مجلة البعث الأسبوعية

ليفربول الإنكليزي على محك التغيير للحفاظ على الأصالة وتدارك الانهيار!!

“البعث الأسبوعية” ــ سامر الخيّر

تعتبر المواضيع الرياضيّة أكثر الوجبات الإخبارية استهلاكاً وخاصة المواد التي تتعلق بكرة القدم، فلا يكاد يخبو صدى خبرٍ ما حتى يتصاعد دخان تسريبةٍ من هنا وإشاعة من هناك تشعل الإعلام ووسائل التواصل إلى حين، ويحتلّ نادي ليفربول الإنكليزي الصدارة هذه الأيام، إذ أن الحال التي وصل إليها الليفر بعد تسيده المشهد الكروي لعامين متتاليين -أولاً عندما أعاد الكأس الأوروبية ذات الأذنين إلى خزائنه عام 2019، وثانياً عندما توج بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز بعد غياب 30 عاماً- أضحى الشغل الشاغل لكل مهتمّ بالساحرة المستديرة.

سنخوض في هذا المقام في أبرز أسباب “انهيار وترهل” أحمر الميرسيسايد، وذلك بعد عرض موجز لتاريخ واحدٍ من أعرق الأندية الأوروبية وإنجازاته الكروية.

 

نظرة إلى الوراء

تأسس نادي ليفربول عام 1892، وتحديداً في 15 آذار، بمدينة ليفربول في إقليم الميرسيسايد الإنكليزي، على يد رجل الأعمال الإنكليزي جون هولدينغ، ويعتبر النادي الإنكليزي الأول على صعيد القارة العجوز، فقد حصد 13 لقباً، آخرها لقب دوري أبطال أوروبا للمرة السادسة عام 2019، متأخراً عن ريال مدريد بسبعة ألقاب وعن ميلان بلقب واحد، وفاز بلقب كأس الاتحاد الأوروبي 3 مرات، وفاز أيضاً بلقب كأس السوبر الأوروبي 4 مرات، أما من ناحية التصنيف الأوربي فيحتل المرتبة 42 على مستوى الفرق الأوروبية بحسب اليويفا.

أما محلياً ورغم صيامه عن التتويج إلّا أنه ثاني أكثر الأندية الإنكليزية فوزاً بلقب الدوري بـ19 بطولة، متأخراً عن مانشستر يونايتد ببطولة واحدة، وفي رصيده أيضاً لقب دوري الدرجة الثانية 4 مرات، و15 لقباً في درع الاتحاد الإنكليزي و7 ألقاب في كأس الاتحاد الإنكليزي، و 8 ألقاب في كأس الرابطة.

والليفر عاشر أغنى نادي في العالم والخامس محلياً، حيث بلغت قيمته السوقية 691 مليون دولار أمريكي عام 2014، ومنذ 15 تشرين الأول 2010 أصبح النادي ملكاً لمجموعة فينواي الرياضية، بعدما اشترت ملكية النادي مقابل 300 مليون جنيه إسترليني.

ومن أشهر ما يعرف به النادي نشيده الرسمي، وهو أغنية “لن تسير وحدك أبداً”، بعدما اعتاد محبوه على تحميس لاعبيه بغنائها في المباريات الصعبة، وتعود قصة الأغنية لعام 1945، عندما غنتها فرقة كاروسيل في أحد العروض المسرحية ليأخذها جمهور النادي ويغنوها لأول مرة في 19 تشرين الأول عام 1963، خلال مباراة ناديهم أمام وست بروميتش.

 

تصدع في الأساسات

يمكن أن نعزو سبب انهيار الفريق ونزوله من عليائه إلى أسباب عدة بعضها واضح جداً وبعضها الآخر يقرأ من بين السطور، وإذا أردنا الحديث عن أبرزها سيتبادر إلى أذهاننا فوراً قصة الإصابات، والتي أثرت بشكل رئيسي في قرارات وتشكيلة المدرب الألماني يورغن كلوب والذي اضطر لاستخدام لاعبين في غير مراكزهم، مثل وضع لاعبي الوسط فابينيو وجوردان هيندرسون في خط الدفاع، والاستعانة بالحارس الاحتياطي أحياناً، وفقدان نجمه الجديد تياغو ألكنتارا لفترات طويلة، بالإضافة لإصابة النجم البرتغالي النشيط دييغو غوتا بعد سلسلة من المباريات التي تألق فيها، وطبعاً الخسارة الأكبر كانت لقلب الدفاع الهولندي فيرجيل فان دايك، ومن ثم زميله في المركز جو غوميز.

