مجلة البعث الأسبوعية

“عمالة الأطفال”.. ظاهرة لا تزال شائعة رغم الاتفاقيات والمحاولات الحثيثة لضبطها

“البعث الأسبوعية” ــ حياة عيسى

تتفاوت مشكلة “عمالة الأطفال” من دولة لأخرى لكنها أكثر شيوعاً في الدول الفقيرة والنامية، علماً أن بعض الدول المتقدمة تعاني منها أيضاً، فهي بالنهاية ظاهرة عالمية لكنها بدأت تنتشر وتتوسع في الآونة الأخيرة وتترك أثاراً سلبية تنعكس على الطفل بشكل خاص وعلى الأسرة والمجتمع بشكل عام، كونها تضع أعباء ثقيلة على الطفل وتستغله اقتصادياً مما يؤدي إلى تهديد سلامته وصحته ورفاهيته.

مديرة الخدمات في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هنادي خيمي بينت في حديث لـ “البعث الأسبوعية” أن الدستور السوري كفل حق العمل واعتبر الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية لذلك تم المصادقة على الاتفاقيتين الدوليتين رقم 138 لعام 1973، المتعلقة بالحد الأدنى لسن الاستخدام في العمل، والاتفاقية رقم 183 لعام 1999، المتعلقة بحظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال، إلا أنه بالرغم من ذلك يلجأ بعض أصحاب العمل لمخالفة أحكام القانون لجهة تشغيل الأطفال اعتقاداً منهم أن الطفل في تلك الفترة العمرية يعمل ساعات طويلة مقابل أجر زهيد وهو ما لا يقبل به العامل البالغ، الأمر الذي دفع بالوزارة لتحريك مفتشين مستقلين من مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل لمراقبة تطبيق قانون العمل لناحية تشغيل الأحداث لتنظيم الضبوط بحق أصحاب العمل المحالفين وفرض غرامة، بالتزامن مع صدور قرار يتضمن نظام تشغيل الأحداث وظروفه والمهن التي لا يجوز تشغيلهم فيها كما يحظر تشغيلهم في العمل الليلي، وتحديد ساعات العمل بالنسبة للقاصرين بما لا يزيد عن ست ساعات على أن تتخللها فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة، مع التشديد على ضرورة تقييد صاحب العمل بتحرير كشفاً مبيناً فيه أسماء الأحداث وأعمارهم وتاريخ استخدامهم، وأن يضع كشفاً موضحاً فيه ساعات العمل وفترات الراحة.

وتابعت خيمي أن سورية من أوائل الدول التي وقعت على الاتفاقيات المتعلقة بحقوق الطفل وعلى اتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن الحد الأدنى لسن العمل وحظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها والتي تجلى أهمها بالاتفاقية المتعلقة بالحد الأدنى لسن الاستخدام والتي تنص أنه لا يجوز أن يكون الحد الأدنى للسن المقرر لعمالة الأطفال أدنى من سن الدراسة الإلزامية، ولا يجوز في أي حال أن يقل عن 15 عاماً، إضافة إلى الاتفاقية المتعلقة بحظر أسوأ أشكال عمل للأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، والاتفاقية التي أقرت تقييد العمل الليلي للأطفال والأحداث في المهن الغير صناعية، بالتزامن مع الاتفاقية الخاصة بالفحص الطبي للياقة الأطفال والأحداث للاستخدام في المهن غير الصناعية لضمان لياقتهم للاستخدام في المناجم وتحت سطح الأرض.

كما تطرقت مديرة الخدمات إلى أهم القوانين الناظمة لعمالة الأطفال، والتي تضمنت “قانون العمل”، و”قانون العلاقات الزراعية”، و”القانون الأساسي للعاملين في الدولة”، حيث حمى قانون العمل الذي ويعتبر من أحدث القوانين التي تعالج مشكلة تشغيل القاصرين الطفل في عدة مواد جاءت منسجمة إلى حد كبير مع المعايير الدولية كما وردت في اتفاقية الحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل بعد أن كان القانون السابق يكتفي بتغريم صاحب المنشأة التي يعمل بها القاصر بمبلغ لا يتجاوز الألف ليرة، وبموجب هذا القانون يحظر تشغيل الأحداث قبل إتمام مرحلة التعليم الأساسي، وللتأكد من تلك الخطوة تم تشكيل لجنة لمنع تشغيل القاصرين في كل محافظة مكون من عضو من شعبة التعليم الإلزامي وعضو من الشؤون الاجتماعية والعمل، ويستثنى من أحكام القانون الأحداث الذين يشتغلون في الصناعات المنزلية التي لا يعمل فيها سوى أفراد العائلة تحت إشراف الأب أو الأم أو الأخ أو العم أو الخال، مع الإشارة إلى أن مخالفة صاحب العمل لتلك الأحكام يترتب عليه الغرامة المالية التي لا تقل عن 25 ألف ليرة ولا تزيد عن 50 ألف ليرة وتتعدد الغرامات بتعدد العمال اللذين وقعت بشأنهم المخالفة وتضاعف في حال التكرار.

أما بالنسبة لقانون العلاقات الزراعية فقد أوضحت خيمي أن القانون يشترط ألا يقل أعمار المشتغلين عن 15 عاماً وأن يكون استخدامهم بطريقة التعاقد مع أوليائهم وعلى مسؤوليتهم وتحدد الأعمال الخفيفة بقرار من وزارة الشؤون بالاتفاق مع اتحاد الفلاحين، كما أنه لا يجوز تحت أي ظرف تشغيل الحدث ليلاً ويمكن زيادة ساعات عمله في المواسم، مبينةً أن صاحب العمل أو وكيله مسؤولاً عن التحقق من عمر العامل وموافقة ذويه على تشغيله وفي حال مخالفة الشروط تترتب المسؤولية الجزائية على ذوي الحدث الذين سمحوا باستخدامه أو تغاضوا عن ذلك خلافاً لأحكام القانون أنف الذكر، كما تترتب على صاحب العمل عقوبة الغرامة المالية التي قدرت بـ 2700 ليرة قابلة للتضاعف في حال تكرار المخالفة، وتتولى دوائر تفتيش العمل الزراعي المرتبطة بالوزارة مراقبة تطبيق الأحكام والنصوص المتعلقة بحماية العمل و العمال والمزارعين وأصحاب العمل الزراعي وبصورة خاصة ما يتعلق بساعات العمل والأجور والطبابة.