ثقافةصحيفة البعث

في عيدها.. المرأة السورية تتحدث عن دورها في تفعيل المشهد الثقافي

لطالما كانت المرأة السورية شريكة حقيقيّة في صناعة النجاح عبر المجالات المختلفة، وفي إضاءة على حضورها اللافت في المشهد الثقافي الذي حقّقت فيه الإبداع والتميز، وتزامناً مع عيد المرأة العالمي قدّم مشروع نوافذ الثقافي أربعة نماذج للمرأة السورية من خلال ندوة “دور المرأة في تفعيل المشهد الثقافي” التي أقيمت في مجمع دمر الثقافي، وقد أوضح مؤسّس نوافذ الإعلامي إدريس مراد أنه تمّ تخصيص هذه الندوة في عيد المرأة العالمي لأربعة نماذج سورية لهن بصمة في المجال الثقافي، ومن الضروري أن نولي الأهمية للمرأة السورية في كل الميادين ونقدم إضاءة عن دورها المهمّ.

الشغف

‎بدأت الندوة مع الإعلامية سلوى عباس التي تحدثت عن تجربتها الإعلامية في صحيفة “البعث”، الجريدة التي أحبتها، والتي تشكل محور حياتها، وعملها من خلال موقعها في الجريدة على استقطاب الأقلام الصحفية والأدبية وخصوصاً النسائية التي كان التعاون مع عدد منهن بلا ضفاف، وشكلن إضافة وقيمة حقيقية للصفحة الثقافية، ثم نوهت عباس بالمسألة الأهم في عملها الصحفي وهو مسؤوليتها تجاه جيل من الصحفيات اللواتي تشربن معطيات هذا العصر بكل ما أتاحته ثورة المعلومات من تقنيات وأدوات، جمعها بهن العمل فشكلّت معهن فريقاً أسرياً مهنياً يعتمد أسلوب التبادل المعرفي في التعاطي، كأمانة تجاه جيل سيتولّى يوماً ما البوصلة الإعلامية، وأن من واجبها أن تضعهن على الطريق الصحيح الذي يجعلهن ينجحن في عملهن، عبر تقريب المسافة العمرية والمعرفية بينها وبينهن وبما يتناسب مع رؤيتها ورؤيتهن للصحافة، فبيدهن مشعل الغد الذي تتمنى أن يكنّ رائدات فيه أيضاً، لأن الصحافة كما أي عمل إبداعي آخر تقوم على التراكم الثقافي والمعرفي، وهذا الشغف المهني تغذيه المثابرة والاهتمام، وأضافت عباس: لعلي كنت بمستوى المسؤولية تجاه نفسي وتجاه عملي وزميلاتي، وأن أكون قد أوصلت جزءاً من الرسالة الإعلامية التي حملتها خلال مسيرتي الحياتية والمهنية.

المشهد النسوي

‎من جانبها تحدثت الأديبة رولا حسن عن تجربتها في مجال الشعر والكتابة موضحة: عملت خلال فترة الحرب على ما يُسمّى بالمشهد النسوي في الرواية السورية، وبدأت منذ فترة خمسينيات القرن الماضي حتى عام 2012، حيث كان هناك نحو مئة رواية لروائيات سوريات على امتداد الجغرافية السورية، وقدّمت إضاءة على تجاربهن ورواياتهن ومميزات النص لديهن، كذلك ركزت في الشعر على الأقلام السورية الشابة من الجيل الجديد. ورأت حسن أن المرأة السورية كانت جريئة في الطرح الروائي والشعري وتجاوزت الخطوط الحمراء، واستطاعت أن تعبّر عن نفسها وتحقق ذاتها، لكنها بحاجة للدعم المؤسساتي، ومن دون دعم المرأة سيبقى عملها في الفراغ، ولفتت إلى أنه من الصعب التأثير بقوة في هذا الجو من الخراب الكبير الناتج عن الحرب، لكن أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام.

كذلك رأت الأديبة أماني المانع أن المرأة السورية إحدى دعائم الثقافة وعبّرت عن احتياجات المجتمع على اختلاف الأدوار وقدمت في جميع المجالات، فتحدّت الأوضاع وماتمرّ به البلاد والمزاج الذي يحكم عقولنا وقلوبنا، وأصبحت القنديل وقت الشدائد، حتى أنها فيما قدّمت كانت الأقرب في تغطية الجانب النفسي، فهي تمتلك القدرة بقلمها أو فكرتها أو ريشتها على جمع الناس على اختلاف الأعراق والانتماءات والأديان، وهنا يصبح دورها عظيماً ويفتح لتيار الحياة الجبار منفذاً، فالمرأة سلّطت الضوء وعالجت وقدمت الحلول ما استطاعت إليه سبيلاً ورسمت بذلك في المجال الثقافي ملامح خاصة، وهذا ما يُشهد به للمرأة السورية المثقفة في كل أنحاء العالم، وبرز دورها في رفع المستوى الثقافي والمساهمة في توفير بيئة ثقافية تفاعلية وإيجاد مساحات فكرية.

نشر الثقافة

‎من جهتها أكدت الكاتبة ثراء الرومي أنه تجمعنا اليوم مناسبة غالية هي يوم المرأة العالمي، نحتفل فيها بكل من يشعلن أصابعهن شموعاً للغد الآتي مهما كان الواقع قاسياً ومريراً، والمرأة التي غرست ثقافة العطاء في كل أرض خصبة أنتجت حماة الأرض والوطن، وهي التي تنشر ثقافة المحبة وتهب الوطن أعزّ ما يحتاجه، ثم تحدثت عن تجربتها الخاصة التي لا تنفصل عن التجربة الجمعية لكل سيدة في الوطن الحبيب، وأضافت: دوري كأم ومربية وناشطة في ميادين الثقافة الفكرية يحتّم عليّ أن أحاول ما استطعت ترميم ما تهدمه مفرزات التكنولوجيا وأن أساهم في إعادة ألق الكتاب، ولعلّ رسالتي في أدب الأطفال والترجمة تكمل هذه المهمة الإنسانية التي أتميز بأنني أحمل شغفها وهواجسها، والتي تتجسّد عند اختياري لنص أترجمه، سواء للأطفال أو للكبار، ليكون رافداً مهماً لرسالتي ودوري في الإبداع. ولفتت الرومي إلى أن نشر الثقافة ليس وقفاً على المرأة المثقفة والمتعلمة فحسب، فكم من أمهات -غير متعلمات- غرسن ثقافة الإبداع والاجتهاد في وعي أبنائهن.

لوردا فوزي