مجلة البعث الأسبوعية

تفيد في حرق الدهون وتزيد طاقة الجسم وتعمل كمضاد للأكسدة.. كيف وصلت المتة إلى سورية ولبنان؟

إذا لم تكن فعلاً من بين أولئك الذين يشربون المتّة في كافة الأوقات فلا شكّ أنّك قد سمعت عنها من خلال أصدقائك، أو أنّك قد رأيتها على رفوف البقاليات بعلب ورقية صغيرة وبألوان متعددة، أو شاهدتها على صفحات الفيسبوك والجنود يحتسون مشروبها خلال أوقات راحتهم، أو على التلفاز على أقل تقدير من خلال نجوم كرة القدم، أمثال ليونيل ميسي ولويس سواريز وغيرهم من النجوم اللاتينيين.

ويعتبر شرب المتّة وتقديمه إلى الضيوف أمراً أساسياً في بعض مناطق سورية ولبنان، مثله مثل تقديم القهوة العربيّة في الخليج والشاي في تركيا، وهو شراب مصنوع من أوراق نبات أخضر ينمو بشكل أساسي في البارغواي وشمال الأرجنتين وجنوب البرازيل وبعض مناطق الأورغواي وبوليفيا.

ويتم شرب المتة عن طريق نقع الأوراق في الماء أولاً لفترة من الزمن، ومن ثم وضعها في كأس خشبية أو زجاجية، وإضافة ملعقة من السكر فوقها والماء الساخن، وتشرب عن طريق استخدام ما يسمى بالـ “مصاصة”.

 

المتّة تاريخياً

ويعود تاريخ شرب المتّة في قارة أمريكا الجنوبيّة إلى ما قبل الاستعمار الإسباني، وكان مشروباً أساسياً لدى شعب الغواراني، الذي عاش فيما يعرف الآن باسم الباراغواي وأجزاء من الأوروغواي وبوليفيا والأرجنتين والبرازيل، وفقاً لما قاله الموقع الخاص بالمتةYerba Matero . وتقول إحدى الروايات إنّ الغوارانيون قاموا بشرب هذه الأوراق إيماناً بأسطورة قديمة لديهم تقول إنّ “إلهة القمر والغيوم” نزلت في يوم من الأيام إلى الأرض لتزورهم، لكن الفلاحين لم يكونوا في الغابة ليساعدوها، فحاول فهد الانقضاض عليها قبل أن يتمكن عجوز يسكن هناك من مساعدتها، فقدمت له “المتّة” كعربون شكر له.

وفي القرن السابع عشر، قام الإسبان بحظر المتة، قبل أن يقوموا لاحقاً بالترويج لها بعد معرفتهم لفوائدها الكثيرة.

أمّا حول تسميتها بالمتة فهناك فرضيات مختلفة، تقول إحداها إنّ شعب الغواراني كان يستخدم كلمة ca’iguá، والتي تعني “القرعة” التي يشرب بها المشروب، في حين كان شعب الكيتشوا الذي يعيش في ذات المنطقة يستخدم المعنى ذاته، ولكن بمصطلح آخر وهو “Mati”، وقد اختار الإسبان المصطلح الآخر لسهولته.

 

كيف وصلت المتّة إلى سورية ولبنان؟

تعتبر قارة أمريكا الجنوبية، أو كما يطلق عليها أيضاً أمريكا اللاتينية، إحدى أكبر المناطق التي يعيش فيها العرب، خاصة من سورية ولبنان، حيث تتراوح تقديرات أعدادهم بين 17 إلى 30 مليوناً، يعيش جلّهم في الأرجنتين والبرازيل. وقد بدأت هجرة السوريين واللبنانيين إلى أمريكا اللاتينية من 1860 حتى 1912، بسبب العديد من الأحداث الرئيسية، ومنها الحرب الأهلية اللبنانية في 1860، وتمرّد حوران في 1909، والحرب العثمانية – الإيطالية في 1912، عندما كانت سورية ولبنان يخضعان للاحتلال العثماني، وأيضاً خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومع بدء الانتداب الفرنسي على سورية مطلع العشرينيات من القرن الماضي.

ويقول المؤرخون إنّ أسلاف السوريين واللبنانيين المهاجرين بدأوا في سبعينيات القرن الماضي في زيارة بلدانهم، بسبب الانكماش الاقتصادي الذي عانت منه دول أمريكا اللاتينية في تلك الفترة، فنقلوا معهم عادة مشروب المتّة.

