تحقيقاتصحيفة البعث

الألعاب التربوية.. تعليم للمهارات الاجتماعية واكتشاف للقدرات؟!

يجب علينا أن ندرك الدور الأساسي والجوهري للعب في حياة الطفل ونموه وتعلمه فالألعاب التربوية ليست مجرد طريقة كي يتعلم الطفل بل هي الطريقة الوحيدة والثابتة التي تساعد الأطفال على تعلم المهارات الاجتماعية والجسمية والعقلية ،وفي التربية المعاصرة تعتبر الألعاب التربوية في التعليم هدفاً رئيسياً فالطفل حين يلعب يتعرض إلى مشاكل تتطلب منه أن يواجه مختلف الظواهر الطبيعية والاجتماعية، وأثناء الاستجابة لهذه التحديات والمشاكل يعيد اكتشاف العلاقات الأساسية والمبادئ ،وقد كشفت الدراسات المختصة بتربية الطفل على أن تنمية المهارات وتطويرها يحتاج لاستخدام الألعاب التربوية ولكنه في نفس الوقت يحتاج إلى التطبيق الجيد والتسلسل في الألعاب المختلفة وانتقائها بدقة ،فاستعمال الأطفال لحواسهم مثل الشم واللمس والتذوق يعني أنهم اكتسبوا معرفة شخصية، هذه المعرفة التي لا يمكن أن تساوي المعرفة المجردة التي قد تأتي للأطفال من خلال السرد والتعليم النظري ،فاللعب يعطيهم فرصة كي يستوعبوا عالمهم وليكتشفوا ويطوروا أنفسهم وينشئون علاقات شخصية مع المحيطين بهم .

دائرة الطفل
الاهتمام بالألعاب التربوية للأطفال يساهم في عملية التعلم والتطور الحركي والنفسي والاجتماعي ،لكن يجب أن يخضع للمنهجية على الصعيدين النظري والتطبيقي وفق الأهداف والأغراض الخاصة بهذه المرحلة العمرية لأنها مرحلة بناء وارتكاز ، وهنا تبين الدكتورة الاجتماعية مها سلطان أن مشاركة الأطفال في عملية اللعب تؤدي إلى عملية التفاعل من خلال العلاقات التي تنشأ من ممارسة تلك الألعاب، فاحترام الذات يبنى من خلال خبرات النجاح وتعلم اللعب الجماعي وبذلك نرى أن ممارسة الألعاب بأنشطتها الواسعة توسع من دائرة الطفل ومعارفه وتجعله قادراً على إقامة العلاقات مع الآخرين وبناء معرفة حقيقية فاعلة ،الأهمية التعليمية لهذه الألعاب تشمل مختلف نواحي نمو الشخصية خاصة تلك التي تتناول إحساس الطفل بكفاءته الشخصية كما تهدف إلى تنمية حس الطفل بالإنجاز ما يزيد من احترامه لنفسه وقدراته وتدفعه لأن يكون مبادراً ومبدعاً ،فالخبرات تعطيه مجموعة من المهارات الذهنية والحسية والحركية والاجتماعية والانفعالية والتعليمية التي تساعده على توظيفها بشكل ذاتي وتلقائي بعيداً عن التوجيه وبالتالي فهي تساهم في بناء شخصيته.

ألعاب العنف
يؤخذ على النظام التعليمي الحديث إقصاء اللعب بسبب الواجبات التعليمية الكثيرة التي يكلف بها الأطفال، ومن ناحية أخرى نجد أن الكثير من الآباء والأمهات يعتبرون اللعب في هذه المرحلة غير مهم – تتابع سلطان – الدراسات العلمية تؤكد أن للعب وظائف مهمة بالنسبة للطفل فهو يتيح للأطفال فرصة اختبار قدراتهم عند التفاعل مع البيئة لذا فمن الضروري خلال فترة الطفولة أن يختار الوالدان ألعاب أطفالهم بعناية، وألا تكون اللعبة مجرد وسيلة لإلهاء الطفل ليقضي بها وقت فراغه أو أثناء انشغال الوالدين أو من يقوم برعايته بل يفضل أن تكون اللعبة هادفة وتعليمية أو استخدام ما لدى الطفل من ألعاب حتى لو كانت بسيطة لتحقيق أهداف تربوية، ويعتبر انتقاء ألعاب الطفل مهمة الأسرة في المقام الأول حيث توجد علاقة قوية بين التعلق بألعاب العنف والدمار مثل المدافع والصواريخ وبين تعامل الأطفال بعنف مع الحدائق والاتجاه إلى قطع الأزهار وكسر الشجيرات،ومن المهم الابتعاد عن هذا النوع من الألعاب الذي ينمي العنف لدى الطفل، والاتجاه نحو الألعاب التي تنمي ذكاء الطفل وتلك التي تساهم في حب الطفل لبيئته وتعلقه بها مثل ألعاب حيوانات الغابة والشجيرات وكذلك الألعاب التي تعرف الطفل بالمهن المختلفة مثل لعبة الطبيب ورجل المرور.

