ثقافةصحيفة البعث

معتز ملاطيه لي: أسعى لتقديم عمل في غاية الإتقان

بعد عدة عروض في المسرح الراقص قدّمها ونالت الإعجاب والنجاح، يستعد معتز ملاطيه لي لتقديم عرضه المسرحي الراقص “الاستعراض الأخير” بالتعاون مع دار الأسد للثقافة والفنون على مدار ثلاثة أيام ابتداء من اليوم على مسرح دار الأوبرا، والعمل يرصد يوميات مخرج يستعد لتقديم عمله المسرحي الراقص.

وبيّن ملاطيه لي أن جمهور العمل سيشاهد عملية بناء عرض هذا المخرج (هاجسه، إبداعه، حالاته وأسلوبه في العمل)، وكذلك آلية عمل كل العناصر الفنية المشاركة في هذا الاستعراض وكل ما يحدث عادة خلف كواليس أيّ عرض، مشيراً إلى أن فكرة العرض قديمة، وكعادته كان دائماً يسجّل رؤوس أقلام للعديد من الأفكار التي تراوده، وقد حالَتْ جائحة كورونا في فترة سابقة دون ترجمة هذه الأفكار إلى عرض، وهو اليوم سعيد أن العمل سيرى النور، وقد اختار الفنان يحيى بيازي كبطل للعرض باعتباره كان أحد أعضاء فرقة جلّنار وسبق وشارك مع الفنان الراحل لاوند هاجو في بعض عروضه الراقصة وهذا يؤهله لتجسيد شخصية المخرج بإحساس الراقص. ونوّه ملاطيه لي بأنه استعان أيضاً براقصين محترفين من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية و20 طالباً من طلّاب قسم الرقص في المعهد العالي.
الجمهور ليس مسؤولاً
ورأى ملاطيه لي أن كل عرض يفرض أسلوبه وآلية التعامل معه، لكن الأهم بالنسبة له دائماً تقديم عمل في غاية الإتقان، دون أن يخفي أن تحقيق ذلك يتطلّب جهداً وتدريباً كبيراً لنقل رسائل العمل كما هي بعيداً عن أي ظرف يعيشه الراقص، والذي يجب أن يتركه جانباً بمجرد وقوفه على خشبة المسرح إيماناً منه بأن الجمهور ليس مسؤولاً عن كل ما قد يمرّ به الراقص الذي يجب أن يتجاوز أي صعوبة أو حالة يمرّ بها، وهذا أهم درس يحاول ملاطيه لي تعليمه للطلاب في قسم الرقص.
بعيداً عن الحرب
كتب سيناريو “الاستعراض الأخير” ملاطيه لي كعادته في كل العروض التي قدّمها، مؤكداً أن النصوص الجاهزة والمكتوبة من قِبل الآخرين لا تغريهِ لأنها تشكل له قيداً، خاصة وأنه لا يعتمد على كتابة نصوص وإنما على تقديم حالات يكتبها تباعاً لتشكل في النهاية نصاً يمكن ترجمته على خشبة المسرح، مبيناً أنه وفي الوقت الذي كان فيه أغلب المخرجين في فترة الحرب يقدّمون عروضاً عن الحرب وآثارها كان دائماً يبتعدُ عن هذا الموضوع في أعماله لإصراره على ضرورة إخراج المُشاهد من دائرة الحرب التي عاشها وعرِف خباياها، والعمل على تقديم وجبة فنية يتمتعُ بها وينسى فيها ما عاشه ويعيشه في ظل الحرب.
وعن عنوان هذا العرض واعتقاد الكثيرين بأنه هو من سيكون بطله، أكد ملاطيه لي أنه لم يفكر أبداً بأن يقوم بتجسيد هذه الشخصية رغبة منه بالتفرغ لعملية الإخراج بشكل كامل ورفضه توزيع جهده بين التمثيل والإخراج حرصاً منه على عدم الوقوع في أي مطب أو إحداث أية ثغرة فيه.
الابتعاد عن التقليد
وعن سبب قلة مثل هذه العروض أشار ملاطيه لي إلى أنها أعمال تحتاج لميزانية كبيرة في سبيل تقديم عمل لائق وجديد، وهو اعتاد أن يُقدّمَ عملاً يستنفد فيه كل الأمور إلى الحدّ الأقصى، وهو في هذا العمل تعاونَ مع دار الأسد للثقافة والفنون التي وفّرت ميزانية سيعمل من خلالها على تقديم عمل لائق، مؤكداً أن جميع المشاركين فيه انضموا إليه لإحساسهم أن العمل سيحقق النجاح المطلوب، منوهاً بأن الفرَق التي تُقدّم أعمالاً تحت اسم “المسرح الراقص” هي أعمال استعراضية وليست عروضاً مسرحية راقصة، لقناعته بأنه حتى الآن ليس لدينا مسرح راقص بكل معنى الكلمة وأن معظم الفرق تُقدّم لوحات راقصة، في حين أن المسرح الراقص هو مسرح له مقوماته وعناصره، موضحاً أن عروض المسرح الراقص باتت عالمياً بعيدة عن المضمون الإنساني وهي تتجه بحكم التطور التكنولوجي الكبير نحو ما هو تقني، إذ أن أغلب العروض تقدّم مهارات حركية مع دمجها بما هو تقني وبصري، معتمدة على الإبهار البصري، إضافة إلى الرقص، في حين أن ما يُقدَّم في سورية ما زال يهتمّ بما هو إنساني مبتعداً عن البهرجة البصرية والتقنية، مع إشارته إلى وجود محاولات مبشّرة بالخير على صعيد هذا المسرح في سورية، وتأكيده على ضرورة الابتعاد عن التقليد والبحث فيما هو خاص بنا.
تفاؤل
وعلى الرغم من أن قسم الرقص في المعهد العالي يقوم بتخريج عدد من الراقصين المحترفين إلا أننا نفتقد لأعمالهم، والسبب برأي ملاطيه لي الحرب والوضع الاقتصادي الذي أثّر على أغلبية الراقصين، إذ لا يمكنهم العيش من خلال العروض القليلة التي تُقدّم من قبل بعض الفرق الخاصة، إضافة إلى هجرة عدد كبير منهم أو سفر البعض لإكمال الدراسة، ومع هذا يبقى ملاطيه لي متفائلاً بواقع القسم الذي يُخرّج سنوياً راقصين جدداً.
يُذكر أن “الاستعراض الأخير” من بطولة يحيى بيازي، حمود شباط، إعداد وتأليف موسيقي سيمون مريش، سينوغرافيا غيث المحمود، أزياء أحمد منصور، مكياج خولة ونوس.
درس معتز ملاطيه لي في معهد الرقص بجامعة تشارلز 1986 وكُلف بالإشراف على فرقة زنوبيا للفنون الشعبية 1990. أسس فرقة جمرة للرقص 1994. أول عرض له قدّمه من خلال المسرح القومي بعنوان “إلهام مبلل” 1996. أشرف على افتتاح بعض المهرجانات كمهرجان المحبة في اللاذقية، كما صمّم حفل افتتاح العديد من الدورات الرياضية وحفل افتتاح بطولة غرب آسيا 2006. درس في المعهد العالي للفنون المسرحية– قسم الرقص منذ تأسيسه 1996 وتسلم رئاسة قسم الرقص في المعهد العالي لعدة سنوات، وهو مشرف على مشاريع التخرج في القسم، له مشارَكات في أكثر من خمسين عملاً مسرحياً كمصمّم للرقص، ومن أعماله: شوية وقت، ضجيج وحنين، ملذات شخصية.

أمينة عباس