مجلة البعث الأسبوعية

“الربيع العربي” الكابوس البربري الذي دمر العالم العربي

“البعث الأسبوعية” هيفاء علي

سنوات عشر مرت على ما سمي بالربيع العربي الذي هب على العالم العربي والشرق الوسط عموما، ربيع تم التخطيط له و نسجت خيوطه في مطابخ الاستخبارات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، و تم تنفيذه من قبل أدواتها المتمثلة بمشيخات النفط والنظام التركي والإرهابيين المحليين والأجانب متعددي الجنسية .

والربيع العربي هو استمرار للثورات الملونة التي ابتدعتها وكالة الاستخبارات الأمريكية للسيطرة على بلد ما بالقوة وباستخدام المتظاهرين وتسلل مجموعات مسلحة وسطهم. والتي شهدتها كلا من فنزويللا، أوكرانيا، تايلاند، البرازيل، والإكوادور وهونغ كونغ.  ولتحقيق هذا الهدف، استخدمت المنظمات غير الحكومية لصناعة البروباغندا الإعلامية بغية كسب تأييد الرأي العام الغربي ودعمه لهذه الثورات الكاذبة التي تم تحريكها ضد الدول الرافضة للهيمنة الأمريكية والرافضة للاذعان لاملاءاتها والاحتماء بعباءتها مستخدمة الشعوب العربية لتبديل أدواتها” أي بعض الأنظمة العربية”. وكما حدث في الثورات الملونة، حدث الربيع العربي وفق ثلاث خطوات:

* حشد اكبر عدد من المتظاهرين وتحريضهم وإغرائهم بالمال للنزول إلى الشارع ضد الحكومة الشرعية من قبل المعارضين عديمي الضمير والمنظمات غير الحكومية ليغزون الشوارع ويطالبون بالاستقالة الفورية للحكومة أو الرئيس المنتخب،  ويرفضون أي حل وسط. بعضهم مسلحون، وعندما حاولت شرطة مكافحة الشغب منعهم من الوصول إلى الأماكن الإستراتيجية قاموا بإطلاق النار أو القنابل اليدوية على رجال الشرطة، وحاولوا إطلاق النار على أكبر عدد ممكن من ضباط الشرطة لاستفزازهم و إطلاق ردة فعل قمع دموية تدينها الصحافة الدولية.

*في كثير من الأحيان،  تقوم الشرطة بإطلاق النار مباشرةً على المتظاهرين لمواجهة نيران القناصة أو القنابل اليدوية التي تقضي على صفوفهم، ما يؤدي إلى وقوع  ضحايا.. وعندما أدركت الحكومات الخطر، طلبت  من الشرطة مغادرة الشارع وترك الشوارع “للمتظاهرين” تقودهم العناصر المسلحة التي قامت  بمهاجمة المباني العامة الحكومية كالوزارات والقنوات التلفزيونية الحكومية والمستشفيات والمدارس، حيث قامت باحتلالها ونهبها ومن ثم تدميرها.

*  بعد ذلك، تحاول عناصر الجيش إعادة النظام والإطاحة بالحكومة القائمة و في بعض الأحيان يكون المتظاهرون أنفسهم هم الذين يسيطرون على الدولة، وبالطبع يتم كل ذلك بالتزامن مع حملة إعلامية هيستيرية تعمل على تأليب الرأي العام العالمي ضد هذه الحكومة أو تلك، تماما كما حصل في سورية وليبيا والعراق وتونس، حيث هبت معظم وسائل الإعلام الغربية على إطلاق حملة بروباغندا كثيفة وقامت ببث مقاطع فيديو مفبركة تدين حكومات هذه الدول، و نصبت نفسها محامية دفاع و المتحدث باسم شعوبها، وحولت المجرمين و الخارجين عن القانون إلى ناشطين سياسيين وحقوقيين يحملون المظالم في قلوبهم ويتحدثون عما يجري على ارض الواقع بشكل مغاير وهم خارج هذه الأرض.

وبعد عشرة أعوام، فشلت أهداف” الربيع العربي” الخفية فشلا ذريعا، رغم كم الأموال الهائل الذي أغدقت به ممالك النفط على الإرهابيين والتي كانت تكفي لبناء مدن بأكملها ، ورغم حجم الدعم اللوجستي الغربي والتركي المقدم لهم. وما نجح به هو نشر الفوضى الخلاقة التي بشر بها المحافظون الجدد، و تدمير البنى التحتية و نشر ثقافة القتل المجاني من خلال تحريك البعد الطائفي، واستقدام التكفيريين من كافة أصقاع الأرض لمؤازرة “إخوانهم” في الداخل لتنفيذ هذه الأجندة. هذا الربيع لم يكن ثورات عفوية وشعبية وسلمية بشهادة كبار المحللين والمراقبين الغربيين، بل تدخل خارجي وعدوان أجنبي بالوكالة باستخدام الأدوات في الداخل. وفي السياق، تمت كتابة ونشر عشرات المقالات التي تفند وجود” ثورات شعبية”، وتؤكد ان هؤلاء المتظاهرين ليسوا طلاب حرية ولا ديمقراطية وإنما هم متطرفون و خارجون عن القانون، وليسوا سوى أدوات تحركها الاستخبارات الغربية لتحقيق مآربها في المنطقة.

لقد قامت إستراتيجية الفوضى بعملها على أكمل وجه، وحان وقت الحروب الخفية التي لا نهاية لها والتي دعا إليها اوباما، و بحسب ميشيل ريمبو، الدبلوماسي والصحفي الفرنسي، فان حركات الربيع العربي هي أسوا كارثة عرفها العالم العربي، وانه إذا لم يكن لدى العالم العربي ما ينتظره من الولايات المتحدة التي ترى العالم العربي فقط من خلال عيون إسرائيل وفي بخار النفط من عهد اوباما إلى عهد بايدن مرورا بعهد ترامب، فسيكون من الحكمة المراهنة على عودة روسيا كمرجعية سياسية و وصول الصين عبر طرق الحرير. الأمر متروك له للاختيار بين الحروب التي لا نهاية لها التي تقدمها له “القوة التي لا غنى عنها” أو طريق عودة النهضة الذي سيفتحه له البديل الاستراتيجي.