تحقيقاتصحيفة البعث

في عيدها.. المرأة السورية مسيرة عمل وعطاء لبناء الوطن

لم تكن المرأة السورية خلال السنوات العشر الماضية كباقي نساء العالم، بل كانت الأم والزوجة والأخت للشهيد، وفي كثير من الأحيان كانت الشهيدة أيضاً، لتشكّل خلال هذه السنوات مفصلاً مهماً من مفاصل الحياة، وفي كل يوم كانت المرأة السورية تتجلّى بدورها الفاعل في بناء الوطن وحمايته، جنباً إلى جنب مع الرجل في المعامل والمؤسسات، نجحت وتفوقت وتبوأت مراكز استثنائية لم تستطع الكثيرات من نساء العالم الوصول إلى تلك المراكز في بلادهن أيام الحرب والسلم.

تمكين المرأة
حصلت المرأة السورية قبل معظم النساء العربيات ومعظم نساء العالم الثالث على حق الاقتراع والترشح لمجلس الشعب ومجالس الإدارة المحلية من دون قيد أو شرط، كما دخلت السلك الدبلوماسي منذ العام 1953 وكان لها دور فاعل فيه، أما بالنسبة للقضاء فإن قانون السلطة القضائية الصادر في سورية عام 1961 قد ساوى بين النساء والرجال، وأعطى للمرأة حق تولي القضاء مثلها مثل الرجال، وتخضع للشروط نفسها في التعيين والترقية والتعويض وكل الحقوق والواجبات، فواقع المرأة السورية والمكانة المجتمعية التي حظيت بها طيلة العقود الماضية خير شاهد على ما حقّقته سورية من تقدم في مجال تدعيم مكانة المرأة ضمن القوانين والأنظمة والتشريعات وفي مجال التنمية، حيث أولت القيادة السياسية المرأة في بلادنا كل الرعاية والعناية والاهتمام، لتتبوأ بذلك مكانة مهمة تمّ استثمارها في خدمة التنمية وتقدم المجتمع بعد أن أثبتت جدارتها في تناول مختلف القضايا بأسلوب علمي، وفي التعامل المبدع مع تقانة العصر، وهي تدرك أنها ركيزة أساسية في التنمية والديمقراطية، لا بل هي القلب والجوهر في حركة التنمية الشاملة والمستدامة.

شريك أساسي
لقد أعطت قوانين العمل المرأة السورية العاملة حقوقاً خاصة، وأفردت لها مواد مميزة وذلك لحمايتها جسمياً وصحياً وإنجابياً، ومن تلك المواد أنه لا يجوز تشغيل النساء في الأعمال الضارة صحياً وأخلاقياً وكذلك الأعمال الشاقة، كما منعت القوانين تشغيل المرأة ليلاً، وساوت قوانين العمل بين الرجل والمرأة في القطاعين العام والخاص. وأكدت رئيسة لجنة المرأة العاملة في اتحاد عمال حماة راميا الحاج السعي حالياً لنيل المرأة المساواة في إجازة الأمومة لجميع أبنائها، كذلك حق التوريث للمرأة العاملة التي لا يحق لها أن ترث راتب زوجها المتوفى في حال كانت عاملة، في حين تستطيع توريث زوجها وأبنائها بعد وفاتها، كما نسعى لتغيير القوانين المتعلقة بالطلاق التعسفي غير المنصف للمرأة والذي يجرّد المرأة من جميع حقوقها عندما يقرّر الرجل طلاقها. كذلك أكدت ليلى إسبر رئيسة لجنة المرأة العاملة في اتحاد عمال اللاذقية أن الدستور السوري ساوى بين المرأة والرجل في الحقوق والمكاسب، ووصلت المرأة السورية إلى مراكز متطورة في البرلمان وفي جميع المواقع القيادية والنقابية، كما وقفت خلال الأزمة إلى جانب بلدها من خلال قيامها بإدارة العملية الإنتاجية بعد أن اضطر الكثير من الرجال للالتحاق بالجيش والدفاع عن الوطن، فاستطاعت المرأة السورية متابعة المسيرة من خلال وقوفها خلف عجلات الإنتاج لتأمين مقومات الصمود والمحافظة على المنتجات الوطنية وبالتالي الحفاظ على اقتصاد الوطن. وأكدت إسبر الجهود التي يبذلونها من خلال هذه اللجنة لنيل المرأة كامل حقوقها، حيث تتمّ متابعة فتح دور الحضانة في جميع المؤسسات والشركات التي بحاجة لإحداث هذه الدور ولحظ ميزانية خاصة بها، وتكريم المرأة في جميع المناسبات (أعياد المرأة والأم والعمال..)، وتقديم مساعدات وإعانات من خلال صناديق الدعم الموجودة لدينا، كذلك تقام دورات تثقيفية للمرأة تعطي المرأة قوة دفع في مكان عملها، كما أطلق الاتحاد العام لنقابات العمال مشروع دعم اقتصاد الأسرة العاملة، الذي تضمن إقامة دورات مهنية ويدوية لأكثر من خمسين مهنة لتمكين الأسرة من خلال تدريب العاملة أو زوجة العامل أو ابنته على مهنة أو حرفة يستطعن بها دخول سوق العمل، وقد لاقت هذه الدورات صدى إيجابياً كبيراً، حيث تمكن كثير منهن من تطبيق ما تعلمنه على أرض الواقع وتحقيق مكسب مادي لهن، فالمرأة اليوم هي شريك فعّال وأساسي في مرحلة إعادة الإعمار.

تحية لهن
لا تزال قضية المرأة تلقى كل الدعم والتأييد على مختلف الصعد من خلال توفير جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعّالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا ما أكده السيد الرئيس بشار الأسد في خطاب القسم بالقول: (المرأة هي التي تنشئ وتربي الرجال والنساء وتهيئهم للمشاركة في بناء وطنهم، وهي التي تسهم في مختلف مواقع العمل في التنمية والتقدم، وهنا يتطلب أن نهيئ لها البيئة الملائمة لكي تكون أكثر فعالية في المجتمع وبالتالي أكثر قدرة على أداء دورها في التنمية).

وبما أن قوة أي مجتمع تنبع من المرأة كونها المعنية بعملية إعادة بناء الأجيال وتحصينهم فكرياً ووجدانياً وتنشئتهم على قيم التضحية والعطاء وغرس الانتماء الحقيقي إلى تراب الوطن، فإنها الأجدر بالتقدير والاحترام، فتحية لها وتحية لجميع النساء المناضلات اللواتي يسرن على درب العمل والبناء وصولاً إلى النصر الموعود.

ميس بركات