تحقيقاتصحيفة البعث

سوق الذهب.. جمود يحاكي ارتفاع الأسعار وخسائر متزايدة في المدخرات

دون أي تفكير أو حسابات ذهنية معقدة لشراء محابس الخطوبة يتجه شبابنا اليوم إلى محال الذهب البرازيلي لشراء محبس الخطوبة الذي لم يعد حتى أبناء الطبقة المتوسطة قادرين على شرائه بعد أن لامس غرام الذهب العادي حائط الـ200 ألف ليرة، وأصبحت واجهات محال الصاغة خاوية على عروشها حتى من المتفرجين عليها. فما شهدته أسواق الذهب في الآونة الأخيرة من جنون في الأسعار جعل الشباب المقبلين على الزواج اليوم يعزفون عن الفكرة، وأضحت هذه الأسواق المستقطب الأول لاستقبال الزبائن ممن يرغبون ببيع الذهب الذي ادّخروه لوقت الشدة.

تأثير سلبي
لم يعد شراء الذهب يشكّل طقساً من طقوس الزواج بعد أن حلّق سعره، ولم يعد التفكير في ادّخاره للأيام الصعبة وارداً اليوم، لأن هيستريا الأسعار التي نعيشها لم يشهد لها تاريخ البلد مثيلاً، لذا فإن هذا الوقت هو الأنسب لبيع تلك المدخرات إن وجدت، فأم محمد تقوم ببيع قطع ذهبية صغيرة لا تتجاوز “الغرامين” في مطلع كل شهر لتدبير أمور المنزل في ظل الغلاء الفاحش، أما أبو صفوان فقد فضّل بيع جميع مدخرات زوجته من الذهب منذ سنة وفتح مشروع يدّر عليهم دخلاً في هذه الأيام الصعبة، لأن بيع الذهب لتأمين مستلزمات المعيشة لا يدوم طويلاً بعد أن فاق الغلاء التصّور، وإذا ما اتجهنا إلى تجار الذهب هذه الأيام نجدهم بحال غير مرضية، إذ يؤكدون أن حالهم كحال المواطن، فسعر الذهب كباقي السلع يتأثر بارتفاع سعر الدولار، بالتالي ربحهم لم يتغيّر بل على العكس جمود حركة الشراء خلال هذا العام أثر بشكل سلبي على عملهم، وأدى لخروج الكثير من تجار الذهب من سوق العمل، كذلك أكدوا لنا أن عمليات البيع والشراء للأونصات والليرات الذهبية تكاد تكون معدومة حالياً في أسواق الذهب السورية، إذ شلّ الغلاء حركة البيع، وهذا بدوره انعكس على صناعة الذهب التي تعاني اليوم أكثر من أي وقت سابق من مشكلات عديدة تستدعي وجود حلول سريعة من أجل الحفاظ عليها. وأكد لنا محمد دالاتي “تاجر ذهب” في سوق الحريقة أهمية التوجه اليوم من قبل الحكومة لإيجاد حلول تحدّ من الارتفاعات المتتالية لسعر الصرف وما يرافقه من ارتفاع في سعر الذهب وجميع السلع، وخسارة كل من المشتري والبائع على حدّ سواء، الأمر الذي ساق الكثير إلى بيع مجوهراتهم ليستطيعوا إكمال الشهر وشراء الحاجات الأساسية للمعيشة لا للرفاهيات، في حين نجد الفئة الأخرى من أثرياء الأزمة أو ممن يعيشون على الحوالات التي تأتيهم من أقربائهم خارج البلد في حالة ارتياد دائم إلى سوق الصاغة لشراء الذهب وادخاره، باعتبار أن قيمة الليرة السورية في انخفاض مستمر.

عودة للعمل
أسباب كثيرة تقف وراء ارتفاع سعر الذهب، عزاها رئيس جمعية الصاغة وصنع المجوهرات غسان جزماتي إلى ارتفاع سعر الاونصة عالمياً، والأمر الثاني يتعلق بارتفاع سعر صرف الدولار محلياً، مضيفاً أن ارتفاع أسعار الذهب الذي وصل إلى 194 ألف ليرة للغرام الواحد من عيار 21 سبّب ركوداً في معدلات البيع التي لم تسجل أي ارتفاع على الرغم من إقبالنا على مناسبات كان الذهب فيها يعتبر هدية “رمزية” تقدّم للأمهات في عيدهن في فترة ما قبل الأزمة.

وعن حالات الغش التي يشهدها سوق الصاغة من خلال بيعهم للذهب البرازيلي على أنه ذهب عادي، أكد جزماتي أن الذهب من النوع البرازيلي يمكن أن يزور ويباع على أنه ذهب حقيقي، ودعا المواطنين والصاغة على حد سواء إلى الانتباه لبعض الأساليب التي يمكن أن تتبع لتمرير هذا النوع من الذهب. وفيما يتعلق بالتلاعب بأجور الصياغة من قبل بعض التّجار، أكد جزماتي أن الجمعية تقوم بمعاودة الاتصال بالتاجر والرجوع إلى السعر الطبيعي للصياغة في حال ورود شكاوى بحق التجار، أما عن حالات الذهب الداخلة إلى سورية بطرق غير نظامية فقد أكد جزماتي أنه في حال تم معرفة دخولها يتم تسوية أوضاع الذهب المهرب ليصبح بعدها ذهباً قانونياً نظامياً. وتوقع جزماتي انخفاض سعر الذهب خلال الأيام القادمة وخاصة بعد اجتماعات مجلس الوزراء لكسر سعر الصرف، مشيراً إلى عودة الكثير من تجار الذهب إلى العمل في ورشاتهم التي توقفت خلال الأزمة بعد أن قدمنا التسهيلات الكثيرة لهم من إعادة انتسابهم للجمعية، إضافة إلى تسهيلات أخرى كمنحهم قروضاً من البنك لإعادة عملهم.

ميس بركات