تقبل اللعب 
على الطفل أن يعرف دوره بوضوح للمشاركة في اللعبة وأن يعرف الهدف منها كما ينبغي استخدام الرسوم المتحركة والألوان كأساس لعناصر اللعبة ووضوح الهدف النهائي من اللعبة في ذهن المتعلم ليعمل على تحقيقه بوضوح وليعتمد على المعلومات والإرشادات التي توضح الطريق الذي عليه أن يسلكه الطفل. الأخصائية الاجتماعية تهاني السيد ترى أن الألعاب التعليمية هي أحد أهم الوسائل التعليمية الحديثة مقارنة بالوسائل الأخرى بسبب مخاطبتها لأكثر من حاسة لدى الإنسان مما يجعل التعلم يبقى للمدى الطويل وأكثر فعالية ،بالإضافة انه يزيد دافعية التعلم لدى التلاميذ لأن اللعب ميل فطري لديهم ويحقق المشاركة الايجابية و تدرب الأطفال على التعاون وتقبل الخسارة واحترام الآخرين، يعتبر اللعب عملية ممتعة بالنسبة لهم وأكثر تشويقاً وجذباً من وسائل التعلم الأخرى إذ يتفاعل من خلالها الأفراد فيما بينهم وهذا يقوي العلاقات الاجتماعية ويعزز ثقة الفرد بنفسه وقلل من الخوف والانعزالية لديه، وتكشف السيد أن معظم الألعاب تعتمد على مواد رخيصة ممكن الحصول عليها أو تصنيعها محلياً وأنها غير مكلفة في حال استخدامها في المدارس حيث تكمن فوائدها إذا طبقت في المدارس في إثارة التفكير وخاصة التفكير الإبداعي كما تعمل على إيجاد جو ديمقراطي في غرفة الصف، والاهم هنا أن المتعلم يتخلص من الضغوط النفسية التي تقع عليه من الممارسات التربوية أو التنشئة الاجتماعية. السيد توضح سلبيات الألعاب والتي تتمثل أحيانا بصعوبة فهم التعليمات للعبة والتقيد بها خاصة إذا كانت طويلة، بالإضافة إلى انشغال الطلاب باللعبة وعدم التركيز على المفاهيم وغياب المفاهيم التي تتضمنها الألعاب التعليمية ،يرافق اللعب التعلمي نوع من الحركة والانفعالات، وهنا يجب أن يتقبل الجميع ما يحصل.

مفردات بشرية 
علينا جيدا التمييز بين أهداف كل لعبة فقد تكون تنافسية، أي أنها تنتهي بخاسر أو فائز بينما يكون هناك لعب يعتمد على اكتشاف المعلومة أي استخدام استراتيجيات بارعة وذكية، لتفوق فرد على آخر أو فريق على آخر وذلك لإتقان مهارة ما،تؤكد السيد أن الاهتمام بالطفولة هو في الواقع اهتمام بالمجتمع وتقدمه وتطوره، وبقدر إعدادهم الإعداد السليم للحياة سيكون للأمة المستقبل والتقدم الحضاري ، وهنا يكون اللعب هو بداية التعلم والتطور عند الأطفال فاللعب يعتبر مدرسة غير رسمية للعلاقات الاجتماعية ،يمنح الطفل اللغة والمفردات والمصطلحات والعبارات وجمل كأداة أساسية من أدوات التفاعل والتواصل مع المفردات البشرية في البيئة، والعامل المساعد الأهم الذي يجب الاعتماد عليه هو أن الطفل عجينة قابلة التشكيل كما أنه صفحة بيضاء،يمكن أن نصنع منه المبدع والمستكشف والعالم أي انه يشكل حسب منهجية.

ميادة حسن