصيد ربما لا يجدي مع قطاعات استشرى في بعضها الفساد وكثرت الوصايات والمتنفذون عليها لدرجة من الصعوبة إقحام “الطوباوية ” التي يوصف بها بعضهم في مفاصل تعاني شللاً قانونياً وعجزاً إصلاحياً، لأسباب عملية وبشرية، ولهذا كان الفشل هو المصير المحتوم الذي راهن عليه الكثيرون؟!

هنا لا اختلاف في نوايا ومطامع العديد من الأكاديميين في الوصول إلى سدة صناعة القرار، إن لم يكن بشاغر فعبر صيغ التفافية قوامها الاستشارات وعقود الخبرة وغيرها، لأن ثمة من يمتعض لعدم إشراكه في العمل الرسمي واستثمار كفاءاته وغيره من يعتبر الكرسي الإداري فرصة ومكسباً مادياً وسلطة وجاها لا يعوض بالتدريس الجامعي وتأليف الكتب والمراجع والدراسات.

في معترك البحث عن مفتاح المنصب، هناك دروب يتسلح بها الحالم بشاغر وزاري أو إداري عند موجات التغيير وليس أسهل من فتح الجبهات عل بعض القطاعات والمؤسسات وتصويب النقد وتعرية التجاوزات والأخطاء من على منابر الإعلام ومنصات المحاضرات والندوات، حتى يدعى لإخراج الزير من البير ليصمت صوت النقد ويتحول إلى تلميذ نجيب مضاف إليه الفشل في تحقيق إنجاز يستحق الذكر بالقياس إلى حجم الهجوم الذي كان يحصل من على المنابر التي كانت شاهداً على اشتعال المواقف لمعارضة اقتصادية تخبو بمجرد صدور قرار التكليف والتنصيب؟!

علي بلال قاسم