وفي الوقت الحاضر، تعتبر سورية أكبر مستورد للمتة في العالم، إذ تقدّر كمية المتّة الواردة إلى سورية بنحو 23 ألف طن سنوياً، رغم الحالة الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب والدمار والحصار الاقتصادي الغربي، في حين يستورد لبنان نحو ألف طن سنوياً. وتعتبر مناطق جبل العرب والساحل وبعض مناطق ريف دمشق في سورية وجبال الشوف في لبنان أكثر المناطق استهلاكاً للمتة.

 

فوائد المتة

بعيداً عن طعمه اللذيذ، لمشروب المتّة فوائد كثيرة لاحتوائه على العديد من العناصر الغذائية، فهو غني بمضادات الأكسدة، حيث تحتوي أوراق المتة على العديد من العناصر الغذائية مثل الزانثين الذي يعمل كمنشط، ومثل الكافيين والثيوبرومين، حيث تعمل مشتقات الكافيين كمضادات للأكسدة، وهي المشتقات نفسها المتواجدة في الشاي، إضافة إلى الصابونين والبوليفينول، وهي مركبات لها خصائص معينة مضادة للالتهابات وتخفض الكوليسترول.

ومن المثير للاهتمام أن قوة مضادات الأكسدة الموجودة في المتة أكبر من تلك الموجودة في الشاي الأخضر، علاوة على أنّها تحتوي على 7 من أصل 9 أحماض أمينية أساسية، وأيضاً كل الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم يومياً.

 

زيادة الطاقة والتركيز العقلي

يحتوي كوب واحد من المتة على 85 ملغ من الكافيين، أي أقل ما يحتويه فنجان القهوة، وأكثر من الشاي، لذلك تعتبر المتة من المشروبات التي تزيد من مستويات الطاقة في الجسم وتقلل شعور التعب.

كما يمكن أن يؤثر الكافيين في المتة على مستويات جزيئات إشارات معينة في الدماغ، ما يجعلها مفيدة بشكل خاص للتركيز العقلي.

بالإضافة إلى ذلك فإن أولئك الذين يستهلكون المتة بانتظام يرون في كثير من الأحيان أن المتة تعزز اليقظة، مثل القهوة تماماً، ولكن دون آثار جانبية.

 

تعزز الأداء البدني

ونظراً لأن المتة تحتوي على كمية معتدلة من الكافيين، فإن أولئك الذين يشربونها يمكنهم توقع فوائد الأداء البدني مثل تحسن تقلصات العضلات، وتقليل التعب، وبالتالي تحسين الأداء الرياضي بنسبة تصل إلى 5%.

وتشير إحدى الدراسات إلى أن أولئك الذين أعطوا كبسولة 1 غ من أوراق المتة المطحونة، قبل التمرين مباشرة، أحرقوا 24% من الدهون أثناء ممارسة التمارين متوسطة الشدة.

 

تحمي من العدوى

وقد يساعد مشروب المتة في منع العدوى من البكتيريا والطفيليات والفطريات؛ فقد وجدت دراسة أجريت على أنبوب الاختبار أن جرعة عالية من مستخلص المتة قد عطلت الإشريكية القولونية، وهي بكتيريا تسبب أعراض التسمم الغذائي مثل تقلصات المعدة والإسهال.

كما قد تمنع المركبات الموجودة في المتة الملاسيزية فورفور، وهي فطريات مسؤولة عن الجلد المتقشر وقشرة الرأس، وبعض الطفح الجلدي.

 

تعزز جهاز المناعة

وتحتوي المتة على مادة الصابونين، وهي مركبات طبيعية ذات خصائص مضادة للالتهابات،

إضافة إلى أنها توفر كميات صغيرة من فيتامين C وفيتامين H والسيلينيوم والزنك، ويمكن لمضادات الأكسدة هذه أن تقوي جهاز المناعة لديك وتعزز الصحة.

 

تخفف الوزن ودهون البطن

وإذا سألت أحد مستهلكي المتة الدائمين عن أبرز فوائدها، سيقول لك إنها تخفف الوزن وتساعد على حرق دهون البطن.

وقد يبدو الأمر صحيحاً، إذ تشير الدراسات إلى أن المتة قد تقلل الشهية وتعزز عملية الأيض، ما قد يساعد في إنقاص الوزن. كما يبدو أنها تقلل العدد الإجمالي للخلايا الدهنية، وتقلل من كمية الدهون الموجودة بها.

علاوة على ذلك، تؤكد دراسة استمرت 12 أسبوعاً على الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، أن أولئك الذين تناولوا 3 غرامات من مسحوق المتة، يومياً، فقدوا 0.7 كغ من وزنهم وسطياً.

كما قاموا بتقليل نسبة الخصر إلى الورك بنسبة 2%، ما يشير إلى فقدان دهون البطن.