دراساتصحيفة البعث

محور العيون الخمس.. أي أهداف؟

عناية ناصر

وافق مجلس العموم الكندي على اقتراح غير ملزم يتهمُ سياسة الصين في منطقة شينجيانغ الأيغورية ذاتية الحكم، كما يدعو الاقتراح اللجنة الأولمبية الدولية إلى نقل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022 من بكين.

هذا الاقتراح جاء على خلفية اتخاذ كندا والمملكة المتحدة وأستراليا، الأعضاء الثلاثة في تحالف العيون الخمس، مؤخراً إجراءات للضغط على الصين، فقد شكّلوا تجمعاً متمركزاً حول الولايات المتحدة، عنصرياً، على غرار المافيا، استفز الصين عن قصد وبغطرسة ومحاولة ترسيخ هيمنته كما يفعل جميع أفراد العصابات. لقد أصبح محوراً عنصرياً يهدف إلى خنق حقوق التنمية لـ 1.4 مليار صيني.

أعضاء تحالف العيون الخمس جميعهم من البلدان الناطقة باللغة الإنكليزية، فقد جاء تشكيل أربع دول، باستثناء المملكة المتحدة، نتيجة للاستعمار البريطاني. وتشترك هذه البلدان في كونها تنتمي إلى ما يُسمّى الحضارة الأنكلو ساكسونية. لقد جُمعت دول العيون الخمس من قبل الولايات المتحدة لتصبح “مركز الغرب” يتملكها شعور قوي بالتفوق الحضاري. أصبحت الكتلة، التي كانت تهدف في البداية إلى تبادل المعلومات الاستخباراتية، الآن منظمة تستهدف الصين وروسيا.

وباستثناء نيوزيلندا، الأصغر بين الدول الخمس وغير الراغبة في الانخراط بشكل كبير في الصراعات الدولية، فإن الدول الأربع الأخرى تنسق بشكل متزايد هجماتها ضد الصين، متحوّلة بسرعة من آلية لتبادل المعلومات الاستخباراتية إلى مجموعة سياسية. ومع وجود لغة وخلفية تاريخية مشتركة، فإن مثل هذا المحور مقدّر له أن يؤدي إلى تآكل العلاقات الدولية، والسماح لأعمال الشغب بالارتقاء إلى المسرح الدبلوماسي في القرن الحادي والعشرين.

ونظراً إلى أن العيون الخمس منتشرة عبر القارات، فلدى هذه الدول الغطرسة لكونها تشكّل عالماً بحدّ ذاته. وقد تمّ تطوير المنظمات الإعلامية في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشكل خاص لتكون قادرة على السيطرة على الرأي العام العالمي باللغة الإنكليزية، مما يزيد من وقاحتها بالادّعاء بتمثيل المجتمع الدولي والرأي العام العالمي. لكن لا يمثل إجمالي عدد سكان دول العيون الخمس سوى ثلث سكان الصين، وهي بعد كل شيء، لا تمثل إلاّ مجرد جزء صغير من سكان هذا الكوكب.

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن مزاعم  تفوق البيض وحركات النازيين الجدد أصبحت “تهديداً عابراً للحدود الوطنية”، مستغلة جائحة فيروس كورونا لاكتساب المزيد من التأييد والدعم. ولسوء الحظ، حدث أخطر تهديد ناجم عن مزاعم تفوق البيض في دول العيون الخمس، إذ أصبح العداء تجاه مجموعات المهاجرين والدول غير الغربية هو الحامل الواقعي لهذا التفوق الأبيض، وحتى لحركات النازيين الجدد. وإذا كان توم كوتون، السيناتور الأمريكي، الذي طالب بإلقاء 90 مليون شيوعي صيني “في ركام التاريخ”، ليس من النازيين الجدد وعنصرياً متطرفاً، فمن هو المتطرف في هذا العالم؟!.

إن إدارة ترامب هي مثال نموذجي لتفوق البيض، والتي يحدّدها الرأي العام الأمريكي. كانت السياسات الداخلية والخارجية لإدارة ترامب ترتبط ببعضها البعض، كما أن أنشطة تحالف العيون الخمس تقاد من خلالها أيضاً. صحيح أن فريق ترامب ذهب إلى الماضي، لكن تمّ الحفاظ على إرثه الدبلوماسي الأساسي في مواجهة الصين إلى حدّ كبير، ولهذا فإن آلية تحالف العيون الخمس للمواجهة المشتركة مع الصين لم تعزّز فحسب، بل أدّت أيضاً إلى تسريع عملياتها.

وهنا يجب ألا يتمّ اختطاف الدبلوماسية العالمية في القرن الحادي والعشرين من قبل مجتمع دولي مزيف مع محور التفوق الأبيض. كما لا يجب السماح لأنانية هذا المحور أن تتنكر في صورة الأخلاق المشتركة للعالم، ولا يمكنه وضع أجندة للبشرية. ما يريدونه هو التعددية الزائفة، وما يسعون إليه في الواقع هو الشغب لتكريس دائرة مصالحهم الخاصة. ومن خلال مقاومة هذا المحور، لا تدافع الصين عن مصالحها فحسب، بل تدافع أيضاً عن تنوع العالم الحديث، الذي يقوم على الخيارات الحرة للناس والمسارات التي تتخذها البلدان المختلفة.