أخبارسلايد الجريدةصحيفة البعث

أردوغان يبدأ حملة انتخابية مبكرة بتصفية المعارضة

بدأت حملة التصفيات السياسية مبكراً في تركيا قبل استحقاق انتخابي يشكل بالنسبة لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان وحزبه العدالة والتنمية اختباراً وجودياً سيحدد مصير مستقبله السياسي، وسط توقعات واستطلاعات رأي تشير إلى أنه بات أضعف وأقل شعبية من أحزاب معارضة، مثل حزب الشعب الجمهوري، لكن ما يقلق أردوغان أكثر في هذه المرحلة هو حزب الشعوب الديمقراطي، والذي من المحتمل أن يشكل داعماً كبير لحزب الشعب الجمهوري في انتخابات 2023 والذي قد يطلب من قواعده الانتخابية التصويت لصالح المعارضة.

وفي هذا السياق، ينظر البرلمان التركي، الذي يهيمن عليه الحزب الحاكم العدالة والتنمية وحلفاؤه القوميون، في رفع الحصانة عن عدة نواب من المعارضة يخضعون لتحقيقات، وفق ما أعلن اليوم الأربعاء مصطفى شنطوب رئيس البرلمان، وأضاف: “تمّ تقديم 33 طلبا برفع الحصانة النيابية إلى البرلمان الليلة الماضية”، مضيفاً أن من بين النواب المعنيين أعضاء من حزب الشعوب الديمقراطي، لكنه رفض تقديم المزيد من التفاصيل حول الانتماء السياسي وعدد البرلمانيين المعنيين بطلبات رفع الحصانة التي أحالتها النيابة العامة.

وكانت النيابة العامة التركية قد أعلنت قبل أسبوع أنها تقدمت بطلبات لرفع الحصانة البرلمانية عن تسعة نواب من حزب الشعوب الديمقراطي وذلك في إطار تحقيق يتعلق بمشاركة نواب من الحزب في مظاهرات في العام 2014.

وجاء في لائحة الاتهام التي عرضتها النيابة العامة أن النواب الذين كانوا أعضاء في اللجنة التنفيذية المركزية لحزب الشعوب الديمقراطي شاركوا خلال هذه التظاهرات وبينهم الرئيسة المشتركة بروين بولدان، في “إثارة” أعمال العنف.

ولا يمكن النظر إلى الحملة الأخيرة على نواب حزب الشعوب الديمقراطي بمعزل عن حملة سابقة اطلقها أردوغان بعد الانتخابات التشريعية في 2015 التي فاز فيها حزبه بأغلبية ضعيفة واكتسح فيها “الشعوب” البرلمان بنسبة 13 بالمئة وهي نسبة مرتفعة جدا بالنظر إلى أن الحزب يعتبر حديث النشأة.

ومنذ الانتخابات السابقة يتوجس أردوغان من حزب الشعوب الديمقراطي الذي بات يمثل ثقل انتخابيا وخزانا مهما يمكن للمعارضة أن تستفيد منه في حال التحالفات الحزبية.

وبدأت تصفية الشعوب الديمقراطي سياسيا بالزج بزعيمه صلاح الدين دميرطاش المنافس السابق لأردوغان في الانتخابات الرئاسية، في السجن منذ عام 2016 بتهم تقول المعارضة إنها كيدية وانتقامية وتأتي في إطار التخلص من منافس شرس.

وتفاقمت الحملة التي استهدفت حزب الشعوب الديمقراطي منذ بدايات العدوان التركي على شمال سورية والحملات العسكرية على المناطق ذات الغالبية الكردية.

واستغل أردوغان قانون الإرهاب وحالة الطوارئ، التي أعلنها بعيد محاولة الانقلاب الفاشل في صيف العام 2016، لتكثيف حملة شيطنة نواب الشعوب الديمقراطي.

وتأتي هذه التطورات بينما يواجه أردوغان انتقادات حادة من المعارضة على خلفية فشل عملية عسكرية في شمال العراق لتحرير 13 تركياً أعدمهم حزب العمال الكردستاني، وفق الرواية الرسمية، بينما يؤكد الأخير أنهم قتلوا في غارات جوية تركية. واستغل أردوغان وحلفاؤه مقتل الأتراك الـ13 وبينهم ضباط وعناصر من الاستخبارات، لزيادة الضغوط على المكون الكردي السياسي الذي يمثّل أقلية عرقية لكن له وزن سياسي وانتخابي مهم.

ويعتقد على نطاق واسع أن محاولات تجريد العشرات من نواب المعارضة، وبينهم نواب من الشعوب الديمقراطي، تأتي ضمن حسابات انتخابية وأنها تعكس أيضاً مخاوف أردوغان من تهديد لمستقبله السياسي ومستقبل حزبه في الوقت الذي تسببت فيه حملة قمع الحريات والأزمة الاقتصادية في تهاوي شعبيته وحزبه.

ويتساءل متابعون للشأن التركي عن الرصيد الذي سيخوض به أردوغان وحلفاؤه الانتخابات القادمة وعن مستوى الحظوظ المتوقعة في الوقت الذي تلقي فيه الأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا بثقلها في مشهد شديد الاضطراب.

وأعلن أردوغان في الأشهر القليلة الماضية عن برنامج إصلاحات اقتصادية وسياسية ووعد بتحسين وضع حقوق الإنسان والحريات في إعلانات لم تخرج عن سياق البروباغندا السياسية، حيث تتناقض وعوده مع ما يجري على أرض الواقع من تضييق على الحريات وانتهاك لحقوق الإنسان.

ويكابد أردوغان لترميم شعبية تهاوت بشدة بينما ينفتح المشهد التركي على خارطة سياسية وحزبية جديدة بعد إعلان شخصيات وازنة انشقاقها عن حزب العدالة والتنمية مثل رئيس الوزراء السابق احمد داود أغلو والوزير الأسبق علي باباجان فيما يعيش العدالة والتنمية أزمة داخلية بسبب تفرد أردوغان بالقرار وتجاهل النصيحة والإصرار على تمرير سياساته.