الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

نظام أردوغان ينشر خريطة أطماعه.. من الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى وأوروبا

لايتوقف رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان بالإعلان عن رغبته إعادة بناء أمجاد سلطنته البائدة، ولم يعد هناك ما يُمكن إخفاؤه.، فقد عرضت قناة “تي. آر. تي 1″، التي تتبع حزب العدالة والتنمية الإخواني، خارطة لمناطق النفوذ التركي المتوقعة بحلول عام 2050، أعدها الكاتب الصهيوني توماس فريدمان، وذلك في إطار حشد الرأي العام التركي ومغازلة توجهات الناخبين الإسلامويين والقوميين.

خريطة مركز (ستراتفور)، الذي يعد واحداً من أهم المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات وتطلق عليه وسائل الاعلام الامريكية اسم (وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في الظل)، تحدد المناطق الجغرافية المتوقعة لأطماع أردوغان، تمتد من الشرق الأوسط وصولاً إلى آسيا الوسطى، لتشمل بذلك دولاً منها: سورية والعراق وليبيا ولبنان والأردن والسعودية وعمان واليمن، إضافة إلى حوض بحر قزوين، ليضاف إليها اليونان وجنوب قبرص وجورجيا وأرمينيا وأذربيجان وشبه جزيرة القرم الروسية وتركمانستان وكازاخستان.

رئيس لجنة الدبلوماسية الشعبية والعلاقات بين الأعراق في برلمان جمهورية القرم الروسية يوري غيمبيل تعليقاً على الخريطة التي نشرها أيضاً التلفزيون التركي، دعا النظام التركي إلى ترك اوهامه بشأن توسيع نفوذه داخل الاراضي الروسية، وقال: “يبدو أنه أمر سخيف ويشبه جزءاً من مؤلف خيال علمي.. يمكن فقط أن ننصح تركيا بترك أحلامها بشأن الاراضي الروسية لأنها تواجه خطر تقويض سلامتها بسبب طموحاتها المفرطة”.

وكان النظام التركي أدرج عام 2019 خريطة قديمة في المناهج الدراسية للتلاميذ الأتراك تصوّر الأطماع العثمانية في دول الجوار سورية والعراق وقبرص، حيث تضم الخريطة شمال سورية من الساحل مروراً شمال حمص وإلى شمال العراق إضافة إلى جزيرة قبرص على أنها تابعة لتركيا، في انتهاك للأعراف والقوانين الدولية.

ويبدو أردوغان مسكوناً بأوهام العظمة والنفوذ، متاجراً بالموقع الجيوسياسيّ لبلاده، ومحاولاً من خلال ذلك استعادة ما يصفها بأمجاد السلطنة العثمانية. بحسب ما يؤكّد معارضون أتراك.

وكان أردوغان، رسم خارطة جديدة لبلاده قبل نحو عام، وضمّ إليها سورية وليبيا، وتحدث حينها رأس النظام التركي، الذي لا يخفي أطماعه التوسعية، عمّا يسميه بـ “حرب استقلال جديدة في سورية وليبيا”.

كذلك، وفي آب، نشر عضو في البرلمان التركي عن حزب العدالة والتنمية الإسلاموي الحاكم، خارطة لما أسماه “تركيا الكبرى” التي تضم شمالي اليونان وجزر بحر إيجة الشرقية، إضافة لقبرص وأرمينيا ونصف مساحة بلغاريا ومناطق واسعة من جورجيا وسورية والعراق.

وفي سلسلة من تغريدات له نشرها في موقع تويتر، أشاد ميتين غلونك، وهو من أكثر مؤيدي أردوغان، بانتصار السلاجقة على الإمبراطورية البيزنطية في مانزيكيرت في عام 1071، مما سمح لأتراك آسيا بدخول منطقة الأناضول للمرة الأولى في التاريخ، وأضاف: “دخلت تركيا القرن الحادي والعشرين بتحركات كبيرة بروح 1071، وهي تتقدم من خلال اتخاذ خطوات كبيرة. واليوم، فإن السبب في أن العالم الغربي يأتي إلينا مرة أخرى هو الانفتاح على سورية والبحر الأبيض المتوسط وأفريقيا بروح 1071″، وهو ما يمثل اعترافاً رسمياً بأن نظامه يسعى إلى غزو سورية ومنطقة البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا.

