اقتصادصحيفة البعث

سهل ممتنع..!

حسن النابلسي

لا يختلف اثنان على امتلاك الاقتصاد السوري مقومات لم تنل نصيبها من الاستثمار بعد من زراعة وصناعة واستثمار الثروات الباطنية، والحديث لا يقتصر فقط على هذه المرحلة بل يمتد إلى ما قبل الأزمة..!.

لن نتحدث بما قد نحصده من نتائج على المدى الإستراتيجي في حال أحسنّا استثمار هذه المقومات وإمكانية الارتقاء بالاقتصاد إلى مصاف الاقتصادات الإقليمية، وإنما سنتحدث عن ضرورة وضع هذه المقومات وما تشكله من نقاط قوة تحت المجهر الحكومي، وتكثيف الجهود لاستثمار ما أمكن من هذه المقومات بما يخدم متطلبات المرحلة ولو بحدها الأدنى..

سنفرد الحديث تحديداً عن القطاع الزراعي الذي يعتبر الحامل الأساسي للأمن الغذائي.. إذ لا نعتقد أن الاشتغال على تعزيز البنية الإنتاجية للمنشآت العاملة بمجال الألبان والأجبان – مثلاً – بما يلبي احتياجات المرحلة وكسر حدتها، يتطلب عصفا ذهنيا ودراسات معمقة لتنساب إلى السوق المحلية بأسعار منطقية، بل المطلوب هو تأمين احتياجات القاعدة الموردة “المزارعون” لهذه المنشآت من أعلاف مع الإشارة هنا إلى أن الكثير من المزارعين يقومون بإنتاج الألبان والأجبان..!

في الوقت الذي لا ننكر فيه أن أنماط الزراعة في بلدنا لا تزال تقليدية سواء لجهة أعمال الري أم لجهة أعمال التسميد، أم لجهة الابتعاد عن المكننة الحديثة، وبالتالي ستؤثر على الإنتاج كماً ونوعاً، إلا أن واقع الحال يستوجب استثمار كل ما يمكن استثماره في هذا القطاع، ولربما تفرض الزراعات المنزلية نفسها في هذا السياق على الأقل لتأمين الاكتفاء الذاتي على مستوى الأسرة ولعل تجارب بعض الدول في هذا المجال تعطي حافزاً لتكريس هذا النوع من الزراعات، إذ تشير بعض التقارير إلى أن الزراعة المنزلية والأسرية تؤمن ما نسبته 70% من حاجة روسيا من الخضار في بلد ينعم باستقرار اقتصادي افتقده اقتصادنا الوطني منذ ما يقارب العقد من الزمن.. ألا يجدر أن تشكل هذه المعطيات حافزاً لتكريس مبدأ الاكتفاء الذاتي على مستوى الريف السوري قاطباً، في مرحلة بات الوضع المعيشي يقض مضاجع أكبر شريحة وأكثرها خبرة زراعية..!

ونختم بالإشارة  – وبشهادة العدو قبل الصديق – إلى غنى بلدنا بالطاقات البشرية المبدعة في شتى المجالات والصعد، نتيجة ما تتمتع به من مخزون فكري بات محط أنظار كثير من دول العالم، الأجنبية منها قبل العربية، وهي لا تدخر جهداً لاستقطابه واستثماره، بغية تحقيق إنجازاتها التنموية والاجتماعية، فالأولى بنا المبادرة الذاتية – كلٌ حسب موقعه وإمكانياته – لاستنهاض طاقاتنا وأفكارنا على الصعيد الشخصي الأسري أولاً، لنرتقي بها إلى المستوى المجتمعي الوطني ثانياً.

hasanla@yahoo.com