ثقافةصحيفة البعث

وضاح شاهين من سورية إلى العالم

بفيلمين خاليين من أي ممثل، وبمشاركة شخصيات حقيقيّة كانت أبطالهما، استطاع المخرج السينمائي وضاح شاهين مؤخراً انتزاع الجائزة الذهبية ضمن فعاليات مهرجان سيدني لأفلام الديكودراما للعام 2021 حيث نال جائزة أفضل سيناريو عن فيلم “خبز وجرح”، وجائزة أفضل إخراج عن فيلم “وحدك أنتِ” من بين 82 فيلماً على مستوى العالم. وقد عبّر شاهين في حواره مع “البعث” عن سعادته بهذا الإنجاز، لأن الحصول على جائزة في مكان ما يؤكد أن حكايتنا وصلت إلى عقل وقلب من تابعها، وبالتالي نكون كسوريين قد دحضنا الأكاذيب وأثبتنا أن سورية ولاّدة بالحضارة والفن على الرغم من كل ظرف قاسٍ تتعرّض له.

وكشعور شخصي تعني الجائزة لشاهين أنه أحسن الدفاع عن بلده وزاد إصراره على متابعة الطريق وإيصال الصورة الحقيقية لسورية، موضحاً أن قصص الفيلمين إنسانية واجتماعية حقيقية، قام بإيصالها بكل أمانة وبطريقة بصرية شيقة، ورأى أن أهم ما تميّز به الفيلمان تسليط الضوء على تجارب أشخاص يمكن أن يتلقاها المشاهد كدروس قيّمة في الحياة، ففي فيلم “خبز وجرح” الوثائقي تحدثت شخصيات حقيقيّة انتقاها شاهين من حياتنا وواقعنا للحديث عن تجاربها العاطفية في ظل الحرب، ليقول إن الحب هو أساس الوجود. وفي فيلم “وحدك أنتِ” تناول عدة قصص مؤثرة لأمهات الشهداء، ولنساء يتحدثن عن الأمومة، لنكتشف في النهاية أنهن لا ينجبن، وعن أمهات تحدثن عن حالات صحية حرجة لأولادهن.

المألوف بطريقة غير مألوفة

وكان وضاح شاهين منذ بداياته السينمائية يؤمن أن نجاحه يكمن في أن يرى المشاهدُ المألوفَ بطريقة غير مألوفة، مما يتطلّب الصدق في الطرح والجهد والجدية في العمل، والبعد عن التعقيد ونقل البساطة والعفوية، لذلك انطلق ومَن معه بمشروع كان شعاره “من سورية إلى العالم”، وكان الهدف نقل الصورة الصحيحة التي حاولت الكثير من الجهات المعادية لنا تشويهها ورسمها بطريقة دموية وإرهابية من خلال نقل تفاصيل يومية يعيشها السوريون عبر سلسلة من الأفلام واللوحات الدرامية، وقد تمّ عرض بعض هذه الأفلام في دار الأوبرا بدمشق ومن ثم في عدة عواصم لنقل صورة صادقة عن سورية، صورة مقاومة للأكاذيب والمخالب التي حاولت نهش وتفتيت الجسم السوري.

مثواها الأخير

ولا يخفي وضاح شاهين وهو العاشق للدراما أن الديكودراما تغريه، وخاصة في أيامنا هذه، حيث أصبحت الوثائقيات قريبة للمتلقي أكثر من الدراما غير الحقيقيّة لأنها تتمتّع بالصدق، ولاسيما عندما يكون بطل الفيلم هو نفسه الشخص الحقيقي الذي يتحدث عنه الفيلم، وعندما يستطيع المخرج تقديمه بحرفية ومهنية، وهو إن نجح في ذلك يكون قد حقّق الشرط الأساسي لنجاح العمل، متمنياً ألا يُفهَم من كلامه أنه يطعن بدراما هذه الأيام، مؤكداً أن كمية الاصطناع والأفكار الهزيلة المقدّمة فيها هي من طعنت بالذوق العام، إضافة إلى عدم وجود نص يقدّم فكرة جميلة فنية ترضي الذوق العام، إلى جانب قلة التمويل وغياب المنتِج المثقف وحضور المنتِج التاجر وسوق يفرض ما يريده. كل هذه الأمور تجعله يخشى أن تتحوّل الدراما إلى مثواها الأخير لعدم وجود مقومات النجاح لها، وفي مقدمتها تقديم أعمال تهمّ المُشاهد السوري وليس السوق الخليجية أو رغبة المحطات.

إذا غنّت فيروز

ويأسف وضاح شاهين لعدم وجود عمل سوري استطاع أن يعكس صورة الحرب، أو على الأقل أن يكون صادقاً فيها ولو ببضعة مشاهد بل على العكس، فبرأيه هناك أعمال أساءت لبلدنا لأن الحرب على سورية كانت قاسية جداً، منوهاً بأنه وعلى الرغم من ممارسته للكتابة الدرامية في بعض الأعمال التي أنجزها، إلا أنه يعترف أنه وإن كان يميل إلى الكتابة فإنه لا يملك جلَد الكاتب، مشيراً إلى أن في جعبته اليوم مشروع درامي بعنوان “على سبيل الحب” وفيلم “إذا غنّت فيروز” الذي حصل نصُّه على جائزة أفضل سيناريو في وزارة الإعلام منذ سنة ونصف ضمن مسابقة مديرية الإنتاج التلفزيوني، ولكنه مازال حبيس الأدراج ولم ولن يرى النور برأي شاهين إن لم يكن هناك دعم له من جهات حكومية أو خاصة تعي ما يريد أن يقوله الفيلم الذي يحكي عن سورية قبل وأثناء الحرب وبعدها، مع إشارته إلى أن الراحل الياس الرحباني قرأ السيناريو وأُعجب به وكانت كلماته جوائز ذهبية بالنسبة لشاهين، أما “على سبيل الحب” فيتناول قصص حب من منظور مختلف.

أمينة عباس