مجلة البعث الأسبوعية

أقـل مـا يـقـال.. طرح استثنائي..!

“البعث الأسبوعية” ــ حسن النابلسي

ربما لا يختلف اثنان على أن هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ الاقتصاد الوطني هي بأمس ما تكون لحلول ومبادرات استثنائية على كل المستويات، نظراً لما ينتابها من تحديات ليست بالقليلة، ولم تعد تخفى على أحد، ليس أولها التضخم ولا آخرها تدني مستوى المعيشة.

في ظل هذه التحديات، برزت طروحات قد تكون بالفعل أشبه بمصل مضاد لما أصاب الاقتصاد من أمراض عصي الاستشفاء منها، وانطلق أصحابها قبل طرحها من تشخيص الحالة بدءاً من أن حقيقة “رأس المال جبان” لم تأت من فراغ، بدليل أن من لديه أصول مالية سيستفيد منها في حال عدم تسييلها حالياً نتيجة حدة التذبذب الحاصل بسعر الصرف دون المخاطرة برأس المال سواء، أكان “كاش” أم “بضاعة”، ما دفع عديدين للإقبال على تخزين أموالهم، إما بالدولار أو بالذهب، ما أدى لنقص سيولة السوق من العملة الأجنبية، وبالتالي تحكم المضاربين بالأخيرة بعيداً عن القنوات الرسمية، معتمدين بذلك مبدأ “اضرب واهرب”..!.

بناء على ما سبق ذكره، ظهرت مؤخراً بعض المقترحات التي بدت أقرب إلى دعوات، ومنها –للأمانة المهنية – تلك التي أطلقها المتابع للشأن الاقتصادي عامر ديب، الذي أكد أن “تحرير سعر الصرف” بات أحد الحلول الكفيلة بالخروج من عنق الزجاجة، وأن تحرير سعر الصرف والسماح بالتعامل بالدولار كعملة ثانية بعد الليرة السورية سيكون له أثر إيجابي على سعر الصرف والأسواق، فهو سيخرج الملايين المكدسة لتنساب إلى الأسواق، إضافة إلى أن إعادة تدوير العملات الأجنبية في السوق سيوجد قوة سوقية كبيرة، وهنا يبدأ دعم الليرة السورية؛

كما أن تحرير سعر الصرف يمكن أن يترافق مع تسعير المواد الاستهلاكية، وإيجاد ضوابط سعرية بالدولار والليرة، وسيؤدي تحرير سعر الصرف لزيادة القوى الشرائية، وسيكون هذا عاملاً مهماً لتحقيق التوازن المجتمعي، وخاصة لجهة تعزيز الطبقة الوسطى، والأهم من هذا وذاك هو القضاء على التذبذب الحاد لسعر الصرف، وبالتالي تحسن الليرة السورية وعودتها تدريجياً إلى مستويات قوية.

هو طرح قد يبدو للوهلة الأولى غريباً، إلا أنه يستحق الدراسة والتمحيص من كل الجوانب، لا سيما وأننا وصلنا إلى مرحلة لم تعد الحلول التقليدية ناجعة للتخفيف من تداعياتها التي بات يصعب معها تثبيت سعر الصرف عند مستوى معين، مع التأكيد طبعاً أن المعنيين بأخذ هذا الطرح وتنفيذه هم الأقدر على تقييمه كونهم أدرى بكل حيثيات المشهد النقدي ومتطلبات المعالجة والتدخل.

يبقى أن نشير إلى أن أي طرح أو مقترح أو مبادرة لا تعني بالضرورة أنها رسالة تعكس غياب الجهات المعنية عنها، أو عجزها أو تقصيرها، بل تأتي ضمن سياق المشاركة بالرأي، فقد تكون هذه الجهات بحاجة لمساعدتها بتدوير الزوايا، وقد يكون هذا الطرح قيد الدراسة لديها، أو أنها درسته بالفعل واستبعدته، مع التنويه أخيراً إلى تقديرنا لحساسية السياسة النقدية، وما تتطلبه من مزيد من الحرص لدى اتخاذ أي قرار.