لكن لغة الأرقام تفرض علينا إلغاء هذا السبب، فرغم الغيابات الكثيرة في خط الدفاع، تلقى ليفربول ثمانية أهداف في 13 مباراة منذ إصابة فان دايك، ما ينقلنا إلى السبب الثاني المتمثل بانتهاء سيادة ثلاثي الهجوم ” محمد صلاح وساديو ماني وروبرتو فيرمينو” فقد بدا هذا الثلاثي عاجزاً تماماً على التسجيل في مباريات عدة بعدما سجل 248 هدفاً في أربعة مواسم، بالرغم من أن صلاح حافظ على معدله التهديفي وخاصة في مبارياته الأخيرة والتي شهدت غرقاً لسفينة كلوب إذ رأينا أن المصري يتألق ويقوم بواجبه على أكمل وجه.

وعلى ذكر صلاح، يتهم كثيرون النجم العربي بأن همه الأول أصبح تسجيل الأهداف ونيل لقب هداف الفريق وأفضل لاعب، حتى وإن تطلب الأمر التحايل على الحكام بهدف الحصول على ركلات جزاء وذلك كلما أسقطه أي لاعب داخل منطقة الجزاء، وسبب ذلك لفت أنظار كبار أوروبا كقطبي الكرة الإسبانية برشلونة وريال مدريد للرحيل لأي منهما في الصيف القادم.

ويؤيد كثيرون رحيل صلاح، فقد تعالت الأصوات المؤيدة لذلك في ظل تألق النجم الشاب هارفي إليوت والمعار لنادي بلاكبيرن روفرز في دوري الدرجة الأولى، بتسجيله 4 أهداف وصناعة 9 أهداف في 24 مباراة، ومع بقاء محمد صلاح سيكون من الصعب استقبال هارفي مجددا.

وهناك أسباب دائماً ما يذكرها المحللون بعد وصول نادٍ ما لإنجازات كبيرة وأفول نجمه فجأة، كضرورة ضخ دماء جديدة في الفريق، وخاصة في خطي الهجوم والوسط، كما أن النادي بحاجة لمدافع قوي يقف جوار فان دايك، عوضا عن الاستعانة باللاعبين الشبان، وربما يكون هذا السبب مقنعاً هذه المرة فقد خاض ليفربول معركة طاحنة على لقب الدوري مع السيتي عام 2019، وبعد إحرازه 97 نقطة في ذلك الموسم، سجل ليفربول رقماً قياسيا الموسم الماضي حاصداً 99 نقطة، كما بلغ نهائي دوري أبطال أوروبا مرتين في آخر ثلاثة مواسم.

أما آخر أسباب الانهيار فهو ربان المركب “كلوب” الذي أدى تساهله مع اللاعبين إلى انتشار ظاهرة عدم الانضباط داخل المجموعة، وقد ظهر ذلك بشكل واضح أمام أعين الجميع لحظة غضب صلاح أثناء استبداله أمام برايتون، ثم لحظة غضب ماني أثناء استبداله أمام كريستال بالاس، فضلاً عن الحالة الفنية الراهنة للألماني، الذي يبدو وكأن أفكاره قد نفدت وانكشفت أوراقه أمام خصومه، كحاله مع ناديه السابق بوروسيا دورتموند في آخر موسم معه، عندما بدأ الفريق بالتراجع في المستوى بعد أن كان مهيمناً على الدوري بطريقة لعب مشابهة لليفربول الحالي، يضاف إلى ذلك عدم تدخل الإدارة في قرارات المدرب أو على الأقل تدعيم تشكيلته قبل انطلاقة الموسم، أو حتى عدم التعاقد مع مدافع بديل صاحب قدرات عالية في الميركاتو الشتوي من أجل تعويض غياب فان دايك.