اقتصادصحيفة البعث

قطاع النسيج يعيد “صنع في سورية” إلى الواجهة وجرعة تنشيطية بعد ركود

“نريد ما يروح خيرنا لغيرنا”.. بهذه الجملة البسيطة يلخّص رجل أعمال عراقي، سبب حضوره إلى معرض “صنع في سورية” التصديري التخصّصي للألبسة ومستلزمات الإنتاج- ربيع وصيف 2021، والذي أقيم في مدينة المعارض، قبل أيام، فهو يرى أن المنتج السوري أقرب إليه من أي منتج أجنبي آخر، وأن السوق العراقية هي أولى بهذا المنتج، بعد أن أُجبر التّجار هناك، جراء الأزمة في سورية، على البحث عن أسواق أخرى، بالرغم من ولاء المستهلك العراقي للمنتجات السورية واعتياده عليها تاريخياً.

هكذا، يتضح أن المنتجين السوريين ما زالوا يمتلكون أهم ما يحرص المنتج على امتلاكه (السوق والزبائن)، فسنوات الحرب العجاف لم تنسِ العرب جودة الملابس السورية وتلبيتها لأذواقهم المختلفة، بل زادتهم هذه العزلة ارتباطاً بها، وفقاً لما يقول تاجر عراقي آخر، جرّب رحلة البدائل والبحث عن منتجات أخرى، لكنه وجد أن هذه المنتجات ما زالت، وبالرغم من تداعيات الأزمة على هذه الصناعة، تحتفظ بجودتها وسعرها المنافس، ويؤكد الاهتمام الكبير من رجال الأعمال العراقيين بالسوق السورية، مبيناً أنه شارك في المعرض نحو 900 من هؤلاء، ولو كانت الظروف طبيعية لحضر الآلاف منهم، وأنه وقع عدداً من العقود مع منتجين سوريين، آملاً أن تسهل الحكومتان السورية والعراقية عمليات شحن البضائع وتسريع دخولها عبر الحدود، واستخراج تأشيرات الدخول، والعمل على تكرار مثل هذه المعارض والفعاليات في البلدين، لما لها من أهمية في تسهيل احتكاك العارضين والطالبين، والوقوف على المنتجات والتشكيلات الجديدة لكل موسم.

حجر في مياه راكدة..

ما من شك بأن المعرض منح قطاع الصناعة النسيجية جرعة تنشيطية، بعد فترات طويلة من الركود، فزيادة الطلب الخارجي تعني أول ما تعني رفع معدلات التشغيل لكل حلقة من حلقات الإنتاج، فضلاً عن إيجاد المزيد من فرص العمل، ما دفع اتحادي غرف الصناعة والتجارة للتفكير في تكرار مثل هذا المعرض، وإقامة معارض تخصصيّة تصديرية أخرى، للصناعات الغذائية والهندسية والكيميائية، وفق ما يقول رئيس لجنة المعارض في اتحاد غرف الصناعة طلال قلعة جي، الذي يؤكد أن السوق العراقية، ستكون في مقدمة الأسواق المستهدفة في أية معارض مقبلة.

لنحافظ على صناعيينا

يشير عضو غرفة صناعة دمشق وريفها مهند دعدوش إلى أن تنشيط الحركة الاقتصادية يسهم في الحدّ من هجرة رجال الأعمال والصناعيين السوريين، الذين باتوا منتشرين حول العالم، وخاصة في مصر، مقدراً أن نحو 50 بالمئة من الصناعيين السوريين هاجروا، منذ بداية الأزمة، وأن هذه الهجرة انخفضت خلال عامي 2017-2018، جراء استقرار الأوضاع، لكنها عادت لتنشط في 2019-2020، تحت تأثير ركود الأسواق، وزيادة تكاليف الإنتاج، حيث تقلّصت أرباح هؤلاء إلى الحدّ الذي باع فيه بعضهم بخسارة!.

نسيج حلب يتعافى

ظلّت حلب، حتى بدء الأزمة، الرئة الصناعية للبلاد، وخاصة في القطاع النسيجي، فهي بحق عاصمة هذه الصناعة في المشرق العربي، وبعد أن حدّت الحرب من هذه الأهمية، عادت اليوم لتصدّر المشهد. ويعلّق عضو مجلس إدارة غرفة صناعة حلب وعضو اللجنة المنظمة للمعرض محمد زيزان على هذه الأهمية بأن 2-3 أفراد من كل بيت حلبي يعملون في هذا القطاع، الذي يشكّل نحو 70 بالمئة من حجم الصناعة الحلبية. ويلفت زيزان إلى عودة الكثير من مصانع النسيج والصباغة الكبيرة التي توجد عادة خارج المدينة إلى العمل، فيما توجد ورشات الخياطة والتفصيل داخل الأحياء السكنية، داعياً الحكومة إلى تقديم الدعم اللازمة لتشجيع عودة المعامل للإنتاج، في وقت وصل فيه اعتماد الملابس الوطنية على أقمشة محلية بنسبة 65 بالمئة، وهو تطور لافت، حتى قياساً بمرحلة ما قبل الأزمة.

عارضون..

وتظهر أهمية المشاركة الحلبية في المعرض من خلال عدد العارضين، إذ أن هناك 189 مشاركاً حلبياً، مقابل 138 من بقية المحافظات، وتتركز هذه المشاركة بشكل رئيسي في مجال الملابس الولادية، عبر 108 مشاركين، مقابل 44 لدمشق وريفها، أما إجمالي المشاركات المحلية، فبلغ 327، وتوزع على.. 154 للملابس الولادية، 90 للنسائية، 47 لـ”لانجري”، 12 للرجالية، سبعة لمستلزمات الإنتاج، ثمانية لشركات الشحن.

أحمد العمار

ournamar@yahoo.com