مجلة البعث الأسبوعية

حي صلاح الدين بحلب.. مشكلات خدمية مزمنة والحلول مؤجلة!!

“البعث الأسبوعية” ــ معن الغادري

“الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود”، هذا المثل الشعبي الدارج قد ينطبق تماماً على حال وواقع العديد من الأحياء الشعبية المنسية بحلب، وتحديداً حي صلاح الدين، ثاني أكبر الأحياء في حلب، وأكثرها اكتظاظاً، حيث يتجاوز عدد الأسر التي تقطن بالحي 30 ألف عائلة، متوسط عدد أفراد الواحدة منها 7 أشخاص. والسمة الطاغية على هذا الحي الفوضى العارمة التي شوهت، بل غيبت، معالمه إلى حد كبير، فاختلط الحابل بالنابل ولم يعد معروفاً منه سوى اسمه.

للوهلة الأولى لدخولك حدود الحي تصاب بالذهول، بالنظر إلى ما يعانيه من ترهل في الجانب الخدمي وغياب الحد الأدنى من التنظيم السكني المتداخل مع الأرصفة والشوارع المتصدعة، وزحمة المحال التجارية والبسطات والإشغالات والمخالفات والتعديات، ناهيك عن الحفر المنتشرة على طول وعرض الطرق الرئيسية والفرعية، وانتشار القمامة وتموضع مولدات الأمبير العشوائي، وتداخل وتدلي شبكة خطوطها وتمديداتها التي تشبه الشبكة العنكبوتية – الخطرة جداً – على جدران الأبنية والمحال على حد سواء.. كل ذلك إلى جانب العديد من المشاهدات غير اللائقة، ما يفرض بالتالي على الجهات الخدمية والمعنية في حلب أن تبادر إلى معالجة ما يعانيه هذا الحي من ترهل في بنيته التحتية وإيجاد الحلول للمشكلات المزمنة والمستعصية.

 

واقع مزرٍ

أبو سمير من سكان الحي أوضح أن معظم الشوارع، بل جمعيها، واقعها مزرِ وسيئة للغاية ومليئة بالحفر وتتجمع فيها المياه الآسنة والقمامة، بينما اشتكى جاره أيمن الأحمد من انتشار القوارض داخل الأبنية والأقبية، وحتى في الشوارع، والتي باتت تشكل هاجساً مرعباً للأهالي.

أما أم محمود، وهي موظفة، فأشارت إلى أن الباعة الجوالين يفترشون الأرصفة وجزءاً من الشوارع الفرعية والرئيسية ما يضطرهم للسير بين السيارات ويعرضهم ويعرض الأطفال للخطر.

وتقول السيدة فاطمة أن الحي بحاجة إلى إعادة تنظيم وإلى قيام الجهات المعنية بتخديمه بصورة جيدة، موضحة أن سكان الحي يعانون من ضعف وبطء الخدمات ومن انقطاع التيار الكهربائي بصورة متصلة، بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة التموينية، وارتفاع تسعيرة الأمبير لتصل إلى 6 آلاف ليرة سورية، ما يزيد من المعاناة اليومية للأهالي.

واشتكت مئات الأسر – على لسان العم أبو محمود – من عدم حصولها على مخصصاتها من المازوت المنزلي، ويضيف أبو محمود: بتنا على أبواب فصل الصيف ولم نحصل على مازوت التدفئة وهو ما حدث معنا الموسم الماضي، وفي المرتين اشترينا المازوت من السوق السوداء بأسعار خيالية وصلت إلى 1700 ليرة للتر الواحد هذا العام ، وطالب أبو محمود نيابة عن أبناء حيه أن تقوم الجهات المعنية بمعالجة شكاوى المواطنين وتخديم الحي بصورة أفضل.

 

جهود ولكن..!

” البعث الأسبوعية” نقلت مطالب وشكاوى أهالي الحي إلى رئيس مديرية خدمات الأنصاري، المهندس أحمد السيد بكور، الذي أوضح أن حي صلاح الدين تضرر كثيراً جراء الإرهاب ويعتبر من أكثر الأحياء الواسعة والمكتظة سكانياً ويقطنه قرابة 200 ألف نسمة، كما يعد من الأحياء ذات الطابع المخالف والعشوائي، ويعاني من نقص كبير في الخدمات، وبنيته التحتية غير صالحة في معظم شوارعها، ما يفرض إعادة تأهيلها من جديد.

وأشار المهندس بكور إلى أنه تم إعداد الخطط والدراسات هذا العام لتنفيذ 3 مشاريع خدمية تتضمن صيانة الشوارع الرئيسية والفرعية والأرصفة وتأهيل البنى التحتية، وذلك حسب الأولوية والأهمية، بالإضافة إلى إقامة سياج للأبنية المتضررة جراء الحرب الإرهابية منعاً من أن تتحول إلى مكبات للقمامة، ولحين النظر في وضعها، كونها تعد من الأملاك الخاصة، وتخضع لكثير من الإجراءات القانونية. وأضاف: لقد تم الانتهاء من إعداد الدراسات المطلوبة لتنفيذ المشاريع الثلاثة بانتظار إجراء التعاقدات وبدء العمل مع بداية الشهر الرابع وإنجازه نهاية الشهر السادس.

وفيما يخص واقع النظافة في الحي، أوضح المهندس بكور أنه يتم تنظيف الحي ونقل القمامة يومياً، على الرغم من النقص الكبير في عديد عمال النظافة والآليات، موضحاً أنه عقب تنظيف الشوارع بدقائق يقوم البعض برمي أكياس القمامة، داعياً الأهالي إلى التعاون وتضافر الجهود مع مديرية الخدمات والتقيد بمواعيد رمي القمامة للحفاظ على نظافة الحي.

وحول ما يتم اتخاذه من إجراءات قانونية ضد المخالفات والتعديات، يقول المهندس بكور: يتم التعاطي مع هذا الملف من خلال تنظيم الضبوط اليومية وإزالة المخالفات والتعديات، ولكن أحياناً الضغوطات المعيشية والظروف المعيشية الراهنة والصعبة تجبرنا على غض النظر عن بعض الإشغالات من قبل أصحاب البسطات والباعة الجوالين.

وعن آلية مكافحة القوارض، أشار المهندس بكور إلى أنه يتم التنسيق مع مديرية الشؤون الصحية، حيث تتم بشكل دوري مكافحتها، كما تتم عملية رش المبيدات الحشرية بشكل دوري وفق جدول زمني.

وفيما يخص تسعيرة الأمبير وآلية تعامل الجهات المعنية مع جشع مشغليها، أشار المهندس بكور إلى أن هذا الأمر من اختصاص مديرية حماية المستهلك، وما يرد من شكاوى يتم تحويله إلى الدوريات التموينية التي تقوم بدورها بتنظيم الضبوط بحق المخالفين.

 

أخيراً

لا شك أن صورة حي صلاح الدين مشابهة لغيره من الأحياء الشعبية المنسية والمكتظة والمهملة لجهة واقع النظافة المتردي وحال الشوارع والمرافق الخدمية غير المرضية وكثرة المخالفات والتعديات وغيرها من التفاصيل التي لم نأت على ذكرها، وهو ما يفرض تحركاً حقيقياً من قبل مجلس المحافظة وتفاعلاً من المديريات الخدمية والجهات الرقابية للنهوض بالواقع الخدمي في هذا الحي وغيره من الأحياء، عسى أن يقارب “ربع” ما تشهده الأحياء المصنفة درجة أولى في المدينة من أعمال يومية.