تحقيقاتصحيفة البعث

بسبب الحصار.. تحديات الواقع الكهربائي تزيد أعباء المواطن

لا يختلفُ واقع الكهرباء عن غيره من القطاعات الأخرى، من حيث التخريب والتدمير الذي أصابها نتيجة الجرائم الإرهابية وتداعيات الحصار الجائر الذي يستهدف الحياة بكل مساراتها، وطبعاً الوضع الكهربائي المتردي أدّى إلى كثير من المشكلات التي يتحمّل المواطن نتائجها بأشكال متعدّدة، فالانقطاع غير المنتظم للتيار الكهربائي يتسبّب بأعطال في الأجهزة الكهربائية المنزلية وبخسائر مادية كبيرة، تثقل الأعباء على كاهل العائلات التي بالكاد تستطيع تأمين المستلزمات الأساسية.

تكاليف باهظة
استطلعنا الكثير من مشكلات المواطنين المتعلقة بواقع الكهرباء في دمشق، وقد أكد لنا أحد المواطنين في حي المزة 86 أن التيار الكهربائي تمّ فصله ووصله عدة مرات بشكل مغاير لأوقات التقنين، ثم سمع أصواتاً غريبة تخرج من بعض الأجهزة الإلكترونية في منزله وبعد عدة ساعات فوجئ بانفجار منظم الكهرباء وتطاير الشرر منه واشتعال تابلو القواطع الكهربائية، ليتبيّن بعد ذلك أن الأشرطة الكهربائية النحاسية عيار 6 مم قد تضرّرت وأصبحت بحاجة للتبديل، ليس فقط في مكان اشتعالها الذي يبلغ طوله عدة أمتار وإنما من مدخل المبنى وصولاً إلى منزله، كما تضرّرت عدة قواطع إضافة إلى تضرّر تمديدات المنزل النحاسية عيار 4 مم و3 مم بالكامل واحتراق دارات المنظم، فإذا علمنا وعلى سبيل المثال أن سعر بعض القواطع يناهز 30 ألف ليرة وسعر متر الكابلات 6 مم المزدوج 12 ألفاً وكلفة إصلاح المنظم 75 ألفاً (وقت إعداد هذا التحقيق)، فمن أين سيأتي ذلك المواطن بتكاليف شراء تلك المواد، ناهيك عن أجور الصيانة من قبل الكهربائي التي تضخمت كما ضخم التّجار سعر كل شيء في السوق، وهل تتكفل وزارة الكهرباء بجزء من إصلاح الخلل الحاصل فوق كل ما تعانيه في صيانة الشبكات والمحولات وغيرها من الأعطال؟.

غير مجدٍ
مواطن آخر في الحيّ نفسه أعلمنا أن تابلو خطوط الكهرباء ضمن البناء الذي يقطن فيه تضرّر فيه خط، وعند نقل تمديدات ساعات المنازل إلى الخطين الآخرين أيضاً تضررا واشتعل التابلو مع تمديدات الساعات بعد إصلاحها بصورة مؤقتة وغير مجدية من قبل الطوارئ، وبعد تكرار الانقطاعات والرفات الكهربائية التي تحدث في الشتاء نتيجة للضغط الكبير على الشبكة، اضطر مع قاطني البناء لشراء علبة تابلو مع تبديل تمديدات الساعات على نفقتهم الخاصة بمبلغ يفوق المئة ألف ليرة بعد رفض الطوارئ تبديل أي شيء بحجة أنها غير محترقة بالكامل!!.
كما اشتكى عدد من المواطنين من حدوث أعطال كهربائية في الأجهزة الحساسة ضمن منازلهم في الحيّ نفسه وبصورة متكررة بسبب عدم انتظام التيار الكهربائي في بعض الأحيان، مثل أعطال ليدات الشاشات والراوترات وهي أعطال مكلفة وتفوق سعر الأجهزة ذاتها قبل عامين، وأن رائحة الشواء تفوح من الشبكات الكهربائية في شوارع الحي بسبب التقنين وقلّة الغاز ومازوت التدفئة، حيث يجبر هذا الوضع الجميع على استغلال كل ثانية من موعد وصل التيار في الطهي والتدفئة وتشغيل الغسالات الأوتوماتيكية والسخانات والمكيفات، وهي جميعها من الأجهزة التي تحوي وشائع مدمرة للشبكات الكهربائية داخل المنازل وخارجها إذا عملت بشكل متزامن، فهل يا ترى سيكون التقنين حلاً توفيرياً بالنظر إلى التلف السريع للشبكات الذي سيكلف مبالغ طائلة؟ خاصة وأن معدن النحاس أصبح من المعادن الثمينة والمكلفة في خضم أزماتنا المتلاحقة بعد قيام بعض ضعاف النفوس بالمتاجرة به وتهريبه.

بدء المعالجة
تواصلنا مع المكتب الصحفي في وزارة الكهرباء للاستفسار عن المحاور التي طرحناها أعلاه، والتي وردتنا من العديد من المواطنين لمعرفة رأي المختصين لديهم بالموضوع، فتمت إجابتنا أن الوزارة ستأخذ الموضوع على محمل الجد كشكوى موثقة، وستباشر بحلها ومعالجتها في أسرع وقت ممكن. كما تواصلنا مع المكتب الصحفي في وزارة الصناعة فتمّت إجابتنا بأن اختصاصهم ينحصر بموضوع الكابلات فقط، فحاولنا عدة مرات التواصل مع مدير الشركة العامة لصناعة الكابلات بدمشق إلا أنه لم يتم الردّ على تساؤلاتنا!.

فسحة أمل
في النهاية ومهما طرحنا من حلول ستبقى جميعها ناقصة ومكلفة نظراً للواقع السيئ للمشتقات النفطية والكلفة العالية للاستيراد، إضافة للقيود المفروضة على ناقلات النفط المتوجّهة إلينا، ونأمل تحقق الحل الأمثل في القريب العاجل من خلال نجاح الجيش العربي السوري في الاستعادة المرتقبة حالياً لحقول النفط في الشمال السوري وعودتها كعصب داعم، سواء كان في الشق الخدمي أو في الشق الاقتصادي والاستثماري.

بشار محي الدين المحمد