وكانت كل من هيثر كونلي، الباحثة ومديرة برنامج أوروبا بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأميركي، وراشيل إليهوس، الباحثة ونائبة مديرة برنامج أوروبا بالمركز، خلصتا في تقرير مشترك لهما، إلى أنّ التوتر الحالي في المتوسط راسخ في سياسة تركيا الخارجية والأمنية الإقليمية الجديدة، وهي سياسة ترتكز في جانب منها على أساس عقيدة” الوطن الأزرق” التي تتبناها. وقد أسفر تنفيذ هذه العقيدة عن سلسلة من الحوادث الخطيرة التي يلاحظها حلفاء تركيا ولكن بصورة عابرة، ولا يتخذون موقفاً تجاهها إلا نادراً.

ويرجع أصل عقيدة “الوطن الأزرق” التركية إلى خطة وضعها الأدميرال التركى جيم جوردنيز في عام 2006، وهي تحدد هدفاً طموحا للقيام، من خلال الدبلوماسية والوسائل العسكرية القوية، بتحديد وتوسيع نطاق نفوذ تركيا في البحر المتوسط، وبحر إيجه، والبحر الأسود، مع تمكين الوصول إلى مصادر الطاقة والموارد الاقتصادية الأخرى.

وتبنى أردوغان هذه العقيدة في عام 2015 كجزء لا يتجزأ من استراتيجية وطنية “للدفاع المتقدم” في سياق محاولته المستمرة التي يقوم بها لتأكيد الاستقلال التركي في جميع أوجه السياسة الخارجية لتشمل النفوذ في المناطق المحيطة ببلاده. وقد تم استعراض مظاهر هذه العقيدة بصورة كاملة أثناء “مناورة الوطن الأزرق” في عام 2019، والتي كانت أكبر مناورة قتالية منذ تأسيس البحرية التركية، وتمّ القيام بها في وقت واحد في بحر إيجه، والبحر الأسود وشرق البحر المتوسط. ووصفت وسائل الإعلام الحكومية المناورة بأنها “بروفة حرب”. وهناك مثال آخر لممارسة هذه العقيدة تظهرها مطالب تركيا المتشددة بالنسبة للطاقة حول المنطقة الاقتصادية الخاصة لقبرص.

وكان مهندس الطموحات البحرية التركية الأدميرال المتقاعد جيم غوردنيز (62 عاماً) صاحب نظرية “الوطن الأزرق”، صرّح منذ أيام بأنّ البحرية التركية هي “الأولى” في شرق المتوسط لذلك ينبغي على تركيا أن تكون أكثر طموحاً. ويقول إن “البحر المتوسط لا يشكل سوى 1% من المحيطات والبحار في العالم. يجب أن تذهب تركيا أبعد من نسبة الـ1% هذه”. ويضيف “البحر الأحمر، بحر العرب، المحيط الأطلسي: ينبغي أن يكون لتركيا حضور هناك، كرمز لنفوذ متزايد”.

المخططات العثمانية الاستعمارية الجديدة التي يقودها أردوغان تشمل فصولاً متجددة من العدوان على الدول ذات السيادة واستنزاف مواردها ومقدراتها عبر تسخير أدوات إرهابية تعمل بالوكالة مثل التنظيمات الإرهابية والمرتزقة الذين يأتمرون للنظام التركي في سورية، كما تشمل مواجهات سياسية وعمليات ابتزاز على غرار ما يحاول أردوغان تحقيقه من مطامع في شرق البحر المتوسط رغم المواجهات المتأججة مع اليونان وقبرص أو استخدامه ملف الهجرة للي ذراع الاتحاد الأوروبي والضغط عليه للحصول على مكاسب سياسية ومالية.